العمل الإنشائي "تجاوُز" من تصميم محمود قيس، يجمع في داخله مختلف العناصر الشكليّة والموضوعيّة التي تميّز عمل هذا الفنان في السنوات الأخيرة. يضم العمل عناصر شبه وظيفيّة مرتبطة بمفهوم البيت عمومًا، وصالة البيت خصوصًا – ومنها الأريكة وخزانة الكتب والطاولة وغيرها – الحاضرة كحطام لما كان في فترة مضت، أو كان يمكن أن يكون، بيتًا.

الدّمارُ الذي حلّ بالمنازل وواقعُ الحياة فيها اللذان انكشفا لكل ناظر في الحرب الأخيرة على غزة، شكّلا نقطة الانطلاق للعمل الإنشائيّ. فإنّ التشكيل المعماري المرعب الذي سبّبته جبروت الحكم الإسرائيلي لمنازل سكان غزة الفلسطينيين، أولئك الذين لا تعتبرهم الحكومة بشرًا، وبالتالي، لا يستحقون أن تكون لهم منازل يقطنونها – يتّخذ شكلًا وصورةً في العمل الإنشائيّ، من خلال إعادة خلق الحيّز الخالي الذي تكوّن حين جُرِّد البشر من كل ما يملكون. إننا نقف أمام اللاشيء، أمام المكان الذي كان فيه من قبل شيء ما. بهذا المعنى، يمكّننا عمل قيس من التفكير في المنزل، ورؤية المنزل والحركة إلى داخله وإلى خارجه، كأنها الحلبة التي انكشف المنزل عبرها لناظرَي الملأ بخلاف رغبة قاطنيه، على نحو فيه يقتحم الخارجُ الداخلَ، مُفرغًا خصوصيته ولاغيًا إيّاها بعنف.
استعمال قيس للباطون -المادة الخام، الباردة، الخشنة والمكشوفة التي لا تخفي شيئا، تلك المادة التي تعبّر أكثر من سواها عن العمران الوحشي الذي اعتمده وأمّمه المعماريون الإسرائيليون في العقود الأولى التي أعقبت إقامة الدولة – يذكّرنا كذلك بالنحو الذي وُظِّف فيه الباطون كأداة لخدمة فعل التدمير المتستِّر بأفعال البناء كسبيل لتحقيق الغاية السافرة - بناء البلاد على أنقاض الوجود العربي، والاستيلاء، من خلال ذلك، على الحيّز العربي في البلاد وتهويده.
الاسم "تجاوُز" الذي اختير للمعرض، يعني اقتحام شخصٍ ما مكانًا ليس له. بهذا المعنى، يشكّل المعرض صرخة في وجه الممارسات المنضبطة التابعة للدولة والتي أسفرت عام 1948 عن إسكان اليهود في منازل الفلسطينيين التي عرّفها القانون كـ"مهجورة". من هنا، فإن المعرض، في تلك اللحظة العابرة من الوجود في موقع العرض المحدد، يمكّننا من تخيّل حجم الإمكانيات التي دُمّرت من خلال التحرّر من النزعة التي تعتبر الوضع السياسي الراهن واقعًا ثابتًا.           

المعرض هو جزء من مشروع "بيوتٌ بعدَ الواصلة" المقام في يافو/يافا في الفترة بين 14 و-16 أيار.  
أمينة المعرض :دِبِي فاربِر