في يوم 8/3/2007 احتفت ذاكرات بمرور خمس سنوات على تأسيسها. نحو 70 رجلاً وامرأة اجتمعوا للاستماع إلى عدد من الزميلات والمؤيّدين الذين أعربوا عن رأيهم في ما يتعلّق بأهمية وجود ذاكرات ونشاطها بالنسبة إليهم. أعضاء الطاقم من النساء قدّمن المتكلّمين المختلفين، أمّا رنين جريس فقد أثارت المشاعر بأغنية حنين إلى فلسطين يُغنّيها أحمد قعبور، فلسطينيّ يعيش في لبنان. سلمان أبو ستة وصلاح منصور بعثا هما، أيضًا، بكلمات إلى ذاكرات. كما تلقّت ذاكرات التهانيَ عبر البريد الإلكترونيّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة أريئيلا أزولاي

لو لم تكن جمعية ذاكرات قائمة – لكان يجب إيجادها.‏
لماذا؟

لأنّه من الصعب أن نتخيّل حياتنا في الواقع المظلم هنا في السنوات الخمس الأخيرة من دون ذاكرات، من دون وجود إطار، حتى إن كان لا يزال صغيرًا ومتواضعًا، يُمكن فيه التفكير بعيدًا عن رعاية الكذب وخارج ظله.

ولكن، هل كان من البساطة إلى هذا الحدّ إيجاد ذاكرات قبل أن تنوجد ذاكرات؟

يبدو لي أن الإجابة عن ذلك سلبية، ومن هنا تنبع قوّة ذاكرات. في واقع عالم المصطلحات السياسيّ فيه آخذ بالانكماش، ليتمكّن من الاستمرار في خدمة الاحتلال بنجاعة وتجنيد عمّال جُدد لخدمته، نجحت ذاكرات في مأسسة نفسها خلال وقت قصير كحقيقة قائمة، كموطئ قدم سليم لحوار مدنيّ آخر بين مواطني الدولة العرب واليهود.

صنعت ذاكرات إطارًا حقيقيًّا يُمكن من خلاله رواية حكاية هذا المكان ليس من منظور يهوديّ، فقط.

المصطلح نكبة، الذي تفرضه ذاكرات بعناد وإصرار مستمرّين على اللغة العبرية، يقوم بدور جدار من الحجارة في مواجهة لغة الاحتلال التي تهدّد بابتلاع أيّة مقاومة إلى داخلها. إصرار ذاكرات على مصطلح النكبة، على غرابته، على أحجيته، على التهديد الحيّ الذي يحمله بالكشف عن أسرار هذا المكان وأكاذيبه المكبوتة، نابع كلّه من إدراك أنه بدون ما يُمثّله، لن يكون في الإمكان ترميم مواطنتنا، عربًا ويهودًا على حدّ سواء، وأن نقيم هنا دولة لا تأكل ساكنيها.

ذاكرات، وشكل النشاط والحوار الجديد الذي تقترحه، هو خطوة أخرى، ضرورية، في الطريق إلى دولة مدنية، دولة فيها القومية مفصولة عن الدولة، وجميع المحكومين هم مواطنون وجميع المواطنين سواسية.

لو أنّ عناد وإصرار ذاكرات على الاهتمام بـ 48 كان سيتقلّص إلى مشروع تخليد ذكرى، لكانت فقدت الماهيّة المدنية لنشاطها. اختيار جمعية ذاكرات عدم تقديس الذاكرة بل جعلها رافعة لفكر مدنيّ عَلمانيّ يُمكن في إطاره اعتبار فصل القومية عن الدولة وتخيّل علاقات مُعَلْمَنة بين المواطنين والسلطة، هو الشيء الجديد الذي تقترحه جمعية ذاكرات.

وكما قلت في بداية كلمتي، لو لم تكن ذاكرات قائمة، لكان يجب إيجادها. لأنّه من دون هذا الإجراء، إجراء عَلمانيًّا سيُتيح هنا وجودًا مدنيًّا لجميع المحكومين، ووجودًا قوميًّا محدودًا ومحليًّا للجماهير المهتمّة بذلك، لن يكون لهذا المكان أمل. إنّ ذاكرات تقترح خطوة حقيقية لتغيير نظام الحكم في إسرائيل، من نظام حكم قوميّ إلى نظام حكم مدنيّ عَلمانيّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

كلمة سلمان أبو ستة

الأخوات/الإخوة والعضوات/ الأعضاء في ذاكرات‏

فكرة "ذاكرات" نشأت قبل خمس سنوات لهدف عدم نسيان اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم. إنها فكرة سامية من بنات أفكار إيتان برونشطاين وقد انضمّت إليه مجموعة من الفلسطينيين واليهود الذين ينادون بالحقيقة والعدل. رسالة ذاكرات لا تأتي للتذكير بالماضي البعيد، كما يُتذكّر اليونانيون والرومان، إنما هي رسالة من أجل المستقبل، رسالة أمن، عدل واستقرار، ستسود مع إعادة الحقوق إلى أصحابها، فقط، مع عودة الفلسطينيّ إلى بيته وإلى أرضه وترميم هُويته الوطنية.

مرّت تسعون سنة على تعرّض الشعب الفلسطينيّ للهدم، التمزيق، الاقتلاع والتشتيت. مرّت تسعون سنة، منذ أن قام الاستعماريّون الكولونياليّون الأوروبيون سايكس، بيكو وبلفور بالتآمر على تمزيق فلسطين إرْبًا إرْبًا وتشتيت شعبها.

منذ عام 1948 وقعت خمس حروب كبيرة ومئات عمليات الهجوم البرية، البحرية، والجوية، عشرات حركات المقاومة، ثلاث انتفاضات شعبية. أرغم الشعب الفلسطينيّ على الفِرار إلى مخيّمات اللاجئين، عانى ولا يزال يعاني من وطأة الاحتلال. هل، في أعقاب ذلك كلّه، استقرّ وضع الغاصب والمحتلّ؟ لا. هل يتمتع بالأمن في أعقاب الجرائم التي ارتكبها؟ لا. هل تنازل الشعب الفلسطينيّ عن حقه في العودة؟ حتى المهجّرون على بُعد كيلومترات معدودات لديكم؟ بالتأكيد لا.

ما جرى في فلسطين عام 1948 هو الحملة المُبرمجة الأكبر في تاريخ فلسطين للتطهير العرقيّ، إذ إنّ 85% من سكّانها تمّ طردهم خلال بضعة أشهر. وسكان 675 مدينة وقرية تمّ طردهم بعد أن كانوا يسكنون منذ مئات السنين على أرضهم فلسطين. 93% من أراضي دولة إسرائيل اليوم هي أراضٍ تعود ملكيتها إلى الفلسطينيين.

هل من المُمكن أن يستمرّ هذا الوضع على ما هو عليه؟ بالتأكيد لا. الأسباب واضحة إلاّ أنّ السياسيين والإعلام المُضلّل يُخفون الحقائق ويُضلّلون الناس البسطاء.

