غوسطه دكّور غرزوزي (ام موريس)

01/11/2006
ترشيحا

الحياه المدرسية

من قبل الانتداب كان عنّا بترشيحا مدرستين، مدرسة للبنات ومدرسة للصبيان، ممنوع واحد يروح عند الثاني، التعليم كان لصف السابع عند الاولاد والبنات لصف السادس.. مثلا صاحبتي تعلمت هون وبعدين نقلها أبوها عبد الجشّي على عكّا حتى يعلّمها، لأنّه ما كان عنده غيرها وبدّو يعلّمها، هو كان غني.. بمدرسة البنات كان في بس معلمات ما كان في معلمين.. كان في معلمه أسمها نصرة كانت مديرة، وفي عبلة عزّام من عكّا، ومعلمة أسمها منوّر، يعني كان في عنّا تقريبا 5 معلمات.. أوّل معلمة طلعت بترشيحا هي بنت علي أبو حميدي، اسمها عليا، ولما تخرجت عملوا إحتفال كبير.. بترشيحا كان في معلمين أكثر من معلمات، من ترشيحا كان  أديب مسعود، سامي بشارة...هدول اللي بتذكّرهم، بس كان معلمين أغراب أكثر..مثل كرم حبيب من الرامّه معلّم الانكليزي وأستاذ إسكندر من الخليل اللي سكن في البلد لأنّه ما كان معه سيّاره. كل معلم كانوا ينقلوه من ترشيحا كان يبكي من قد ما كانوا مبسوطين... الصفوف بالمدرسة كانت كل صفّين مع بعض، مثلا الخامس والرابع مع بعض. قبل الاحتلال بفتره إجا المطران حكيم وفتح مدرسة للبنات المسيحيات، طلعوا اغلب البنات المسيحيات من المدرسه وراحوا على مدرسه المطران وبقيت أنا وصاحبتي رشديّه المسيحيات الوحيدات بالصف، أنا كنت روم ورشديّه كاثوليك، رفضنا نروح ع المدرسه الثانيه، بعد بسنه سكرت مدرسة المطران وطلعوا البنات... الاولاد المسيحيين كانوا يروحوا على المدارس اكثر من الإسلام. ترشيحا كان فيها كتير فقراء بس الناس كلها كانت تساعد بعضا بمحبّه مش مثل اليوم ..
أنا درست لصف سادس ابتدائي، لو كان على زماننا تعليم كنّا تعلّمنا.. كنت دايما أنا وبنت اسمها رسميّة أبو خريبي نحارب على الأولى في الصف، وآخر شهادة أخذتها كنت الأولى وكانت المعلمة تمدحني وتكتبلي ذكيّة ومفكّرة أهنّئكِ..
مرّه إجيت ع البيت ولاقيت أبوي جاي من الشغل، ابوي كان يبني دور يعني معلّم عمار- اجا وبدّه يوكل، كان يحب الباذنجان مشوي مع سلطة، رحت عنده وأنا حاملة هالشهادة ومبسوطه، أعطيته الشهادة، قرأها وحطهّا تحت ركبته وهو قاعد ع الأرض، قاللي أعطيني بريق الزيت.. لما جبته قاللي صُبّيلي على الباذنجان، وأنا أصبّ نزلت البَكرَة على صحن السلطة وكسرته، سحب الشهادة من تحت ركبته وبلّش يشلّخ فيها وقللي لونّك مفكّرة ما صرتي هيك وشلح الحزام وضربني فيه.. هاي القصه ما بنساها لليوم.... صار لي 66 سنة تاركي المدرسة، يا ريت تخرجت... يا ريت.. بس كان التعليم منيح مش مثل اليوم..... كثير كنّا مبسوطين بحياتنا..
بالمدرسة كنا نغني:
ويلاها ولا هواها، ألا والله ما أنساها إذا ذكروا فلسطينا..
إذا ذكروا فلسطينا، ذكرنا الدين والدينا وماضي
وآتينا إذا ذكروا فلسطينا..

