عقدت جمعية "زوخروت- ذاكرات"، بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، ندوة بعنوان "الخرائط المضادّة: عن الخرائط كآلية لتفكيك الاستعمار" في مقهى "المحطة" بحيفا.

وسعت الندوة، التي عقدت مساء أمس الاثنين، إلى تعزيز الوعي بشأن ما شُطب من الخرائط الإسرائيلية المهيمنة، ومناقشة إنتاج الخرائط المضادّة لعمليات الهدم التي ارتكبت خلال عام 1948، عبر عرض خرائط بديلة وأبحاث عدة تعترف بالخرائط الرسمية على أنّها مصدر قوة ومعرفة وموقع تمثيلي لسياسة السيادة. كما استعرضت الندوة مسارات إقصاء ومحو النكبة الفلسطينية ومحاولة موضعة الأمور مجددًا على الخارطة.

واستهل عمر الغباري، من جمعية ذاكرات، حديثه عن خارطة النكبة بالعبرية بأن "الخارطة هي محاولة لتمثيل الواقع، وأداة مساعدة لتصوير وتخيّل المكان. ولكن الخرائط لا تمثل فقط المعرفة الجغرافية-المكانية، بل تعكس أيضًا مجموعة متنوعة من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية. لذلك، هي في الواقع نتاج لفترة ولخطاب ما، وبالتالي تعتبر نتاجًا للتأويل السياسي لرسامي الخرائط. المعاينة النقدية للخرائط تتيح المجال لتوجيه الاهتمام إلى السياق التي رسمت فيه هذه الخرائط، إلى مركّباتها وإلى علاقات القوة بين مختلف الأطراف المتجذرة فيها".

وتابع "تقوم إسرائيل عن طريق لجنة التسميات، والتي بدأت عملها عام 1950، بمحو الأسماء الفلسطينية وابتكار أسماء إسرائيلية، وهي لجنة تستمر في العمل على طمس الأسماء الفلسطينية للبلدات والقرى العربية والأماكن الطبيعية كالنهور والوديان والعيون والشوارع والمفارق. وتعطي أسماء تاريخية للأمكنة، عدا الأسماء العربية الفلسطينية، تعود إلى الفترة الرومانية والكنعانية والتوراتية".

ولفت إلى أن خارطة "إسرائيل الكبرى" لا تزال تستعمل في النشرات الجوية ووزارة المواصلات الإسرائيلية. وقال: "أصدرنا في جمعية ذاكرات خارطة النكبة بالعبرية، وبها أسماء جميع البلدات التي هدمت، فالخرائط هي أداة رفض ومقاومة للواقع".

أما المؤرخ جوني منصور، فتحدث عن حيفا التاريخ والخارطة وقال: "عام 1989 أصدرت النسخة الأولى من كتاب أسماء شوارع حيفا العربية. فغالبية العرب الحيفاويين ما زالوا يستعملون الأسماء العربية لكثير من الشوارع، مثل شارع الجبل الذي أصبح شارع "تسيونوت"، أو ساحة الحناطير التي أصبحت "كيكار باريس". طبعاً بلدية حيفا غيّرت غالبية أسماء الشوارع العربية، وبعدها أصدرت خارطة حيفا العربية والتي تشمل أسماء الاًحياء مع شوارعها العربية، وهي بمثابة الرد على محاولات محو وطمس معالم حيفا العربية، خاصة ادعاء البلدية بأنها رمز للتعايش العربي اليهودي".

ولفت إلى إصداره، قبل عامين، كتاب "حيفا الكلمة التي صارت مدينة"، ويشمل قصصاً وصوراً لعوائل وحياة الناس في حيفا قبل النكبة.

من جهته، قال حسن أحمد منصور، اللاجئ من قرية كفرعنان المهجرة في الجليل: "قبل عشر سنوات قمت برسم خارطة لقريتي كفرعنان مع تسمية جميع العائلات وأماكن سكنهم. فقريتي سقطت يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 1948 في عام النكبة، ونفذت العصابات الصهيونية مجزرة فيها، وأعدمت ثمانية رجال أمام أعيننا. كما أسرت رجال القرية في سجن صرفند. جرى تهجيرنا من الجليل إلى بينت جبيل ومنها إلى صور، وبعدها إلى مخيم نهر البارد قرب طرابس في لبنان، وأقطن اليوم في قرية الرامة، وهي على مرمى حجر من قريتي التي أزورها مرتين في الأسبوع. رسمت الخارطة لكي يحفظها أحفادي ويعلموا أن لدينا أرضا تهجّرنا منها".

أما نوغا كدمان، وهي باحثة إسرائيلية متخصصة بشؤون الصراع العربي الإسرائيلي من جمعية ذاكرات، تحدثت عمّا تفتقر إليه الخريطة الطبوغرافية الإسرائيلية، منتقدة المؤسسة الإسرائيلية التي تمحو وتطمس التاريخ الفلسطيني من الخرائط.

وأشارت إلى أن ثلث البلدات العربية المهجرة أقيمت عليها مستوطنات يهودية، والمساحات المتبقية فهي محميات طبيعة وحدائق عامة.

لقراءة الخبر في موقع العربي الجديد