نحن اليوم في القرن الواحد والعشرين، عصر الاستعمار والاستيطان ولّى، وانتهت العنصرية والهيكل الأخير للتفريق العنصريّ في جنوب إفريقيا قد انهار، فهل ستكون إسرائيل الحالة الشاذّة الوحيدة في العالم؟ دعوني أقدّم لكم هذا المثال البسيط: في إمكان الهرم أن يقف مستقرًّا على قاعدته العريضة آلاف السنين – كما في مصر – لكن كيف يُمكنه أن يقف مقلوبًا على رأسه من دون ذرعان داعمة قويّة تجعله مستقرًّا في هذه الحالة الغريبة؟ لقد علّمنا التاريخ أنّه ليست هناك إمكانية للحصول على هذه الذرعان القويّة لفترات طويلة. لقد علّمنا التاريخ أنّ الحقيقة والعدل، فقط، هما قاعدة الأمن والاستقرار.

أتيحت لي فرص للتكلّم أمام جماهير عديدة في عشرات الدول العربية، الأوروبية والأمريكية. فعدا الدول العربية – حيث يُمكنكم أن تخمّنوا مواقف الناس – وجدت في جميع الدول الأوروبية ولدى قسم من الجاليات الأمريكية حالات من إبداء التفهّم التامّ لحقوق الفلسطينيين وشجب أفعال إسرائيل في هذه الأيام وفي الماضي. إنه تحوّل كبير منذ حرب 67، فعندها كنت تجد أشخاصًا في الغرب يرقصون في الشوارع فرحًا بهزيمة العرب واحتلال أراضيهم.

اليوم، الرأي العامّ الدوليّ مؤيّد ومُساند أكثر فأكثر لحقّ الفلسطينيين. وفي عصر الإنترنت والبثّ عن طريق القمر الاصطناعيّ والاتصالات السريعة، لا يُمكن تجاهل هذه القوّة الجديدة، قوّة الضمير وتعزّز الرأي المُنادي بإقامة العدل.

كواحد يعيش منذ سنوات طويلة في الغرب، في إمكاني أن أشهد أنّ الإعلام الإسرائيليّ لا يحظى بالصدى الذي كان يتمتع به سابقًا، حتى بين اليهود في الغرب.

أنتم على معرفة بالتأكيد، بأنّ مجموعات من اليهود أسّست في إنكلترا وبقية الدول الأوروبية وكذلك في أمريكا، تقوم بشجب سياسة إسرائيل وتنادي بمقاطعتها، وتصرّح بأنّ هذه السياسة لا تمثّل جميع اليهود.

كما أنكم تعلمون بالبحث المعروف الذي نشره محاضرون أمريكيّون ‏WALT‏, ‏MEARSHEIMER‏ الذي يشجبون فيه إذعان السياسة الخارجية الأمريكية لإملاءات إسرائيل، وأنتم، بالتأكيد، تعرفون كتاب ‏JIMMY CARTER‏ "فلسطين، سلام لا تفريق عرقيّ"، وفي الجبهة الداخلية، بالتأكيد، تعرّفتم إلى الكتاب الرائع الذي نشره إيلان بابه "التطهير العرقيّ في فلسطين"، الذي يقوم بتوثيق ما قاله الفلسطينيّون طوال 60 عامًا ولم يُنصت إليهم أحد.‏

ومن هنا، فإنّ نشاط ذاكرات نشاط رياديّ، مهمّ وأصيل، لأنها تنفض الغبار عن الحقيقة المخفيّة التي قام جهاز التربية والتعليم في إسرائيل بإخفائها، في حين أنّ كلّ الناس في العالم يعرفونها.‏

نشاط ذاكرات هو جرس الإيقاظ لليهود الإسرائيليين الذين أخلدوا إلى النوم قبل ستة عقود على حكاية خيالية عن الخلق الأسطوريّ لدولة إسرائيل. إنّ ذاكرات بذلك تقدّم خدمة لهؤلاء من خلال مناداتها بكشف الحقيقة وإعادة الحقّ إلى أصحابه.

أمّا بالنسبة إلى الفلسطينيين، فإنهم لم يتنازلوا عن حقوقهم، قطّ. رأيت أطفالاً في ستوكهولم ونيويورك، وفي عمّان، دمشق وبيروت، طبعًا، جيلاً ثالثًا للجوء، يقولون إنهم من قرية الشيخ مُوَنِّس أو من سعسع أو من عراق المنشيّة.

في العالم اليوم مئات المنظمات الخاصة بعودة اللاجئين. فقد أخطأ بن غوريون عندما قال: "الكبار سوف يموتون والصغار سوف يُنسَوْن". صحيح، إنّ كثيرًا من الكبار قد ماتوا إلاّ أنهم زرعوا البذوز في الصغار. الصغار كبروا، تعلّموا، توزّعوا ونشروا رسالتهم في كلّ مكان في العالم. إنهم – لا شكّ – سيعودون إلى بيوتهم.

كما صدر هذا الشهر كتاب وأطلس قمت بتأليفه، اسمه "طريق العودة"، أرجو أن يصلكم قريبًا.
ومن هنا، إنني أرفع بكلّ عزمي وجوارحي التهاني إلى أعضاء ذاكرات كما أهنّئهم على تمسّكهم بالحقيقة، لأنّ الحقيقة، فقط، هي التي تبقى إلى الأبد.

أشكر إيتان برونشطاين الذي دعاني للتحدّث أمامكم.

سيأتي اليوم الذي سيقول فيه اليهود:
رغم فترة المذابح وطرد الناس والاستيلاء على أملاكهم وأراضيهم، التي لا نفخر بها، كان من بيننا من ناصروا العدل والحقيقة بشجاعة وإصرار. كانوا كشمعة في الظلام. هي بقيت وهو انتهى.
في النهاية، أرجو لكم تحقيق مزيد من الإنجازات والنجاحات في نشاطكم.‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

