إن الردّ الشعبي والإعلامي على قصف دولة إسرائيل للفلسطينيين سكان غزة، والعمل الإعلامي الحثيث لذلك العدوان، كشفا مدى قوة الدعاية التي يتعرّض لها مواطنو دولة إسرائيل بخصوص ممارسات دولتهم، وكشفا ضخامة الأكاذيب التي تطعمها مؤسّسات الدولة والإعلام الحرّ المزعوم لمواطني الدولة. هذه الأكاذيب، من تستّر وتشويه، تشكل الأساس الأيديولوجي الضروري لمواصلة دعم مواطني الدولة للجرائم التي تقترَف باسمهم. هذه الممارسات المعقّدة لا تبدأ، بطبيعة الحال، خلال قصف إسرائيل لسكان غزة ولا بالتحضير الفوري لمواطني إسرائيل لها. بل إنّ بداياتها تعود إلى بدايات الدولة وحتى بدايات الصهيونية.

 الصندوق القومي الإسرائيلي يتخذ وجهة مشابهة حين يرفض من خلال المماطلة القانونية والبيروقراطية، تقديم صور من أرشيفه إلى ذاكرات. فقد طلبت الجمعية الصور لمعرض صور، قيّمته أريئيلا أزولاي، وهو يتناول تاريخ البلاد في السنوات 1947-1950. لهذا الغرض تبحث الجمعية عن صور في مواقع عامة وخاصة.
 
إن أرشيف الصندوق القومي الإسرائيلي هو هيئة عامة لديها مجموعة كبيرة من الصور المفتوحة أمام الجمهور ويسمح مقابل مبلغ مالي باستخدامها لأغراض مختلفة (نشر كتب، كاتالوجات، معارض وما شابه). توجّهت ذاكرات إلى أرشيف الصندوق القومي الإسرائيلي في تشرين الثاني 2008 بطلب شراء صور للمعرض. وعلى الرغم من أنه مؤسسة عامة يفترض أن تكون المواد التي يتضمنها مفتوحة ومُتاحة للجمهور الواسع، فقد كان رد الصندوق القومي الإسرائيلي، من خلال محاميه، أن تقديم الصور مشروط بمصادقة المستشارة القضائية للصندوق القومي الإسرائيلي. فتمّ الردّ على توجّه ذاكرات بسلسلة من الأسئلة حول نوعية المعرض، ومنها تفوح رائحة حادة من التحقيق الأيديولوجي بدوافع سياسية.  وفي جميع الأحوال قيل لنا إنه بعد مصادقة المستشارة القضائية سيتمّ تحويل المسألة إلى إدارة الصندوق القومي الإسرائيلي. تجتمع إدارة الصندوق القومي الإسرائيلي مرة في الأسبوع، وتمّ التعهّد لذاكرات مرارًا وتكرارًا بأنه سيتمّ بحث الموضوع "الأسبوع القادم". حتى الآن لم نتلقّ من إدارة الصندوق القومي الإسرائيلي جوابًا على توجّهنا بتلقّي الصور. لدينا اشتباه جدّي بأن هناك محاولة لفرض رقابة على المعرض خلف هذه المماطلة والتلكؤ في الإجابة. إن الصندوق القومي الإسرائيلي يسلك بشكل مشابه مقابل ذاكرات في موضوعين آخرين على الأجندة: وضع لافتات في مواقع  الصندوق القومي الإسرائيلي بحيث تشير إلى القرى الفلسطينية التي دُمّرت في النكبة، وإعادة وضع لافتتين تمّ تخريبهما في "بارك كندا" وتمّ فيهما الإشارة إلى قريتي عمواس ويالو اللتين كانتا هناك حتى عام 1967.

في هذه الحال، لم يبقَ أمام ذاكرات أيّ مفرّ سوى الشروع بإجراء قضائيّ ضد الصندوق القومي الإسرائيلي، يشتمل على مطلب إلزامه بالسماح للجمعية باستخدام الصور. بتاريخ 28/1/2009 سيتوجه المحاميان ميخائيل سفارد ونيطع باتريك إلى المحكمة بهذا الشأن. تكلفة هذه الدعوى هي استثناء في ميزانية الجمعيّة، وبهذا نتوجّه إلى الجمهور بطلب تمويلها. نحن نشكركم على كلّ تبرّع. إن المعركة ضد عدالة دولة إسرائيل ضد مواطنيها ومن يعانون احتلالها ليست ترفًا للعهود الهادئة. إنها معركة ضرورية من أجل البدء بوقف حمّام الدماء.