منظر مدهش يمتد امام عيني، وادي الحولة وهضبة الجولان ، جبل الشيخ وجبال لبنان التي تغطيها الثلوج. بعض الحجارة المتناثرة على المنحدر، وجدار مهدم لا يزال شهادة على ما كان حتى قبل 62 عاما، الجاعون، قرية عربية فوق روش بينا. اجلس على احدى الحجارة الصامتة وأتذكر قصص طفولة والدي في روش بينا. قصص حسن الجوار والمساعدة المتبادلة بين سكان غرب مستوطنة يهودية قرية صغيرة وبين عرب القرية القديمة.
انتهت المثل العليا الجزئية خلال حرب الاستقلال عندما إضطر عرب قرية الجاعونة لمغادرة قريتهم الى لبنان على أمل أن يتمكنوا من العودة ، على الرغم من تأكيدات جيرانهم اليهود لحمايتهم اذا ظلوا في قريتهم.

تدمير الجاعونة والمنفى المفروض على سكانها هي حقيقة إنسانية مؤلمة. من غير المناسب، ولا من الممكن ، إنكار المأساة الشخصية والمجتمعية التي عاشها الناس وما زالوا يعيشونها حتى الآن ، وسكان الجاعونة وذريتهم -الذين شردوا من أرضهم ويعيشون حتى هذا اليوم في مخيمات اللاجئين البائسة في لبنان.
كل من يشعر بالتواصل مع الارض يمكنه ان يشعر حقا آلام الآخرين الذين انتزعوا من أرضهم، حيث كان يعيش وحيث بنى بيته، الارض التي زرعها- هو وأسرته- على مدى مئات السنين، وأولئك الذين يحبون ارض هذا البلد حقا لا يمكن ان لا يشعروا بالتعاطف مع آلام أولئك الذين اقتلعوا منها – مهما كانت الظروف.
هل جلب الفلسطينيون هذه المأساة على أنفسهم؟ ربما. لولا معارضة العرب اقامة دولة يهودية على أساس قرار الأمم المتحدة 1947، من الممكن ان يكون هؤلاء الفلسطينيين وذريتهم يعيشون في مئات القرى العربية التي انقرضت في جميع أنحاء إسرائيل.
هل كان من الممكن لإسرائيل ان تقوم كدولة يهودية، لو لم يطرد / يرحّل / يترك طوعا مئات الآلاف من العرب في حرب الاستقلال؟ ربما لا. و أن العرب الفلسطينيين وأحفادهم الذين يعيشون كلاجئين في بلدان عربية مختلفة ، يعيشون الآن في الأراضي الإسرائيلية لما كانت هنا أكثرية من اليهود ، واسرائيل لا يمكنها البقاء كدولة يهودية وديمقراطية.

ما كتب أعلاه يثير حيرة شخص اعتاد على الرسائل الجارفة، أحادية الأبعاد وتحمل الجيد والسيئ ، الخطأ والصواب، الصادق والمخطئ. لكن الواقع هو أكثر تعقيدا من تصريحات السياسيين البالية والمحرضة في الساحات أو في المجلس التشريعي.
كيف يمكن احتواء أفكار معقدة؟ كيف يمكن التوفيق بين مختلف الادعاءات التي تبدو متناقضة؟ أبعد عن أنفسنا الطريقة الجارفة في التفكير، علينا الاعتراف بوجود مستويات مختلفة في الصراع بين اليهود والعرب حيث الاعتبارات الأخلاقية مختلطة مع اعتبارات براغماتية، أحلام وآمال لا تختلف عن التصرفات الفعلية.
الادعاء هو انه من الصحيح والضروري ان لا يعيش لاجئو 48 في اسرائيل، هو ادعاء ناتج عن استعراض كان الواقع الديموغرافي في إسرائيل. انما الاعتراف بآلام هؤلاء اللاجئين على المستوى العاطفي يعطي مجالا للتعاطف الإنساني تجاه البشر عموما وخصوصا تجاه الذي نحمل، وإلى حد ما ، مسؤولية معاناتهم.
الاعتراف بمأساة الفلسطينيين ليست مجرد فعل أخلاقي لإنسان، ولكن الاستعداد لمساعدة لاجئي 48 في تسوية إسكانهم والحد من معاناتهم مستمرة. ولكن أقول أكثر من ذلك : كما انه لم يكن هناك حق او قدرة على حرماننا - اليهود – من الحق في الحلم ، لمدة ألف سنة ، والعودة إلى صهيون ، لذلك ليس لدينا الحق الأخلاقي، وكذلك القدرة ، لمطالبة عرب فلسطين تجنب الحلم بالعودة إلى ديارهم- فلسطين.
يهودا وإسرائيليين من واجبنا الأخلاقي والبشري (والعملي) الاعتراف بالنكبة التي حلت على الشعب الفلسطيني والمساعدة في إعادة التأهيل، مع ضمان تحقيق الحلم الفلسطيني لكن ليس على أنقاض دولة إسرائيل اليهودية.

لذلك، أريد أن اقترح رأيا مغايرا لرأي الكنيست الإسرائيلي في سن قانون النكبة. وبدلا من حرمان شخص الحق في الشعور بالأذى والحداد على الفقدان، اقترح إقامة يوم خاص فقط على لائحة أيام الذكرى لإسرائيل في يوم ذكرى نكبة عرب فلسطين.
في هذا اليوم سوف ينعكس تضامننا كيهود مع الدمار الذي أصاب الفلسطينيين، ومسؤوليتنا في المساعدة من أجل إعادة تأهيلهم حيث يتشردون. لكن هذا اليوم يمكن أيضا أن يكون بمثابة علامة تحذير تتطلب منا أن نتصرف بصورة تجعل دولة إسرائيل تستحق الوجود في ظل الثمن الباهظ الذي دفعه شعب آخر.