كلمة صلاح منصور

سلام للجميع.
أنا صلاح منصور، مؤسس ومدير ‏palestineremembered.com‎‏. أرجو أن تكونوا قد تعرّفتم إلى الموقع، الجمهور الأكبر للفلسطينيين في الشبكة، غالبيتهم لاجئون.
إنه لشرف كبير أن أتكلّم معكم اليوم. أن أتكلّم معكم عمّا تقومون به وعن أهميّة ذاكرات، منظمة مهمّة للإسرائيليين والفلسطينيين. قلت لكم إنّ ذاكرات منظمة مهمّة، ولكن لم أبيّن لكم سبب كون ذاكرات مهمّة. الأمر الأهمّ الذي أراه، هو أنّ ذاكرات تُعطي الأمل. إنها تُعطي الفلسطينيين والإسرائيليين الأمل. هذا يُعطي الفلسطينيين الأمل، لأنها المرّة الأولى التي نرى فيها أنّ الإسرائيليين يهمّهم أمرنا، فعلاً. إنه إحساس مهمّ جدًّا. ألاّ تكون وحدَك، أنّ هناك تعاطفًا، أنّ هناك إسرائيليين يعرفون ما مررنا به. إنّه مهمّ بالنسبة إلينا أكثر من أيّ شيء، أن نعرف أننا لسنا وحدنا. وهذا مهمّ جدًّا بالنسبة إليكم، أيضًا، أنتم – الإسرائيليين.
إنكم تواجهون الأمر المركزيّ في الصراع. الأمر المركزيّ هو التطهير العرقيّ وطرد الفلسطينيين. ليست لهذا علاقة بالدين. إنه صراع سياسيّ خالص. لذا فإنّ حله مهمّ جدًّا.
إننا موجودن في هذا الصراع منذ 59 سنة تقريبًا، وأكثر، وقد توصّلنا إلى نتيجة أنه إذا لم نعالج هذه المسائل الجوهرية، فإنّ كلّ ما سيسري بيننا في أحسن الأحوال هو هُدنة أو وقف إطلاق نار، إلاّ أنّ ذلك لن يحلّ الصراع. ما تقومون به هو وضع الأسس لحلّ الصراع، لوقت لا بُدّ له من آخر، يجب أن يكون له آخر.
إنّه لمن المهمّ جدًّا أن يُصبح كلّ ما تقومون به، كلّ ما توثقونه، عمليًّا جدًّا. في لحظة معيّنة، عندما تكون هناك رغبة لدى الناس في العثور على المعلومات، سيجدونها هناك، بالضبط.
وكذلك، لماذا وجودكم مهمّ، في إسرائيل بشكل خاصّ، لأنكم تقومون بتوعية الإسرائيليين للمواضيع الجوهرية الخاصّة بالصراع. عملكم في الميدان، وقد توصّلت إلى استنتاج أنّ كثيرًا منّا، نحن – الناشطين، راهنّا على الحصان الخطأ طوال الـ 50 سنة الأخيرة.  نحن، برهاننا على الحصان الخطأ، حاولنا أن نقنع العالم الغربيّ. إلاّ أنّ الغرب لن يحلّ المشكلة. كانت المشكلة إسرائيل. الغرب يظنّ أنه يجب أن يُحرّر نفسه من الشعور بالذنب لسبب الكارثة. كما أنني لا أطالب بخراب دولة إسرائيل. لكنّ المهمّ هو، النقطة المهمّة هي، أنّ كثيرًا منّا قد اكتشفوا أنّ ما هو مهمّ فعلاً، هو التكلّم وتربية وتعليم الناس في الميدان. هؤلاء هم الأشخاص الذين يملكون القوّة. على أمل، أن تتمّ ترجمة قوّة المعرفة إلى قوّة سياسية في مكان ما في ما يلي من الطريق. عندما يقوم الناس بالتنظم في الميدان ويقومون بالتوعية للموضوع. عملت في الموقع طوال 17 سنة، وقد توصّلت إلى الاستنتاج أنّ الغرب لا يهمّه.
لكي يتغيّر شيء، يجب أن نقوم بهذا. لهذا السبب بدأت باستثمار الوقت، الجهود، النقود، البرمجية، لتوعية اللاجئين لمشكلتهم وللإسرائيليين.
هل تعرفون، مجهودكم مُقدّر جدًّا، وإنّ ذلك يُعطي الأمل مرّة أخرى. لأنه إذا لم يكن لدينا أمل، فإن ذلك سيكون صراعًا مدمّرًا. يجب أن نخرج من هذه الدائرة.
زوجتي السابقة تركيا الأصل. وقد أريتُها عملكم وما تقومون به فعليًّا، وقد تفاجأت جدًّا من أنّ عملاً كهذا، أصلاً، يقوم به إسرائيليون، إسرائيليون يهود وفلسطينيون.
هنا في الغرب، نعتقد أنّ كلّ اليهود الشيء نفسه. إنها نقطة مهمّة جدًّا قد لا أكون أكدتها في وقت أبكر. نحن، في الخارج، غربيين، فلسطينيين، مسلمين، ومسيحيين، نعتقد أنكم جميعًا مجموعة واحدة، كلكم صهيونيّون، جنود. من المهمّ جدًّا أن تكون هناك وجوه أخرى، إبداء أنّ هناك أكثر من نوع من الإسرائيليين. يهمّنا أن نعرف أنّ هناك، فعلاً، إسرائيليين يهمّهم أمر الفلسطينيين.
‏... عندما تُرون خريطة للقرى المهدّمة وتطلبون من أشخاص وضع علامات على الخارطة. حقيقة أنكم تأتون بأناس معًا، للقيام بشيء كبير إلى هذا الحدّ، في ساحة رابين، على الأرض، إنها وسائل ذات فاعلية كبيرة جدًّا. رأيت ذلك قبل بضع سنوات. وأوشكت أن أبكي. ليس أنني رأيت أشخاصًا يقومون بذلك، لا، رأيت إسرائيليين يقومون بذلك. إنكم تقومون بذلك وتقولون أنا إسرائيليّ وأنا أعلم أنه كانت هنا قرية مهدّمة. في كلّ مرّة أجلس فيها مع أصدقائي ونتحادث عمّا تقومون به، كلّنا نقول شكرًا لك يا ربّ على أنّكم هناك، على أنّ هناك أحدًا.
هناك أمر واحد مهمّ جدًّا بالنسبة إليّ أن اؤكّده للجميع. إنّه، عمليًّا، الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى ما تعتقدونه. لأنكم، عمليًّا، تقومون بإحضار إسرائيليين وفلسطينيين، معًا، إلى الميدان. هل تعلمون أنّ أغلب الأشخاص الذين يدخلون الموقع هم إسرائيليون. إنكم تأتون بإسرائيليين وفلسطينيين معًا، ليس من خلال الحواجز، هذا هو المكان الوحيد الذي يُمكننا أن نتحادث فيه. ما أحاول قوله هو أنّ السياسيين من الجانبين قد خيّبوا آمالنا بأن يكونوا مسؤولين عن إحضار أناسٍ معًا لتبادل المعلومات، ما تقومون به هو هدم هذا الجدار، إنكم تأتون بنا معًا. ليست هناك أيّة إمكانية كانت ستُتيح لي التحادث مع إسرائيليين لولا عملكم. هذا الجدار من الجهل، الكراهية، يجب إسقاطه، إنّه هدّام، إذًا ما تقومون به هو جلبنا، معًا. إنها وسيلة مهمّة جدًّا وقويّة جدًّا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