الطوائف، الصناعه والزراعه
أشياء كثير الواحد بتذكّرها بترشيحا، بتذكّر إنّو عشنا أيّامات حلوه، كان بترشيحا حاره للمسيحية بالبلد، المسيحيين كانوا قلال، حوالي الخمسين، معظمهم ما كان عندهم رزق، بس كانوا يشتغلوا بالصناعه والتجاره، يجيبو بضاعة من الشام ويبيعوها بالدكاكين.. كانوا مثلا يصنعوا احذية  او معدّات للزراعة مثل منجل ومنكوش، كان في منهم حلاقين كمان.. بترشيحا كان في سوق كبير، فيه كل شي، جمال، بقر، ماعز، يعني سوق مواشي واغراض ...  أبوي كان معلم عمار وكان يجيب عمّال من صفد، اغلب الدور بترشيحا  عمرها أبوي، بس اغلبها هدّوها وبنوا محلها، الناس كلها عمّرت من جديد..
كان في مسيحيين اللي يملكوا اراضي بس قلائل كتير، مثلا، أبوي كان عنده أرض، حوالي 12 دونم، كان يعطيها للإسلام يزرعوها ويدرسوها ونوخذ منها حصتنا... بس إحنا ما نشتغل بالأرض.. كان عنّا شوشبة (هاي منطقة كبيرة حوالي ال44 دونم )، كان ابوي يجيب عمال من يانوح، يعطي كل واحد ع اليوم 5 قروش، ويشتغلوا بالارض كل النهار، ويزرعوا  قمح.. كانت امّي لمّا يزرعوا قمح، تروح ع الارض وتجمع القمح على بعضه..
الإسلام كان عندهم رزق كبير.. كان عندهم اراضي وكانوا يشتغلوا بالزراعه وخصوصا زراعة الدخان، ترشيحا كان عندها رزق من هون لنهاريّا.  

كان النساوين تروح على الوعور، وكنت ألحق أمي وأنا صغيرة، هيّي تحطّب وأنا أجمع الحطب، كل يوم النسوان ألمسيحيين يروحوا يجيبوا حطب، نسوان الاسلام كانوا يجيبو الحطب على الحمير.. بس ألمسيحيات ما كان عندهم حمير... كل شغلنا كان على الحطب، خبز، تسخين مي، طبيخ، لا كان غاز ولا إشي.

قبل ال48 كنت من الصبح أقوم أطلع على كرم التين حتى أجيب سلّة تين لأبوي، كان يوكل تين قبل ما يطلع على الشغل، بتذكر كان يفيّقني ويقولّي يللا يابا، بعرفني أنا نشيطه.. ما تصير الساعة ستة إللا أنا جايبي تين، يوكل تين ويشرب قهوه ويروح ع الشغل.. بعدين ابدأ أعجن وأخبز، كان عمري حولي 15 سنه... اولاد أخوي كانو صغار، وانا كنت مسؤوله عنهم، أضلني حامليتن.. وأروح ع الارض وأنزل على الكرم أحوّش مشمش.. كان ابوي يعلّقلي قضيب الحديد من فوق وأنا أحوّش سطل المشمش، احطهم بقضيب الحديد وأنزّللو إيّاه، يعبّي سحاحير ويوخدها على الحسبة على حيفا..

النساوين المسلمات لما كانت تنزل على الارض كانت تترك اولادها عند حماتها او أختها، بس كان في نسوان تأخذ اولادها على الارض، يحطوا اكياس على الارض وينيموا الاولاد على الكيس وبس يخلصو ييجي زوجها ياخذها هي والولد.. النساوين اللي كانت تخلّف كانت بعد جمعة ترجع على الارض تشتغل وتنكش، مش مثل اليوم كثير نسوان عندهم سرطان بالصدر، من زمان كانت النسوان ترضّع، وما يصيرعند النسوان هاي الأمراض... حتّى كانو قبل لمّا تخلف بنت يزعلو ولمّا يخلق صبي يصيروا يزغرتوا...
أنا لمّا خلقت نزلت طب على وجهّي، فكروني صبي، الدايه زغرتت ونزلت ستّي وجابت حلويات لأنّه أبوي كان وحداني، وهي طالعا على الدرج شافت عمتي الخوريّة، قالت لها ليش كل هاي الحلويات ما هي خلّفت بنت، قالت لها بنت !! أنا مش جايبي حلاوة الولد، انا جايبي حلاوة سلامة الإم.. كانت عمتي تقول الله ريتا ما كانت وما إجت، بس لمّا كبرت وصرت أروح وآجي قالتي ستّي والله بتسوي 100 صبي، كثير كانت تحبني.. واللي ما كان يجيب ولد يقولوله أبو البنات.. الاسلام كانوا يتزوّجوا اكثر من وحده بس عنّا شو ما كان يجي خلص.. ما كان قبل في طلاق للمسيحيين بس كان في هجر، كانوا يهجروا نسوانهم.. مثلا في واحد مرته انجنّت وهي صغيرة وبقي يربي اولاده لحتى مات وما تزوّج عليها.. ياما كان في ناس متفاهمين وناس مش متفاهمين..
 
