نظمت جمعية فلسطينية جولة تعليميّة عن تاريخ مدينة عكا، للتذكير بما جرى في المدينة في عام النكبة وما تلاه، في مواجهة محاولات إسرائيلية لطمس الحقيقة وترويج أكاذيب مختلقة للأجيال الجديدة.
تم تهجير غالبية سكان عكا كغيرها من مدن الساحل الفلسطيني عام 1948. قبل النكبة كان عدد سكان عكا 15 ألفاً، وبعد سقوط حيفا وقرى مجاورة وصل عدد العرب في عكا إلى 40 ألفاً نتيجة تدفق اللاجئين قبل تهجير غالبيتهم إلى لبنان ودول عربية أخرى. بعدها بقي منهم ما يقارب أربعة آلاف فقط.

للخبر في موقع العربي الجديد

سقطت عكا يوم 16 مايو/أيار 1948 واستولى الاحتلال على غالبية أملاك المدينة. أما اليوم فتقوم السلطات الإسرائيلية بتهويد المدينة وتضييق الخناق على العائلات الفلسطينية المتبقية فيها، وهم يشكلون 32 في المائة، والقسم الأكبر منهم يقطن في البلدة القديمة داخل الأسوار.

ونظمت جمعية "زوخروت - ذاكرات" جولة تعليميّة عن تاريخ مدينة عكا، انطلقت من ساحة الفرسان في بستان باشا في البلدة القديمة داخل الأسوار، ورافقت الجولة الناشطة جهينة صيفي والمسنة التي عاشت النكبة سهام جمال منسى.

وقالت سهام منسى: "ولدت عام 1938، كنت ابنة تسع سنوات في عام النكبة، أذكر الخوف، خرج أبي من البيت بعد أن سمعنا عن وقوع أحداث، وقتها كان متواجدا في مقبرة المسيحيين بحي الفخار. في الفجر قال أبي لأمي: خذي الأولاد واذهبي إلى الدير. اختبئي معهم هناك".
وأضافت "كنا نسكن خارج السور في عكا. وكانت الكنائس والأديرة وحتى المتاجر مليئة بالناس. الجميع اختبأ. أصلا تم تجميع العرب في عكا القديمة داخل الأسوار، فكان عدد الناس بالآلاف. بينهم من لجأوا إليها من يافا وحيفا والرملة وقرى قضاء عكا. بقينا في الدير أكثر من سنة. أبي لم يقبل أن يترك المدينة. قال: أنا أب عائلة. سأبقى هنا أو أموت هنا".

وتابعت: "الناس كانوا نائمين على الأرض في الدير. أعطونا غرفة لأننا عائلة كبيرة. أخذ الاحتلال كل بيوت العرب، وكان ممنوعاً أن نخرج من البلدة القديمة، ووضعوا حاجزاً بجانب الخندق من (الهاغانا) الصهيونية".
وأوضحت: "صادروا بيتنا سنة 1972. اشتريت بيت جدي من عائلة يهودية بمبلغ 27 ألف شيكل، وما زلت أقطن به إلى اليوم لأنه بيت طفولتي".
أما المرشدة جهينة صيفي، فتحدثت عن استمرار النكبة وعن الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين في عكا اليوم قائلة: "هناك تهديد يومي بالمقاطعة الاقتصادية من الإسرائيليين للتجار العرب في البلدة القديمة في حال قاموا بأي عمل أو نشاط سياسي. نسبة التحقيقات من الشرطة مع أهالي عكا العرب أعلى من غيرهم، في محاولة للسيطرة والقمع، حتى إنهم يتوجهون لعائلات النشطاء لترهيبهم، وتجرى بشكل دوري تحقيقات مع النشطاء".


قضية السكن شائكة جداً. الإسرائيليون يسيطرون على المباني والبيوت، ويخرجون العرب منها. مئات من البيوت العربية مهددة بالإخلاء في البلدة القديمة داخل السور، وتعمل السلطات على ترهيب وقمع السكان العرب.

وتعمل في عكا مجموعة "أياليم" الصهيونية، وهدفها تقوية الحركة الصهيونية وتجديدها لتتلاءم مع العصر. يجلبون مجموعات شبابية إسرائيلية ويعطونها منحا للسكن في بيوت عكا القديمة. وينظمون فعاليات ونشاطات مع الشباب العرب في البلدة القديمة. وهي مجموعة خطيرة تعمل أيضا في النقب والجليل.

وقال عمر اغبارية، منسق جمعية ذاكرات: "الجولة جزء من جولات تنظمها الجمعية عن حكاية النكبة بشكل عام لتوعية الناس عن المواقع والمدن والقرى الفلسطينية. عكا مدينة مركزية على الأجندة. وقمنا بعدة جولات سابقا. هذه المرة بالتحديد تتزامن مع (عيد المظلات) الإسرائيلي الذي يضم مهرجاناً مسرحياً يسمونه (إسرائيلي مغاير). لكن مهما كان مغايرا لا يحكي القصة الحقيقية لنكبة عكا".

وتابع "قررنا أن ننظم هذه الجولة حتى نروي الحقيقة في مواجهة محاولات بلدية عكا والسلطات الإسرائيلية إخفاء ما حصل عام 1948. من يتجول في عكا القديمة ويرى الأسواق والسكان العرب يظن أنه لم يحصل هنا شيء. اليوم أغلب المشاركين هم يهود إسرائيليون، وهذا يلبي أهداف الجولة في تعريف هؤلاء بهذه الحقائق. معظم المشاركين لا نعرفهم، وهذا يؤكد دورنا في التعريف بالنكبة".

للخبر في موقع العربي الجديد