كلمة ميخائيل سْفارْد

محطتان في حياتي بلورتا لديّ الوعي أو العدسات التي أرى من خلالها الواقع: الأولى هي دورة الإرشاد للقاءات بين العرب واليهود في مدرسة السلام في واحة السلام؛ والثانية هي واقعتي مع ذاكرات. هذا الاشتغال بالقرى الفلسطينية المهدّمة هو أمر لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن أعمل فيه. قصة بستان كندا كانت قصة فتحت عينيّ بصورة غير عادية. المحامي الذي يعمل على ملفّ معيّن، يعيش معه لفترة، إنه يُفكّر فيه وهو يقوم بأشياء أخرى، أيضًا، وفي كثير من الأحيان يتخيّل رؤية الزبون. لكنّ الزبون هنا لا شكل له، إنه منظمة، جسم معيّن يمثّل، عمليًّا، شيئًا أعمّ بكثير. لذا عندما فكّرت في بستان كندا وعندما صُغت الالتماس، حاولت أن أتخيّل أولئك الأشخاص الذين كانوا يسكنون في ما يُعرف اليوم ببستان كندا. وعندما حاولت أن أتخيّل ذلك، وعندما بدأ إيتان يُرسل إليّ موادّ وصورًا وشهادات وما إلى ذلك، فجأة، هذا الماضي غير الموجود هناك بعد، أصبح حيًّا جدًّا لديّ. ومن اللحظة التي أصبح فيها حيًّا، بُعث لديّ في الرأس المزيد الكثير من القرى والأماكن الأخرى. في تلك الشوارع التي سافرت فيها سابقًا، ولم تكن فيها قرًى ولم يكن هناك مهجّرون، ولم يكن فيها لاجئون ولم يكن هناك أيّ مطرودين، واؤكد لكم أنني كنت هناك كثيرًا من المرّات، فجأة كانت هناك. فجأة ارتفع نبات الصبّار بصورة لا تبدو مصادفة، وفجأة موجات من الحجارة التي قذفت هباء، بدت لي كبقايا شيء، وهكذا في كلّ شارع وفي كلّ ممرّ في هذه البلاد، سافرت فيه كثيرًا من المرّات قبل أن أعالج ملفّ بستان كندا. وكأنني شعرت بأن إيتان يخطو من خلفي ويضع قرًى على جانبي الطرقات. دعك من الحديث عن منطقة الرملة – اللد التي أصبحت بالنسبة إليّ منطقة كلّها حيوية، وأرى الناس يمشون داخل قراهم وأقول لنفسي، ها أنا قمت هنا بخدمتي العسكرية المجانية، في فرقة الناحال في كيبوتس جيزر، في المنطقة نفسها التي كنّا فيها طوال سنة كاملة، وفعلاً، لم يكن هناك أيّ شيء حينها. لم تكن هناك أطلال لهذه القرية أو تلك. وفجأة، منذ تقديم الالتماس على بستان كندا، بدا كلّ شيء مليئًا بالمطرودين والمهجّرين وبقرًى جميلة، مثيرة للاهتمام. وقد كان ذلك بالنسبة إليّ تغييرًا. فاليوم، أنا لا أستطيع النظر إلى البلاد التي أعيش فيها بصورة أخرى. أصبحت أرى شجر الصبّار، أصبحت أرى المباني المهجورة، المباني المهدّمة. في كلّ شيء أقوم به أرى ماضي هذا المكان. ليس هذا بالأمر البسيط. إنّ ذلك يُصعّب الحياة جدًّا، إنّ ذلك يُصعّب الحياة جدًّا جدًّا. لكنّ ذلك يُعطي – مثلما قلت – قدرة معيّنة على رؤية أشياء لم أرَها من قبل.

لا أستطيع أن أنهي عرضي عن علاقتي بذاكرات من دون أن أقرأ عليكم رسالة تحتلّ مكانًا محترمًا لديّ في المكتب. أنا جامع قسريّ لطائفة مختلفة من الرسائل المثيرة للاهتمام، المُضحكة، الحزينة. هذه هي الرسالة الأولى التي تلقيناها ردًّا على طلب وضع لافتة تذكارية للقرى: يالو عمواس، وبيت نوبا، التي أنشئ عليها بستان كندا. من يقوم بإدارة بستان كندا هو الصندوق القوميّ الإسرائيليّ، لذا تمّ توجيه الرسالة الأولى إليهم، بطلب وضع اللافتة، على حسابنا، كما أضفنا أننا على استعداد لصيانتها. كان هذا هو الردّ الأول، قبل وقت طويل من تقديمنا التماسًا لمحكمة العدل العُليا، من ديوان المستشارة القانونية لرئيس مجلس إدارة الصندوق القوميّ الإسرائيليّ:
‏"نعتذر عن أنّ الصندوق القومي الإسرائيليّ لا يرى أنّه يقوم بمعالجة مواضيع ذات طابع سياسيّ. لذا فإننا نقترح التوجّه إلى الجهات ذات الصلة بالموضوع."

تُتاح لي فرصة أن أكون كثيرًا في الضفة، وخصوصًا في ما يتعلق بالجدار، لكن ليس هذا، فقط، كذلك في ما يتعلق ببضعة أمور أخرى. وفي مكانين كنت فيهما، واحد في بيت لقيا والثاني في بلعين، عندما عرّفت بنفسي، قال لي أشخاص إنهم يذكرون اسمي من قصة بستان كندا. يتضح أنّ قصة بستان كندا تمّ نشرها في الصحافة الفلسطينية، أنا لا أعرف متى وما الذي قيل هناك بالضبط، لكنّها حقيقة أنّ هناك أشخاصًا يعرفون هذه القصة. حتى إنني في بيت لقيا التقيت شخصًا وُلد في يالو. هو لا يذكر يالو، وهو ابن اثنين وأربعين عامًا اليوم، لكنّ والديه من يالو. أتيت عندها، بالذات، للتحدّث عن الجدار، وقد تحدّثنا في الأخير عن كيفية محاولتهم عدّة مرّات الوصول إلى يالو. حتى إنهم وصلوا القرية عدّة مرّات ليقوموا في الأخير بإغلاق الطريق أمامهم. أحد الأمور التي الصعبة جدًّا التي واجهوها مع الجدار الذي فرّق بينهم وبين أراضيهم الزراعية، وفرّق بينهم وبين الكثير من الأشياء الأخرى، هو حقيقة أنّهم لن يستطيعوا التسلّل إلى يالو بعد اليوم، إلى أطلال يالو. هكذا إذًا، القصة مع بستان كندا أصبح لها جنحان، والناس يعلمون بها، هذا مهمّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة إفي بناي