بترشيحا كان في طواحين ومعاصر زيت.. أبوي كان عنده معصرة زيت، إشتركو معه ناس إسلام من دار أبو حسّان ودار سماره، هم كانوا يشغلوا وابوي كان ييجي يوخذ حصته.

المختره والمجلس
بترشيحا كان في مجلس، وين ساكن اليوم أبو بلال، رئيس المجلس كان أسمه التقي احمد آغا، كان في مختارين للمسيحيين واحد اسمه أبو سامي بشارة، لمّا احتلت اليهود ترشيحا خاف وهرب ولمّا رجع بطّلو يعترفو فيه وعيينوا محلّه ميخائيل موسى كمختار.. أبوي كان مختار الروم وما طلع من البلد وضل مختار،.. عند الإسلام كان مختارين ..بترشيحا كان في مجلس ومخاتير، المجلس ما كان يفتح كل الوقت، كان شغله مثل اذا وحدة خلّفت وبدها تسجّل ابنها، او اذا واحد توفّى كانوا المختار يطلع ورقه دفن..  المجلس كان يشوف الأمور في البلد ويحل المشاكل...بترشيحا كان في نقطة للبوليس الانجليزي وبعدين صار في مركز بوليس.

عن اللباس والاعراس:
النسوان المسلمات الكبار بالسن كانوا يغطوا وجوههم وتلبس تنانير سوده مع بلوزات..  بس الباقي  كانوا يلبسوا فساتين مع زنّار أو كشكش ومنديل على الرأس.. .. النسوان المسيحيّات يلبسوا عادي بس كُم طويل، بس كمان كانوا يلبسوا على راسهم لما يصيروا كبار بالعمر.

لمّا كنّا صغار ما كنّا نلبس بس لمّا كبرنا كل الملابس كان خياطة، كان عنّا دكانتين، يشتروا شقف ويخيطوا...حتى العروس كانت تخيّط كل جهازها.

الرّجال أكثر يلبسوا اللباس العربي أو أونباز.. بعدين صاروا يلبسوا بناطلين.

الاعراس المسلمه ما كانت تفرق عن الاعراس ألمسيحييه، كلهم دُربكّه وزقفة، بس كان الفرق الوحيد كنيسة وشيخ.. كانوا يقعدو جمعه قبل العرس، يعجنو ويخبزو، وكل البلد تشارك .. كان في نسوان صوتها حلو تصير تغني، مثل أم جورج وأم موسى صبحي اللي كانت تدق عود وتغنّي ولمّا تيجي يقولو إجت لمياء.... عند الإسلام كانت وحدة يقولولها أم مصباح كانت تسحج وراء العريس وتغنّي.. كان الرجال يمشوا من قدّام والنسوان وراء. كانت الاغاني تختلف من بلد لبلد، مثلا بترشيحا يغنوا: ترشيحا يا ركن الجبل ومزيّني برجالها واللي يحاربنا نحاربه وبالسيف نقطع شاربه

البنات كانت تتزوّج وهي صغيره يعني من جيل 15-20، يعني اللي بتصير فوق ال20 يقولو هاي كبرت.. أمي بنت 15 سنة كانت مخلفي أخوي..
العروس اللي جاي من السّاحل وطالعا للشرق توقف بترشيحا، كانت ترشيحا هيّي عروس الجليل والقرى كلها أو ركن الجبل يقولولها.

المواصلات
بكل ترشيحا تكسي واحدة بس وفي باصات.. مثلا الباص لازم يمشي على الساعه ثمانية وفي زعيم بدّو يروح فيه، تستنى الناس للعشره وما حدا يسترجي يحكي لحتى ييجي الزّعيم .. لمّا بقول زعيم بقصد مختار أو حتّى زعماء.

