قبيل الذكرى السنوية للنكبة، طرحت منظمة إسرائيلية مجموعة تعليمية لتدريس الرواية التاريخية الفلسطينية بالمدارس اليهودية ومواجهة عمليات التضليل الرسمية وذلك ضمن جهودها لتحقيق "مصالحة حقيقية" بين الشعبين.

وتشمل المجموعة التعليمية التي بلورتها منظمة يذكرن الإسرائيلية بعنوان "شروخ في التاريخ"، معلومات بعدة محاور مغيبة عمدا عن منهاج التعليم في المدارس.

يشار إلى أن يذكرن منظمة تشكلت في تل أبيب وتنشط منذ عام 2002 في تعميم الرواية التاريخية الفلسطينية بين الإسرائيليين بعد أن ظلت مغيبة عنهم، وهي تؤمن بأن ذلك مهم للتسوية والمصالحة التاريخية بين الجانبين.

وتخاطب المجموعة التعليمية "شروخ" جمهور المعلمين، وتقترح عليهم مواد مكتوبة ومصورة لدمجها مع المضامين المقررة رسميا إضافة لوسائل ومهارات تربوية لإدارة العملية التعليمية.

وتبرز رغبة يذكرن في تعميم الرواية التاريخية الفلسطينية المفقودة بالحديث في أحد المحاور عن قيام أمة بوعد أمة ثانية بوطن يتبع لأمة ثالثة وفيه تتوقف عند تجاهل الانتداب البريطاني للتطلعات الوطنية للفلسطينيين بعد منح اليهود وعد بلفور.

الإرهاب اليهودي
وتوفر "شروخ" معلومات دقيقة عن الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 التي ترد بالمنهاج الإسرائيلي بوصفها أعمال إرهاب وشغب، وبالمقابل تقدم فصلا أيضا عن الإرهاب اليهودي.

وتقدم معلومات تظهر أن ما جرى في 1948 (عام النكبة) ينمّ عن مخطط لتهجير الفلسطينيين ضمن "الخطة د"، علاوة على مجازر وعمليات سلب ونهب، وتربط الماضي بالحاضر فتستعرض جرائم الاحتلال وحملة المقاطعة الدولية وغيرها.
كما تستعرض خيانات بعض الأنظمة العربية للفلسطينيين، وتتوقف عند علاقاتها السرية مع الصهيونية وعند حق العودة ومرجعياته الأخلاقية والقانونية.

وتوضح أدفا زيلتسر إحدى القائمات على المبادرة أنها جاءت لاستكمال البرنامج التعليمي الرسمي في إسرائيل في موضوع التاريخ المعتمد للصف الحادي عشر بعنوان "يبنون دولة"، لافتة لوجود الكثير من الشروخ والنواقص فيه.

إنتاج العدوانية
وردا على سؤال الجزيرة نت، أشارت زيلتسر إلى أن البرنامج التعليمي المعتمد اليوم يقدم تاريخ الصهيونية والاستيطان اليهودي في فلسطين بشكل ناقص وسط تجاهل شبه تام لوجود وتطلعات ومخاوف وتطور الشعب الفلسطيني قبل النكبة، علاوة على تجاهل الثمن الباهظ الذي سدده بقيام إسرائيل.

وأكدت أن المنهاج التعليمي الإسرائيلي يظهر وكأن الفلسطيني يناصب عداء متأصلا لليهود، وتنوه لتغييب علاقات طيبة سادت بين الجانبين قبيل مجيء الصهيونية التي أساءت لها.

وأضافت زيلتسر أن المواد التعليمية الإسرائيلية المعتمدة تنمي العدوانية والشعور بالضحية لدى الإسرائيليين.

وأوضحت زميلتها مديرة قسم التربية بمنظمة "يذكرن" عاميا جليلي للجزيرة نت أن الشروخ التي اختيرت جاءت بعد دراسة عميقة لمناهج التعليم الإسرائيلية، واقترحت المواد المكملة وطرحت أسئلة تنمي القدرة على القراءة النقدية لدى الطلاب.

وقالت جليلي إنها ورفاقها بطاقم العمل قد عملوا وفق معايير تربوية لتحديد المضامين للطلاب وللمعلمين، منوهة إلى أنه تم حتى الآن التعاون غير الرسمي مع أربعمئة معلم يهودي، ومشيرة إلى تزويدهم بأنظمة تعليم جاهزة بهذا الخصوص.

وأكدت جليلي أن الرواية الفلسطينية التاريخية لم تتغلغل بعد في الجانب الإسرائيلي كما ينبغي، بل تتراجع أحيانا خاصة في الفترة الراهنة المشبعة بالتطرف والكراهية للعرب.

وكشفت جليلي عن الاستعدادات لإطلاق منظمتها مبادرة جديدة لتحقيق العدالة على غرار لجنة الحقيقة والتصالح في جنوب أفريقيا بعد انهيار نظام الفصل العنصري، بحيث تستخدم وسائل مماثلة للمساهمة في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
يشار إلى أن إسرائيل سنت قانونا عام 2009 يحظر على المؤسسات الرسمية إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية مما يذكر بقول الشاعر الراحل محمود درويش حول خوف الغزاة من الذكريات.

--------

نشرت المقالة في موقع الجزيرة نت