سأبدأ بكيف، أصلاً، تعرّفت إلى ذاكرات، لأنّ ذلك مضحك بعض الشيء. أنا أعرف من كنتُ قبل ذاكرات، ومن أنا بعد ذاكرات. قبل ثلاث سنوات أو سنتين ونصف السنة، تقريبًا، دخلت شبكة الإنترنت للبحث عن مادّة عن سلمة، فقد أثار ذلك اهتمامًا بالغًا لديّ. وفي كلّ مرّة كنت أبحث فيها في منظومة غوغل عن سلمة، كنت أرى موقعًا لأشخاص يحملون في الصفحة الرئيسية منه مفتاحًا، وقد كُتب هناك شيء عن ذاكرات. فحدّثت نفسي، أيّ مجانين هؤلاء...؟ في الخارطة السياسة في البلاد كنت إلى جانب المركز- اليمين، وإذا كنت أرى صورة لامرأة عربية تحمل مفتاحًا، كان يعني ذلك بالنسبة إليّ أنني يجب أن أترك بيتي، لأنّ ذلك يعود إلى شخص آخر. لقد أخافني ذلك جدًّا، كان ذلك أمرًا ربّونا عليه دائمًا. قبل سنتين ونصف عندما كنت أدرس السينما، قرّرتُ أن أعمل فيلمًا عن القرية التي نشأت فيها، فقد أثار اهتمامي جدًّا أن أعرف من كان هناك قبلي. في أحد الأيام كنت جالسًا مع إيستي، صديقتي الحميمة، وهي كاتبة سيناريو الفيلم، وحكيت لها أنني عندما كنت ولدًا، نادي الشبيبة الذي كنت أرتاده كان مرّة مسجدًا وكنا نلعب هناك كرة القدم. فقالت لي: "ماذا، كنتم تلعبون كرة القدم في المسجد؟ كيف يُمكن أن يكون ذلك؟" إنها لم تستوعب ذلك. أنا استوعبته، لأنه مُذ كنت ولدًا، كان نادي الشبيبة الخاصّ بي، دائمًا، مسجد سلمة. عندما كبرت فجأة، فقط، نظرت إلى هذا المسجد. وبعد المحادثة مع إيستي، فقط، فجأة نظرت إلى ذلك كشيء غير طبيعيّ، كنت أنظر إلى هذا المسجد كملعب كرة قدم، في حين أنّ أناسًا آخرين ينظرون إلى هذا المسجد كشيء مقدّس جدًّا بالنسبة إليهم. عندما بدأت بعمل الفيلم، طلبت منّي إيستي أن أبدأ بالبحث في هُوية هؤلاء الناس. كنت أرغب جدًّا في عمل فيلم عن الناس الذين عاشوا مرّة في سلمة. عمّن صلّى مرّة في هذا المسجد، عمّن سكن في الماضي البيت الذي نشأت فيه، ومن جهة أخرى، كنت أعلم أنّ لذلك ثمنًا. أنا وُلدت في سلمة، وُلدت في كْفار شالم، وهو اسم جديد للقرية، لكنها لا تزال سلمة. ارتباطي بالناس الذين كانوا يسكنون هناك قبلاً، هو بأنّ ساحة لَعبي، وكلّ الأماكن التي نشأت فيها، كانت في الحقيقة بيوتهم. وكلّما كبرتُ سألت نفسي أين اختفى هؤلاء الناس، ماذا فعلوا، كيف عاشوا. وهكذا وصلتُ إلى ذاكرات. دخلت إلى موقع الإنترنت وبعثت برسالة عن طريق البريد الإلكترونيّ، وفي اليوم نفسه، عاد إليّ إيتان وتحادث معي. عندما قال لي إن في إمكانه أن يساعدني، فأوّلاً شجّعني ذلك جدًّا، وقد أخافني جدًّا في الوقت نفسه. فإنّ لذلك ثمنًا، فهذه الأرض تعود إلى أحد ما، هناك من سكن هنا قبلنا، ونحن مدينون بهذه الأرض لأحد آخر. وعن طريق إيتان، رنين وجميع الأصدقاء بدأت بالتعرّف إلى جميع الأشخاص الذين سكنوا هناك قبلي. القصة الأقوى، هو أنني ورنين وصلنا عن طريق الكثير من الأشخاص إلى التجمّع الأكبر للاجئين من سلمة في مخيّم اللاجئين - الزرعة في الأردن. هؤلاء الأشخاص، الذين طُردوا من سلمة عام 48، وصلوا إلى مخيّم اللاجئين هذا في الأردن بعد مواجهة كثير من الصعوبات. وقد أنشأوا لأنفسهم "رابطة سلمة" (منظمة لاجئي سلمة) ولديهم مختار للاجئي القرية، وهو أحد أبناء المختار الأصليّ الذي عاش في سلمة. هذا الشخص هو قاضيهم في أمور عديدة. ولديهم مكتب خاصّ بهم في مخيّم اللاجئين، يلتقون هناك، يتحادثون، يحتفلون بالأعياد أو بمناسباتهم المهمّة، حتى إنّ لديهم كتابًا أصدروه عن كلّ أشجار أنساب العائلات الكبيرة في القرية. رنين كانت هناك قبل أسبوع، والتقت هؤلاء الأشخاص ونحن متأهّبون للذهاب لتصويرهم. عادت من هناك مع صور لأشخاص، وكما حكى ميخائيل قبل ذلك، إنه فجأة رأى هؤلاء اللاجئين يُبعثون من جديد، أنا فعلاً رأيت هؤلاء الأشخاص قبل ساعة بكاميرا رنين. إنّه مؤثر جدًّا أن ترى الجانب الآخر، الذي وكأنّما لم يكن موجودًا كلّ هذا الوقت. أناس لم يكونوا موجودين في نظري، لأنّهم حكوا لي كلّ الوقت أنهم هربوا، وأنا قلت، إن كانوا قد هربوا، فهذه مشكلتهم. فجأة، الآن، أدرك أنهم لم يهربوا فعلاً، وأنّ هناك شيئًا أقوى عندما نسمع حكاياتهم، عندما نرى هؤلاء الناس وحيث إنّ لهم وجوهًا. هكذا من الأسهل بكثير التواصل معهم.

هذا التغيير، الذي أعتقد أنني أنا، أيضًا، وكذلك محيطي القريب، مررنا به بفضل ذاكرات، هو أننا، فجأة، لا نشتغل بمن المُتسبّب بالحرب، بل إننا نتواصل مع الجانب الآخر ومع معاناته، نتواصل مع ما يحاولون كلّ الوقت إخفاءه عنّا. أعتقد أنّ هذه هي الطريقة الأفضل لتغيير رأي الناس في الصراع. في الفيلم الذي أقوم بعمله لن يأتي أحد ويقول كانت لدينا حرب، وهذا مذنب وهذا طرد هذا! سيكون محور الفيلم مزيدًا من النقاش عن نتائج هذه الحكاية. النتيجة هي أنّ حنين هؤلاء الناس إلى البيت والذي يفوق كلّ شيء، وما يقومون به يوميًّا من أجل هذا الحنين، هو أحد الأشياء الأقوى التي من المُمكن أن تمنحنا نحن القدرة على تفهّم معاناة الجانب الآخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة أمنون بار أور