بترشيحا كان في شركة لنعيم مسعود، وهو كان شوفير.. وكان في كمان شوفير أسمه محمّد الدقّاق كان دمُّه خفيف بتذكر مره كان سايق الباص من عكّا لنهريّا لترشيحا ولفسّوطة، إسّا كان معه واحد من فسّوطه، لما ووصله على فسوطه صار الزلمه بدّو يعزموا على العشاء .. قالو الشوفير بدّي أروّح صارت الدنيا ليل.. قالو بدّي أطعميك أكلي فش أطيب منها أسمها كوسا لَيّا.. حطّو الاكلة واللا هي كبّه بطحينة اللي مزقلطه بعدس.. قالو شو هاي الاكلة، قالوا دوقها مطيبها بتحرق.. ومن فسّوطه لترشيحا وهو يقول: كوسا ليّا وكوسا ليّا غيّرو اسمك عليّا، وبترشيحا كبّة طحينة وبفسّوطه كوسا ليّا..

الصحه
بترشيحا قبل الاحتلال كان ييجي دكتور من عكّا اسمه ناجي وبعدين إجا دكتور من نهاريا اسمه ناتان كان فاتح عياده بدار نمر الدقاق .. يدور الناطور مثلا بالبلد وينادي: يا أهل ترشيحا بُكره بالساعة الفلانيّة في دكتور.. وكل الناس تنزل تستنّى بالدور.. ممكن يكون معه دواء وإذا لأ ينزلوا على عكا.. واللي بدّو مستشفيات كان يروح على رمبام او على صفد او بيروت .. كان سيدي ألخوري مريض بسرطان بمعدته، أخذوه على بيروت.. كان في قطار على لبنان وكان في تاكسيات العَلَمين ( تكسيات فلسطينيّة) تروح من عكّا مباشرة على بيروت، كانت الطريق مفتوحة.. إحنا لمّا كنّا نروح على عكا أو حيفا ما كنا ننام من فرحنا..

عن ثوره 36 والانجليز
كان عنّا كرم تين وكانت ستّي أم أبوي تعمل عريشه وتنام فوق هيّي وإخوتي الصغار عشان يحموا التين من السرقه، أبوي كان ينام بكرم التفّاح تحت وستّي تنام بكرم التين..

بثورة ال36 كنت طفلة صغيرة، يمكن كان عمري 6 سنين.. مش متذكري كتير... بس متذكري قصّة صارت معي، بأيّام التين طلعت عند ستّي وأخذتلها زوّاده، وطلبت مني انه ابقى بالارض هون عشان بدها تنزل تمللي مي من العين تحت... نزلت تملّي مي واللا طيّارتين  قربوا على الارض وصاروا يطخّو.. صرت ارجف من الخوف، أطلع على التينة وأسقط من خوفي، الطيار شافني من الطيّاره وحرك بأيده، بعدها وقع الفشك اللي كان يطخ فيه ع الأرض، ولما راحت الطيارة  نزلت عن الشجرة وصرت الم الفشك.

بعدين إجت ستّي تصرخ من تحت، وتقول شو صار فيكي يا ستّي، وانا من الخوف مش قادري أحكي، كنت أرجف وحسّيت إنّو شعر راسي واقف كأنه شوك بس أمسك شعري ينزل.. إجا أخوي جميل بعد ما انتهت القصه وركّبني على ظهره وما كنت واعي بالمرّة، جميل كان أكبر منّي ب12 سنة، بعدها جابوني ع البلد وأخدوني عند واحد طمرجي حلقلي شعري وصار يحطّيلي دواء على شعري.. هاي الرعبة ما بنساها، هاي كانت على زمان الثورة..

كمان قصة صارت مع الانجليز، كان في واحد أسمه حسني الدربي، أبوها لبسمة وكان موجود فوق بالجبل، لما صروا يطخوا إجا عنّا عشان يتخبّا بالعريشه والطيارة لاحقيتو.. ضلّت وراه لحتى فات البلد وتركته.. بهاي الغاره انقتل ثلاثه او اربعه، واحد قتلوه لانه كان ماسك عقده ويحوّش تين، الانجليز فكّروها بروده وقتلوه..وكان في مرا كانت حاملي حملة حطب وطخّوها.. يعني قتلو الانكليز 3 تقريبا..

