يقوم معرض الفنانة منار زعبي على عملَيّ فيديو أدائيَين مصوَّرَين، الأول صامتٌ، يوثّق زعبي والفنانَ عِدُو بارئِل (مرشدَها في دراستها للحصول على اللقب الثاني في جامعة حيفا) وهما يصعدان وينزلان ، المرة تلو الأخرى، في مصعد شفّاف. العمل الثاني ناطقٌ، يملأ السكينةَ بالصوت، هو أيضًا تكراريّ، فارضًا حضور اللغة العربية المغيَّبة دائمًا عن الحيّز الإسرائيلي، من خلال ما يشبه تدريس لغة من قبل المُقدِّم. تتحرّك الكاميرا في فضاءات البناية الخالية من الناس في كليّة الفنون التابعة للجامعة، ثم تعود إلى المصعد. في هذه اللحظة اختفى الشخصان، وفقط بين الحين والآخر يومض شخص شبح، خيال شخصِ الفنانة منعكسًا على الزجاج. صدى الصوت المنبعث من العمل يتردّد ليس في فضاء البيت الذي يُعرَض فيه العملان فقط، بل يصل إلى الخارج أيضًا، إلى الشارع اليافيّ الذي شُطِبَت منه اللغة العربية منذ زمن طويل، محْدِثًا فيه تحوّلًا من خلال إعادة العربية إلى الحيّز. عرْض العمل في فضاءِ بيتٍ هُجِّرت منه عائلة فلسطينية عام 1948، ينشئ فضاءً انتباذيًّا (هيتروتوپِيًّا)، فضاءً يذكّر بفلسطين التي كانت ولم تعُد، بأصحاب المنزل الفلسطينيين الذين تحوّلوا بين ليلة وضحاها إلى لاجئين، فضاءً حقيقيًّا موجودًا لكنه غير موجود، فضاءً يحتوي، في آن واحد، على بُعد الذاكرة الأوتوبي وعلى نقيضه. بهذا المعنى، يثير العمل في الفكر أشباحًا تلوح من التاريخ، موجودة في كل حجر، في كل ركن من أركان الشوارع، "تهدّد" بالعودة إلى يافو التي كانت ذات مرة يافا. نيقولاس ميرْزوف يعرّف الأشباح بأنها تلك الموجودة في المناطق المابينيّة (liminal) من الثقافة كإشارة إلى فئات المجتمع المقصاة التي تظل شفّافة، ظاهريًّا في النطاق غير المرئي، لكنها قادرة مع ذلك على التحوّل إلى مرئيّة إذا قمنا بعزل ظهوريّة الأشباح، وحاولنا أن نفهم لماذا وكيف أصبحت أشباحًا. تمكّننا أعمال زعبي من تشغيل نوع آخر من البصر والسمع يتيحان لنا تخيّل ما شُطِب وعزْل "أشباح" المكان، كنظرة على فقدان الماضي التي هي نظرة على الحاضر أيضًا.                                

المعرض هو جزء من مشروع "بيوتٌ بعدَ الواصلة" المقام في يافو/يافا في الفترة بين 14 و-16 أيار.  
أمينة المعرض :دِبِي فاربِر