مساء الخير. هناك عدد من كليّات الهندسة المعمارية في البلاد، فذلك موضوع مطلوب جدًّا، ليس واضحًا تمامًا لي لماذا، لكنه موضوع مطلوب. انتقاء الوصول إلى الدراسة في كلية للهندسة المعمارية صعب جدًّا، لذا فإن من يصلون يكونون، عادة، هم الشباب جدًّا، الأذكياء، الموهوبون، مَن تشعر بالمتعة في تدريسهم، فعلاً. ما يعرفونه هو ما سمعناه عن البلاد وتاريخها حتى الآن. لا أحد يعرف، لا أحد يعلم، ولا أحد يسأل، أيضًا. أنا وزميلي في التدريس، سرجيو لرمان، الذي علّم سنوات عدّة في يافا، قرّرنا أن نكرّس ليافا ومحيطها كلّ وقتنا في التدريس والأبحاث التي نقوم بها مع الطلاّب. بعد سنوات من عملنا على اللب التاريخيّ لتل أبيب، زاوية هرتسليا وكلّ ما نشأنا عليه، انتبهنا فجأة إلى أننا نظلم الطلاّب وأننا نقوم، فعليًّا، بمواصلة المنظومة التربوية - التعليمية نفسها التي تجاهلت تمامًا اللب التاريخيّ الحقيقيّ لتل أبيب، الذي هو يافا، طبعًا. بدأنا ندرس يافا، وطوال نحو سبع سنوات ندرّس معًا كلّ سنة فصلين في كلية الهندسة المعمارية في تل أبيب طلاب السنة الثالثة. يقومون باختيار مبنًى، يبدأون ببحثه، يحاولون إجراء اتصال مع الأسر التي سكنت هناك، عادة ما يكون ذلك من خلال الإنترنت أو البريد، يحصلون على صور، يحصلون على شهادت، يوثقون المبنى، يفهمون المبنى. وبعد أن يكونوا على معرفة بالمادّة، فقط، يقدّمون ما هم مطالَبون به، سواء أكان ذلك مبنًى سكنيًّا أم مبنًى عامًّا، بموجب ما من المفروض أن يدرسوه في السنة الثالثة. هذه اللقاءات أنتجت تجميع معلومات مُدهشة جدًّا تضمّ شهادات. هذه السنة، مثلاً، نعمل على آبار يافا، على بيّارات البساتين حول يافا. طبعًا إذا سألتم عن البيّارات، فستجدون أنّ في مدينة رحوفوت قاموا بترميم البئر، وقد صنعوا من ذلك مُتحف بستنة البيّارات، هكذا، أيضًا، في مِزكِيرِت باتيا أو في المزرعة في نِس تسيونا. ليست هناك بئر صهيونية فخمة لم تحظ بالصيانة، بالبحث والتخليد. لكن مئات البيّارات حول يافا - في أحسن الأحوال - لا تزال قائمة، أصلاً، وعادة ما يكون فيها غازون أو أنها مهملة جدًّا. انكشفتُ على هذه البيّارات في "بيت هبيلوييم". لا يُثير اهتمام أحد أنّ ذلك كان بيت أنطون أيّوب، وأنّه هو الذي قام بإحداث انقلاب بستنة البيّارات. كلّ ما يهمّ هو أنّ الـ "بيلوييم" سكنوا هناك بضعة أشهر لأنه ما كان لديهم غرفة يستأجرونها. نحن نعمل مع الطلاب على كلّ هذا المفهوم الخاصّ بالبيّارات، ونحن نحاول رؤية تلك البيوت التي كانت موجودة داخل المدينة. أنت تسير داخل المدينة، وفي جنوبها، أساسًا، وفجأة ترى بيتًا غريبًا، فلا تفهم ما هذا، فعادة ما يكون ذلك موضع قمامة الحيّ كلّه. ونقوم مع الطلاب بتعلّم تحويله من المكان الأسوأ في الحيّ إلى مكان في إمكانه أن يؤثّر على الحيّ. لهذه البيوت قسم فخم للسكن، لأنّ أثرياء يافا انتقلوا إلى السكن فيها عندما أصبحت يافا مكتظة جدًّا وبات من الصعب السكن فيها.

ما من شكّ في أنّ الطلاب ينكشفون، وأغلبهم يُبدون الكثير من الحماس. في البداية واجهنا مشكلة فعلاً، وقد كان إيتان شاهدًا على ذلك عندما أتى ليُقدّم محاضرة أمامهم عن بيسان. كان صعبًا على الطلاب قبول أنّهم فجأة يُرغمونهم على الاستماع إلى كلام لا يريدون الاستماع إليه. لكن يجب أن أقول إن ذلك لم يعُد يحدث قطّ، بل بالعكس، إننا نحظى بكثير من التشجيع من الطلاب أنفسهم الذين يحكون لي أنّ وُجهة نظرهم اختلفت جدًّا. لا يُعقل أن يسافر طالب هندسة معمارية بسيارته، أو بالحافلة من تل أبيب إلى يافا، ويمرّ في الطريق ببستان تشارلز كلور من دون أن يعرف ما الذي كان هناك. لا يُعقل أن يدخل إلى يافا من دون أن يفهم ما هذا، عدا ما علّموه في المدرسة. هذا هو جوهر عملنا. إننا نواصل جمع الموادّ وأنا آمل أنّه بعد بضعة أجيال، سيكون هناك عدد كافٍ من المهندسين المعماريين الحساسين الذين لن يُساعدوا المؤسسة على محو ماضينا، بل أن نستطيع التعايش معه بسلام والتقدّم إلى الأمام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة عصمت شبيطة

مساء الخير للجميع. على ما أذكر فقد بدأنا نشاطنا الشعبي في مسكة قبل شهور من تعرّفي على ذاكرات، حين ذهبنا لإحياء ذكرى القرية في يوم النكبة قبل خمس أو ستّ سنوات. وكانت هذه المرة الأولى التي نقوم فيها بذلك بشكل منظم. قبلها، أذكر أنني كنت وقتها طفلاً ما بين العاشرة والثانية عشرة من عمري، وكنّا نذهب من الطيرة إلى مسكة. كي تفهموا صورة الوضع، إني أتحدّث عن مسافة كيلومترين أو ثلاثة. كان يومها المسجد لا يزال كامل البناء، ليس كما هو اليوم، شبه مهدّم تمامًا. كان في المدرسة غرفتان أو ثلاث، وكانت بنايتها كاملة أيضًا.. لا أعرف ما الذي جذبني إلى هناك. كان هذا الشيء هو القصص والذكريات. بدأنا بالتذكّر قبل أن تظهر فكرة ذاكرات. منذ أن كنّا أطفالا صغارًا كان أهلنا يحدثوننا من أين جاءوا، ماذا كان لديهم، ونحن أيضًا كنّا نسأل كأطفال. مثلاً، كأطفال في الطيرة، كان لدى جميع الأطفال في جيلي، من أبناء صفّي، كروم وممتلكات. كنت أسأل أهلي "كلّهم لديهم كروم، أين كرومنا؟". فكان يتوجّب عليهم أن يحكوا لي أنّه كان لدينا نحن أيضًا كروم لكن القصّة هي كالتالي.. خلال القصّة كانوا يصلون معنا إلى مسكة. أحد الأمور اللافتة هو أنّ أحدًا من أهلي لم يقم على ما أذكر بجلبنا إلى القرية ليشرح لنا ما حدث. حين أفكّر بهذا اليوم، أستنتج أن ذلك الجيل الذي عاش النكبة فعلا، ربّما شعر ببعض الذنب. مع ذلك فهو الضحية لكنه يشعر بالذنب ولذلك لم يرغب في الذهاب إلى قريته ليتذكّر. لم يرغبوا في أن يعيش الجيل القادم "الغبن" الذي قاموا به، بين مزدوجين بالطبع. لم يرغبوا في التحدّث عن ذلك داخل البيت. لم يكن أبي يرغب في التحدّث عن ذلك، ولا أعمامي الذين عاشوا إلى جانبنا. لا أعرف إن كان ذلك بدافع الخوف. لربّما خافوا علينا وأرادوا لنا أن نعيش في واقع جديد.