كان الانجليز لما ييجو على البلد تصير الناس تقول غيّمت يا شباب، وتصير الناس والثوار تتخبّا، واللي عنده برودي يخبّيها، ترشيحا كان فيها ثوار من اهل البلد وكمان من بلاد تاني.

الانجليز كانوا يأمروا  كل الرجال تنزل على البركه تحت، وين الملعب اليوم بأوّل ترشيحا هاي كانت بركة مي بس نشّفتها إسرائيل، وكانت كل أهل ترشيحا يزرعو دخّان ويقطفو مشاتل من هاي البركة....

كانت الرجال تنزل  تحت ويضلّوا هناك كل النهار، يمنعوهم يطلعو ويوكلو ويشربو... بتذكّر مرّة أبو سامي بشارة دعسوله على إيده وكسروله إيّاها وهنّي يدفشو عند البوّابة، عشان يسألوا إذا في ثوّار واللا لأ... كان يكون معهم أسماء عن الثوار لانه كان في عرب يعطوا أسماء... كان الانجليز يجيبو واحد عربي يقعد على الدبّابة ويصير يقول هذا مع الثوّار وهذا لا... بتذكر كان إسمه رباح العوض من المزرعة.. واللي بشكّو فيه كانوا يحبسوه وبعدين يطلعوه... كمان كانوا يدخلوا على البيوت ويصيروا يخربوا ويحرقوا ..

كان عنّا كمان كرم زيتون وارض تين على العين ... مرّه ستي كانت قاعدي تحت عامود التين،  رحت عندها اجبلها الزواده، وللا اجا علينا مهندس يهودي من حيفا إسمه يوسف حتى يصلّح العين، قال لستي: بتسمحيلي يا خالتي آكل هون.. قالتلو تفضّل يا حبيبي أقعد هون على الارض.. قاللها شو جابتلك بنت ابنك اكل، قالتلو باذنجان... قالها بدي اذوق، قالتلو تفضّل وحطّتلو بالصحن وأكل معنا.. قالتلو صلحها منيح للعين مش تروح تسيب، قاللها، ما تخافي الشغل على كيفك، احنا عارفين إنّو هذا كله النا وهاي كل الارض راح تصير النا...هاي القصه بتذكّرها منيح ...

الثوار والمجاهدين كانوا ييجو بس عند ألمسيحيين عشان يوكلو، ابوي ما كان ملحق ينزل على الدكاكين يشتريلهم حلاوي واكل، كانوا يدخلوا ببساطيرهم الموحله ويسخوا الفراش والأرض.. لمّا اجا قرار التقسيم صار في إضراب بفلسطين، كانوا يعلّقوا أعلام فلسطين على الكنيسة والمدرسة ويطخّو لانه ما بدهم التقسيم.. كان كل ليلة واحد من أهل البلد يطلع يحرس واذا ما بدّو يعطي لغيره.. لمّا صارت معركة الكابري، كان الثوار يضبّو أكل من البيوت، بتذكّر كان احد الشعانين عنّا وصاروا يجمعوا خبز وأكل من الناس.. بترشيحا كان في راديو واحد وكانت كل الناس تتجمّع وتسمع الأخبار عليه..

كنت اسمع واحنا صغار عن ناس كانوا يتهموها بالخيانة، كانوا يجيبوهم من عكا ومن حيفا على ترشيحا، ويحبسوهن بالدّبشه.. يحطّوهم بالبير ويصيروا ينزلولهم الأكل فيّ.. في واحد من عكا دخل من تحت دارنا وصار ينتق دم، قالوا هذا عشان كان محبوس.. الثوّار من ترشيحا هنّي اللي كانو يحبسوهم.. بتذكّر مرّه إتّهموا واحد أسمه ركاد الجشّي إنّو بدّو يبيع أرضو لليهود، وأخذوه وقتلوه..

قبل الاحتلال
قبل ما قصفوا ترشيحا بدينا نحس بالخطر لمّا دخل اليهود على سعسع، وصرنا نسمع صوت الانفجارات لأنّه سعسع كانت عالية... وصاروا يقولوا راحت سعسع باللي فيها، حوالي 48 واحد مات، ولما صاروا يسمعوا عن القتل وعن مذبحه دير ياسين، وصارت الناس تيجي تتخبا بترشيحا، ويقولوا اجو اليهود... اجو اليهود...، كثير لاجئين اجو على ترشيحا، من الكابري وسحماتا وعكا وصفد.. مثلا بالكابري لمّا قصفوا دار سرحان، كل اهل الكابري إجو عنا، الغني منهم هرب والفقراء اجو وتخبوا بالجامع، وصارت الناس تجيب اكل وطحين عشان يطعموهم.

