״هكذا اقتُلعنا... اقتلعنا تاركين في فلسطين روحنا، آمالنا، طفولتنا، سعادتنا وحزننا. تركناهم في كل مكان، في كل حبة رمل على أرض فلسطين. تركنا فلسطين عاشقة الطابون والليمون وزيت الزيتون. تركناها بحقولها، ورودها وأزهارها. تركناها بشجرة الفتنة الشامخة عند مدخل بيتنا في الرملة، تركناها بقبور أجدادنا، بآثارها، بنصبها التذكارية وبتاريخها. تركناها ونحن مفعمون بالأمل" (بشير خيري، خفقان الذاكرة [رسائل إلى شجرة الليمون] 1997)

 

هكذا يصف الخيري، لاجئ فلسطيني، أرضه المفقودة. الليمون بالنسبة له ليس مجرد ثمرة، إنه ذكرى من أيام الطفولة، إنّه الحب، إنّه كناية عن أرض الوطن. هذا الليمون، الذي تزين أوراقه رأس فتاة صغيرة في إحدى رسومات سماح شحادة، يضفي على المعرض الطابع السياسي والمحلي لهذا الرمز، وهويته الثقافيّة والوطنيّة.  هذا البعد "الذاكريّ" يرافق أيضًا البورتريهات النسائية في المعرض. في كثير من الأحيان، استعرضت أرض فلسطين بصورة امرأة، عشيقة، عذراء أو أم، خاصة بعد الفقدان والتهجير الذي وقع عام 1948، وهكذا تمت "جندرة" الموطن.  المرأة، التي أصبحت رمزًا للهوية الوطنية الفلسطينية، تظهر في فضاء البيت في سلسلة من الرسومات النسائية الواقعية-المفرطة والنموذجية. حقيقة أنّ الأيقونات النسائية ترتدي زيًا تقليديًا لا تدعو إلى إحياء الثقافة التقليديّة، بل إلى بلورة مزيج بين القديم والجديد، ممّا يخلق ثقافة المقاومة. لا يقتصر ذلك على مقاومة الربط القمعيّ بين المنزل والمرأة، بل يشمل أساسًا الربط "الطبيعيّ" بين الفضاء المنزلي والحيز الخاص. هذا الربط الأخير يوضّح الطابع المأساوي للعبثية الكامنة في الحياة المنزلية، فمنذ نكبة 1948، أصبح المنزل عرضة للعنف السلطوي، الانتهاك القسري والدمار.
من هنا، يسعى المعرض إلى الكشف عن البيت كحلبة تُرسم فيها حدود الجسد السياسي، الحدود التي تفصل بين هؤلاء الذين يتمتعون بالحماية وبين الآخرين الذين تقع بيوتهم عرضة للهدم.