بعد النشاط الأول الذي قمنا به في مسكة بشكل منظّم، تلقيت مهاتفة من ابني فادي الذي يعيش في تل أبيب. قال لي "اسمع، هناك جمعية في تل أبيب اسمها ذاكرات وهي تعمل في هذا المجال وذاك، وبما أنكم بدأتم المسيرة فأعتقد أنه من المفيد أن تتّصلوا بهم". أذكر أنني اتصلت مع إيتان، وكان هذا أوّل اتصال. أنا أعرف مسكة، الموقع، قسم من الناس، وفي الجهة الأخرى أعرف ذاكرات. لقد ارتبطت العناصر معًا بتلقائية. مسكة وذاكرات هما أمران ارتبطا معًا. جميع النشاطات التي قمنا بها منذ ذلك الوقت كانت مشتركة مع ذاكرات، ولم يكن من السهل تنظيمها دائمًا، لكننا نفّذناها. 

يبدو أنّنا قمنا بنشاطات أكثر من اللازم وسبّبنا الخوف لجهة ما. نتيجة للخوف قامت هذه الجهة بمواصلة محو الذكريات الأخيرة التي بقيت هناك. مديرية أراضي إسرائيل هدمت مبنى المدرسة نتيجة للزيارات المتكرّرة في المكان.

اليوم، ولا أعرف إن كان هذا صحيحًا، لكنني سمعت ذلك قبل أسبوعين، يخطّطون لهدم آخر الأركان التي بقيت من المسجد. هدم الزمن معظم مبنى المسجد، واليوم وضعت مديرية أراضي إسرائيل مخطّطًا لهدم ما تبقّى. سمعت أيضًا عن مخطّط لتمرير خط مجاري داخل المقبرة. هناك بالذات، أكثر الأماكن ملاءمة – المقبرة. لا نعرف إن كان هذا صحيحًا وذهبنا لنفحص. حاليًا، لا نرى في الموقع شيئًا، لكني أعرف من التجربة أن الشائعات تحتوي دائمًا على شيء ما.

يعتقدون أنهم لو أزالوا عددًا من الحجارة، فإنّ ذاكرتنا ستزول. لكنّ الحقيقة أنّهم هدموا القرية كلّها، لم يتركوا حتى حجرًا من أي بيت لكن الذاكرة بقيت. ليس فقط أن الذاكرة بقيت، بل إنها باتت أقوى ممّا كانت عليه.

هذا يذكرني بقصّة من رواية "المتشائل" للكاتب إميل حبيبي. يروي أنه حين كان عائدًا من لبنان سافر مع الحاكم العسكري ومرّوا إلى جانب حقل سمسم. رأى الحاكم العسكري بين أشتال السمسم امرأة معها رضيع، فذهب إليها وهدّدها بالمسدّس أنه لو رآها مرة أخرى في المنطقة فسيقتل الرضيع. بعدها أخذت الطفل وبدأت تسير. وانتبه إلى أنه يرى ظاهرة غير طبيعيّة. كلّما كانت تبتعد أكثر، كان ظلّها يصبح أطول فأطول إلى أن غطّى كلّ منطقة عكّا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة شولميت باومن

مساء الخير للجميع. على الرّغم من أنني متعوّدة على التحدّث أمام جمهور فإنّ هذا النشاط مؤثّر بشكل خاص. أبدأ بالحديث كيف تعرّفت على ذاكرات. في أحد الأيام وصلت إليّ رسالة بالبريد الألكتروني، من رسائل بريد القمامة تلك التي تظنّين أنك سترمينها بعد لحظة في سلّة المهملات. فتحت الرسالة ووجدت نفسي عالقة أقرأ وأقرأ النصوص الموجودة هنا. من خلال هذه الرسالة من ذاكرات، والتي لا أعرف كيف وصلت إليّ، أكتب رسالة إلكترونية إلى إيتان. "لربّما تقومون بشيء مرتبط بالفنون، فأنا أعمل على مشروع منذ ثلاث سنوات عن قرية الدوّارة؟". بعد فترة اتصلت معي نورما موسي. هي الأخرى مرتبطة في حياتها بكيبوتس عمير (وهو كيبوتس غير معروف، لربّما أنه بفضل قرية الدوّارة أخيرًا سيعرفه أحد).

اسم مشروعي "قناة الدوّارة"، وهو يعرض بثًّا من قرية الدوارة التي لم تعد موجودة. بدأت العمل على هذا المشروع في أم الفحم خلال ندوة يهودية-عربية في مجال السيراميك. بدأت في الورشة بصنع شاشات من السيراميك، كتلك التي في غرف الأمان. عرفت منذ البداية أن هذا المشروع لا نهاية له، ابتداء بذاكرتي الشخصية وحتى الذاكرة الجماعيّة. 

استغرقني الأمر يومين تقريبًا حتى تذكّرت اسم قرية الدوّارة، على الرغم من أنني كنت متأكّدة من أنّني أذكره. كان هدفي من هذا البثّ مرتبطًا بالاعتراف بهذا المكان، بالقرية التي كانت.

أنا نفسي تربيت في جوّ من هذا التنافر بين النيّة الحسنة وبين أفعال وواقع رهيب. هذه النوايا، هذه التنافرات، ترتبط بالكيبوتس، فرض النسيان على تاريخ العديد جدًا من القصص. اخترتُ العمل على الفيلم عن إقامة كيبوتس عمير الذي ولدت فيه، بكونه يمثّل ظاهرة ترسيخ للذاكرة والنسيان. تدور أحداث الفيلم قبيل عيد الميلاد السابع عشر (1954) لعمير، آخر كيبوتسات "جدار وبرج") الذي أقيم عام 1939. لا يرد ذكر القرية في الفيلم على امتداد دقائقه الثلاثين. القصّة الرائجة عن إقامة الكيبوتس تدور حول الملاريا، العدوّ الرهيب، الذي يجب القضاء عليه. يعرضون هذا الفيلم كل سنة في عيد الكيبوتس. حين بدأت العمل على هذا المشروع في أم الفحم تذكّرت أن في الفيلم جملة تقول "علاقاتنا الطيبة مع جيراننا من قرية الدوّارة". حين شاهدت الفيلم لاحظت أنّ هذه الجملة غير موجودة فيه. أردت أن أنتج فيلمًا تصحيحيًا. أردت تصحيح الفيلم كي تكون هذه الجملة فيه، أن يحتوي على شيء يرمز إلى أنهم ربّما أرادوا القيام بشيء، أو أنهم حاولوا إدخال هذا إلى الفيلم، وأنّهم لم ينسوا بالمرة. للأسف هذا لم يحدث. في المعرض الذي أنوي تقديمه، هناك معالجة لصور من الفيلم وهي مطبوعة على الشاشات.