احتلال ترشيحا
دخل اليهود بالاول على معليا وبعدين اجوا على ترشيحا، لما دخلوا على ترشيحا بسياراتهم كانت اغلب البلد فاضية، لانه قبل هيك كان في غارات وقصف على البلد من الجو.

لمّا قصفوا  ترشيحا، ضربوا على الجامع قنبلة ومات حوالي 18 واحد منهم...طلبوا من  أبوي ييجي على الجامع عشان يدفن الجثث قبل ما تطلع الريحة، راح ابوي وكام واحد وصاروا يحفرو جوره بالجامع ودفنوهم...

بايام الاحتلال بنى جيش الانقاذ مشنقة كان وين اليوم موجود البنك العربي... وشنقوا  ثلاث عرب اتهموهم بالخيانه لصالح اليهود كان واحد من عكّا اسمه فرج كان يبيع جرائد واثنين من البدو، جابوهن على البلد وكانت قيادة جيش الانقاد هون، حكموهم بالإعدام وشنقوهن بالليل... 

كان مقر جيش الانقاذ وين كانت البركه ،هالجيش ما كان يعمل إشي، كان بس يوكل ويشرب ويعطي ملابسة للناس حتى يغسلوهم..
جيش الانقاذ هرب من ترشيحا من الساعة ثماني الصبح.. بتذكر كنت قاعدي أنا وأبوي عم نشرب قهوه، صار جيش الانقاذ يمشي جنب البيت، قاللهم ابوي شو في يا عمّي؟، ما ردّوا... قالهم روحو الله لا يبارك لكم.. ساعتها قال أبوي خلص خربت.. ثاني يوم اجت الطيارات وضربت تشريحا...

لمّا انسحب جيش الانقاذ، إجا اليهود ثاني يوم على المجاهد، كان في واحدة روسية اسمها ديبي متزوجه أبو إياد، صارت الناس تقول انه الجيش الروسي احتل ترشيحا ونادوا على لديبي عشان تحكي معهم.

لما طلعنا من ترشيحا ما كنّا واعيين لإشي، لمّا صارت اول غاره على البلد على الساعة 5 الصبح، كنت أنا قايمه عشان أعجن شويّة عجين لحتى نوخذ خبز معنا، وأبوي قاعد بشرب قهوة... ما حسينا واللا  فات عنا أبو محمود الهوّاري... يركض ويصيّح ويقول بيتنا راح.. طلعوا يشوفوا شو صار وأنا لحقتهم.. كان إله أخت اسمها فوزيّة كانت بصفّي... هيّ أوّل وحدة طلّعوها بس ما كانت محروقة، بس لمّا طلّعوا زوجه كامل وإبنه كانوا محروقين.. مات كثير ناس بهاي الغاره، حوالي 18...  في بنت عمرها 13 سنة كانت حامل، نطّت من الشبّاك، وإجو لفّوها بحرام وحمّلوها..ما لحقوا يدفنوا كل الجثث لانه اجت كمان غارة وحطوهم بعقد... انا كتير شفت بهاي الحرب... فاطمة الهواري أكلت هوايتين وبالتنتين سلمت، أوّل ضربة إجت بظهرها وأخدوها على بنت جبيل وصحّت، وتاني ضربة كانت تحت الرّدم، كنا نسمعها تقول اللي عم بقيم الرّدم أنا تحت شوي شوي.
لما اجت الغارة الثانية احنا كنا عند مرج سحماتا، في ناس ماتت وهم بسحماتا وهم هربانين هناك كان في واد منشّف، ضربت الطيّارة هناك وتخبّينا تحت الزيتون، كان عمي يقلنا حطّوا الزيتون بفمكو(كان الزتون صار أسود) بتلاقوا ريقكم فايض وما بتعطشو... وضلينا ماشيين لحتى وصلنا عند أختي على البقيعه.. اليهود كانو يقصفوا عشوائي.. في وحدة، بعدها عايشي لليوم، زوجه رفعات، هاي كانت هي وزوجها واولادها الثلاثة لما قصفوا، هم ماتوا وهي نجيت.. جابوها وحمّلوها، وقتها ما كانت تقدر تمشي، بس مع الوقت صحّت وتزوّجت رفعات وصار عندها اليوم اولاد ..