كان الدوّارة قرية في لواء صفد في مركز سهل الحولة. عاش فيها نحو 800 شخص ولم يبق في إسرائيل أي لاجئ منها. يبدو أنهم جميعًا في لبنان وسوريا، ولا أزال أبحث عنهم.

بالنسبة إليّ من المهمّ جدًا عرض المعرض الذي سيفتتح سلسلة المعارض في صالة ذاكرات. أشكركم جزيلا على هذا. على الرّغم من أنّني عرضته في أماكن عديدة، فهذه هي المرّة الأولى التي أشعر فيها أنّ هذا هو السياق الصحيح للمشروع. إنه مشروع لا يُفهم دائمًا، ويتوجّب عليّ عمومًا أن أفسّره وأدافع عنه.

معرض "قناة الدوّارة" يتناول أخذ المصطلح "بث"، ويتعاطى معه بمفاهيم علاقات القوة بين الثابت والمتحوّل. بين ذاكرة طفولة خاصة وبين ذاكرة عامة، بين التاريخي/الأثري وبين الحاضر، بين البثّ والمتابعة. بما أن هذه شاشات متابعة فهي تقول شيئًا عن نشاطي كفنانة. لأن هذا بث من جهة ومتابعة من جهة أخرى. عمّن؟ من عن من؟ غير واضح. اللاجئون من الدوارة عن كيبوتس عمير أم أعضاء كيبوتس عمير عن أهالي الدوّارة؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 كلمة أنجريد جرادات غسنر

مساء الخير، المنظّمة التي أنتمي إليها، بديل، أقدَم من ذاكرات بقليل. بدأنا العمل في الضفّة، بيت لحم، في أواسط التسعينيات. هدفنا هو توفير موارد من أجل إحياء قضية اللاجئين وحقوقهم. لوضعها على جدول الرأي العام. تذكرون بالطبع أنه كانت في التسعينيات مفاوضات وكان من المهمّ جدًا طرح هذه القضية بحيث تكون جزءًا من المحادثات. نجحنا في القيام بالكثير في مجال الأبحاث، الإصدارات وإقامة العلاقات. نظّمنا مؤتمرات لمنظّمات لاجئين في لبنان، الأردن، سوريا، أوروبا، قبرص وغيرها. ما كان ينقصنا في التسعينيات هو عنوان لمنظّمة إسرائيلية في إسرائيل. سُئلنا في العديد من المرّات "ولكن ما الذي تقومون به في الجانب الإسرائيلي؟" وكان جوابنا "كنّا نودّ أن نقوم بشيء ولكن ليس لدينا عنوان". تعرّفنا إلى إسرائيليين، أفراد، دعموا قضية اللاجئين دائمًا ويعرفون تفاصيل عن مسألة اللاجئين، لكنهم كانوا أفرادًا فقط. هناك فرق بين مبادرة منظّمة تتبنّى الموضوع وتعمل عليه وبين أفراد، مهما كانوا طيّبين. لذلك فعندما تعرّفنا على ذاكرات لم يطرح أي سؤال حول ما إذا كنّا سنكون على علاقة معهم. في اللحظة التي رأينا فيها أنّ هناك مبادرة لأشخاص يقيمون مجموعة ثمّ منظمة، كان واضحًا لنا أنه صار لنا عنوان يمكننا العمل معه. منذ ذلك الحين، لم تتوقّف علاقتنا مع ذاكرات. لربّما لا نلتقي دائمًا، لربّما أن العلاقة بيننا تتماوج، لكنّ ذاكرات تعني بالنسبة إلينا أنه يمكن، رغم كلّ شيء، بناء رؤية معًا.

حتى اليوم يتحدّثون لدينا عن حلم العودة ونحن نناضل دائمًا ونقول إنّ هذا ليس حلمًا بل هو حقّ. لكنّ الفجوة بين الحقّ وبين الحلم ناتجة عن الواقع. بحيث أنّه من الصعب جدًا التفكير أن ما يصحّ حدوثه، ما كان يجب أن يحدث، يمكنه أن يتحقّق، أيضًا. ذاكرات بالنسبة إلينا هي باعث على الأمل بأنه يمكن سدّ هذه الفجوة بين الحلم وبين الحقّ.

من ناحية أخرى، هناك الواقع اليومي. جئت من بيت لحم، بيت جالا، وهناك أشعر بأنّ الواقع يعطيني الشعور بالثقة بأنّها مسألة وقت لا أكثر. ليس الكثير من الوقت. إنّ حلّ الصراع من خلال دولتين سوف ينفجر. أي أنّه لن يحدث. نحن نرى هذا يوميًّا. بعد قليل ستكتشف الصديقات والأصدقاء من ذاكرات الذين يرغبون بزيارتنا أنّ الطريق التي استخدموها دائمًا قد أغلقت لأنّ الجدار حول بيت جالا قد اكتمل. رويدًا رويدًا نرى أنه مهما تحدّثوا في التلفزيون والراديو عن رؤية الدولتين، عن إسرائيل وفلسطين، فإنّ هذا لن يحدث. رؤيتنا هي أن نعيش معًا على أساس حقوق متساوية، وهو ما يشمل حقّ العودة للاجئين. سيكون هذا عمليًّا هو الواقع الذي سيحدّد مستقبلنا جميعًا. أعتقد أنّ ما أتوقّعه من ذاكرات مستقبلاً هو أن نواصل العمل معًا نحو هذا الواقع الجديد. شكرًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة محمد كيال

مساء الخير للجميع. اليوم هو الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي. باسم لجنة المهجّرين أهنّئ جميع النساء هنا وأتمنّى أن ننجح معًا في النضال لأجل المساواة، لأجل النساء والرجال، لأجل العرب واليهود في إسرائيل وفي العالم كلّه.

اسمي محمد كيال وأنا من مهجّري قرية البروة، قرية الشاعر الفلسطيني محمود درويش. أعيش في قرية جديّدة القريبة جدًّا من قرية البروة المهجّرة.

تشرّفتُ وسررتُ بالتعرّف على إيتان ونورما في المراحل الأولى لإقامة ذاكرات. عندما تحدّثت مع إيتان عمّا يجب قوله