لما وصلنا على البقيعة عند أختي المتزوجه هناك.. كانوا يقولو وين في دروز روحو تخبّو هناك، كتير ناس تخبّو بفسوطه، وكفر سميع والبقيعة.. لانه الجيش ما كان يضرب على الدروز..

الدروز خدموا بالجيش بالاحتلال..مضوا اتفاقية مع إسرائيل بعد ما سقطت حيفا، والدالية وعسفيا (17 شاب راح من عسفيا والدالية)، همّي مضوا ما عرفوا بالمكتوب... بقولو انه الشيخ أمين اللي مضى...اليهود اجو عند المطران حكيم عشان يمضي على الخدمة بالجيش بس هو رفض.. عشان هيك الخدمه عند الدروز اجباريه.

بعد 3 أيّام صاروا ينادوا بالبقيعة "كل الأغراب تطلع من البيعة ما بدنا نشوف حدا غريب هون واللي ببقى الجيش الإسرائيلي راح يلقي القبض عليه"... رحنا يومتها قعدنا بالكنيسة بالبقيعه، كان بيت اختي قريب على الكنيسة، وكانت تطبخ وتجيب الأكل، كنّا ايامها كتار..
بعد 13 يوم اجا يهودي أسمه يوسف الزيناتي، نادى على اختي، طلع زوجها وقاللو اليهودي: يا ابو فارس عندك زوجة المختار اللي بترشيحا، قاللو آه، قاللو أعطيها هذا المكتوب.. طلع انه ابوي بعت عشان نرجع  ع ترشيحا. حملنا شويّة غيارات، ورجعنا ع ترشيحا... الناس كانت تموت عالطريق.. إخوتي هربوا على لبنان، الشباب كانت تروح على لبنان أكثر..

بعد الاحتلال
قلائل اللي بقيو بترشيحا، بس صارت الناس تيجي، كان أبوي مختار يبعتوله ويسألوه مثلا عن شخص معيين، يقولهم هذا من ترشيحا، وهرب من الخوف فيعطوه ورقة ويقعد هون، ابوي صار يكفل الشباب،.. مرّة كفل واحد من عكّا يبقى هون، ثاني يوم واللا الضابط ببعت لأبوي وبقلّو يا مختار مش راح أحاسبك على أعمالك بس إنت عم تكفل مين ما كان، اللي كفلتو إسّا موجود بلبنان.. أبوي تفاجأ وقاللو خود هاي ال100 ليرة، أنا شو بعرّفني... كان أبوي يكفل كتير ناس.. وكانو ييجو من مجد الكروم ومن جت نسوان وأطفال يناموا عنا على الارض، وبالليل أمي تقوم تعملهم أكل وتستقبلهم.. ابوي ما كان يقبل انه ينامو بمركز البوليس، كان يجيبن عنا..

أنا لمّا رجعت من البقيعه على ترشيحا كانت البلد خربانه، كانت القتلى بعدها بالأرض والكلاب توكل فيهم.. البلد كانت فاضي مع إنّو كان في ختياريّه كثير اللي بقيوا بس ما كانوا يحكو معهم لأنّه بعرفو انه راح يموتوا عن قريب،  بس لمّا ييجي شاب مثلاً يمسكوه.. إحنا طلعنا قبل ما يدخلوا اليهود ورجعنا وكانوا بعدهم بترشيحا ... الناس اللي كانت ترجع من لبنان كانوا يمسكوهم ويعملوا معهم تحقيق مثلا فخري بشارة وأخوه...

اللجوء الى لبنان ومعامله اللبنانيية للاجئين
أخوي هرب على لبنان، وسمع مره حديث من جارتين، واحده بتقول للثانية: "روحي الله يلعن هالوجه الناشف مثل ألفلسطينييه.."، ساعتها قال أخوي لو أموت بفلسطين بس بدي ارجع، وهيك رجع.

عائلتني كانت مكونة من 5 اولاد و8 بنات.. بال48 كنّا كلنا مع بعض بس لمّا هربنا.. كانت الشّباب تخاف، فهربوا اخوتي على لبنان..هذا  قبل ما يعملوا القسايم، بعدين راحت خالتي مع واحده اسمها إم ركاد وجابتهم بليلة واحده، عملولهم تحقيق وبعدين اعطوهم القسايم..

هاي ام ركاد كانت تروح على لبنان تجيب رز وسكّر وعرق  تهريب وعاشت من ورا هالشغلة، وكانت توخد مصاري وتروح تجيب الشباب من لبنان... كثير ناس كانت تموت من الألغام.. كانت النسوان هي اللي تطلع ع لبنان وتجيب الشباب، كانوا يروحو مشي من فسوطه لرميش.. ما كانو يبعتو الرجال لانه يخافو يقتلوهم..

الهويات
أعطونا قسائم ودفاتر، كان أخوي على زمن الانكليز يحكي عبراني، واشتغل انه يعطي قسائم للناس...وبعدين صارو يعملو الهويّات.. واللي ما معه قسيمة كانوا يطلعوه من البلد.. لحتى المطران حكيم وصار يكفل ألمسيحيين، ويعطيهم هويّات حمرا، مثل دار نخلة طنّوس.
المسيحيين اللي رجعوا أكثر من الاسلام، بس في كام بيت مسلمين رجعوا.. كان الإسلام يخافوا أكثر من ألمسيحيين، كانت الاشاعات تقول إنّو الجيش بقتل الإسلام.

بعد ما رجعنا على ترشيحا كل الشبّاب راحو يشتغلو بالعمار والكيبوتسات..  وكانت البنت اللي متعلمه لصف الخامس يبعتوها دوره على حيفا سبعة او ثمانية اشهر ويعينوها معلمة لصف أوّل وثاني، أنا قدّمت اشتغل بس ابوي ما قبل.

مساعدات لسكان ترشيحا بعد العوده
كان في ناس تساعد.. كانو يجيبو أواعي عتيقة كثير ويحطّوها عند الرّاهبات ونصير نعرّب للصغار، للشباب، للبنات وكل بيت يوخد شوي.. يجيبولنا حليب ناشف وعلب لحمة ويفرقو للناس.. عملوا ملجأ للختياره اللي ما كان الهم حدا وكانت أم يوسف تطبخلهم .. كان في اعاشة كمان، الحكومة تجبلنا رز وشقف شوكولاطة وطحين وتوزع علينا، وكانو يعطونا كروته نقط لكل عائله .. لمّا رحت بدّي أتزوّج أخدت من إخوتي واسلافي كل الدفاتر وجبت كسوة الي.

بعد الاحتلال عشنا فنرة الحكم العسكري، كنا ممنوع نروح على معليا بدون تصريح من الحاكم العسكري.. يبوتنا كنّا نضويها على الكاز والرومانيّه الحكومه تضويلهم على الماطور.

عن مصادره الاراضي والرومان
الرومانية طلعوا من ترشيحا لمّا بنوا الهم المستوطنات، اهل ترشيحا هنّي اللي اشتغلوا بالبناء، الناس بدها تعيش بعد ما اخذولها كل رزقها واراضيها.. طبعا الموشاف اليهودي كان على اراضينا، مثلا كرم التفاح وارض الزتون تبعنا بنوا عليه جزء من الموشاف، عرضوا على ابوي يبيع او يبادل ولما رفض صادروا منه الارض.. في مخاتيرين الي مضوا على مبادلة اراضي البلد وهيك انجبر ابوي يمضي كمان.

أوّل ما فات الرومان على البلد كانوا يطلعو شخص من داره ويسكنوهم محله.
بحارتنا ما كان في رومانية بس بحارة الدكاوري طلّعوهم كلّهم وأعطوها للرومانيّه وحاصرو اهل البلد بمنطقه وحده، كان ممنوع نكون قراب على.. الرومانية.

دار فارس مصطفى عملوها مدرسة لليهود... لما طلعو اليهود باعوا دورهم، احنا اشترينا دار بحارة الدكاوري.. وكان الكنيس جنبنا، صاروا وقتها ييجو اليهود على بيتنا وطبلوا منا نفوت نضوي ونطفي الكهرباء بالكنيس.. لانه أيام ألجمعه والسبت ممنوع يضوا الكهرباء. 

---------------------

قابلها: رنين جريس ووجدي شاهين
مكان المقابلة: بيت الراوية في ترشيحا
تاريخ المقابلة: 1\11\2006