سليمان محمد حسن علي محمد زبيدات

تفريغ اجزاء من المقابلة 13/03/2007

لمشاهدة فيديو المقابلة، بجزئيه الأول والثاني، إضغط\ي هنا

اسم القرية: الباطل نسبة إلى الباطل عكس الحق. العرب بكل المنطقة اسمهم عرب البواطلة.
طبيعة الأرض: سهلة ووعرة
الحالة الاجتماعية: متزوج
عدد سكان القرية عام النكبة: حوالي 4000 شخص
كانت تتبع المنطقة إدارياً لبئر السبع وتبعد عنها (6-8 ) ساعات على الأقدام و (5-6 ) على الجمال
الأودية المحيطة بالقرية: وادي أبو هربيد من الناحية الشمالية ويبعد حوالي (3-4) كم، ووادي العقبي يبعد حوالي (3-4) كم ، ووادي خويلفة شمال شرقي ويبعد حوالي (2-3) كم

المستعمرات القريبة:
زمّارة: تقع في الجنوب الغربي وتبعد حوالي 4 كم
أبو العسل: تقع غرباً وتم شراؤها من شخص عربي يدعى  صالح النجار وأقاموا فيها مزرعة أبقار، مسؤولها يدعى أبو علي، وهي أقرب مستوطنة للباطل وبينهما علاقة زراعية وودية وكان مختارها يشاركهم في المناسبات. مختارهم كان يشاركنا بافراحنا.
الهزيّل: تقع شمالاً ومسؤولها يدعى أبرام .

اسماء العشائر التي كانت تسكن قرية الباطل
من الغرب عشيرة الهزيّل
من الجنوب ابو جقيم
من الشمال الزوايدة
من الشرق أبو لبّه
الرماضين
العقبي
خليل ابو الحاج القريناوي من الغرب
جميع هاي العائلات تابعه لقبيلة التياها، ما عدا خليل ابو الحاج واللي هو قريناوي.
هدول اللي متذكرهم.

كان في الباطل حاكورة زرع فيها شجرة جميز تشبه التين طولها حوالي 6 م كل الاولاد يلعبو تحتها. وكان عنا صبر وتين وعنب وخيرات الله. 

المدرسة
كان في مدرسة تدعى مدرسة سليمان العقبي مبنية من الطين والحجر. سليمان العقبي هو كان المدرّس بالمدرسة. اخوي سليمان كان يروح على المدرسة وبعدين درس في الفالوجة. انا كنت اوصّل اخوي على المدرسة كل يوم ما عدا يوم الجمعة والخميس.
انا ما رحت على المدرسة لانه الحالة كانت صعبة، سنه فيها منتوج وسنة ما فيها منتوج. ابوي اشترى بهيمة ب 10 ليرات والعشر ليرات بحينا كانت مبلغ كبير. ابوي قال لي انه انا ادير بالي على البهيمة لانه لو تركتها راح يسرقوها. فكنت اوصل اخوي على المدرسة، انا اركب على البهيمة واخوي يركب على الحمار. نوصل المدرسة وانا اقعد برا بالشمس، ادير بالي على البهيمة، واستناه حتى يخلص تعليم ونرجع على البيت.
اخوي كان يوخد معه كتب على المدرسة، ابوي كان يتشري الكتب من بئر السبع. كنا اربع اولاد من الباطل نروح ع المدرسة.
المدرسة كانت صف واحد وعدد الطلاب كان قليل، يمكن 4-5 اولاد. البنات ما كانت تدرس. اخوي لما ختم القرآن راح كمّل مدرسة بعراق المنشية وهناك ختم القرآن كمان مره.
ابوي وامي راحوا زاروه، واللا لاقوهم عم بعملوا سنانسل ووجوهم مليانه رمل، بدل ما يدرسوا. اللي طلب منهم يعملوا سناسل كان الاستاذ تبعهم وكان اسمه محمد العرقاوي. احنا كنا ندفع مصاري للمدرّس وكمان زكاة الصيام.
لما ابوي شاف الاشي، رجّع اخوي على البلد.

المقدسات
لا يوجد مسجد في البلدة ولا كنائس وكل واحد كان يصلي في بيته. كان فيها مقام أحمد الفالوجي في الفالوجة، ومقام أبو هريرة الذي يبعد حوالي 3 كم من الغرب. المقام كان بناية، وعلى ايام تركيا، استعملوه كمخبز. اهل الباطل الكبار بالعمر كانوا يزورو المقام وكانوا يزورو البحر. البحر كان قريب مننا، البحر بعيد عننا يوم مشي.
انا وصلت البحر وتسبّحت فيه. ابوي كان كل سنه يزور البحر وياخد ذبيحة معه. كانوا يطلعوا معنا عائلات تاني. بالبحر كنا نقضي نهار كامل.

المياه
كان عنا جلان حديد وجرار فخار. كانت القرية تعتمد على مياه الآبار منها: بئر أبو منصور من الشمال وبير أبو عبد القادر الجريناوي من الجنوب، هدول بيارة كنا نجيب منهم ميّ للشرب. وكان في بير يملكة الحج سنجر، يقع في الشمال وكانت الناس تعبي ميّ مقابل المال. كنا ندفعله شهري، تقريباً بالشهر ندفع ليرة ونص. المي كانت ببلاش. كنا نجيب اربع جرّات مي وكانوا يكفوا 10 انفار. بير ابو منصور وابو عبد القادر كانوا كمان بفلوس.
اللي كان يجب الميّ بالاساس كانوا رجال. كانوا يربطوا دلو بالحبل ويعبوة من البير ويكبوا الميّ بالبركه واحنا نعبي من البركة.
الآبار كانت ارتوازية، حوالي 12 متر. مش غميقة.

دكاكين
الباطل كان فيها دكانتين لاشخاص من غزة واحد اسمه محمد من الدوايمة والثاني من غزة اسمه نعمان ابو نصرالله. الدكاكين كانت داخل المُغر.الباطل كانت كلها بيوت شعِر. كانوا يبيعو سكر، تمر، حلاوة، برتقال، فجل.. زي دكاكين اليوم. الدكاكين كانوا من الجهة الشمالية لخربة الباطل.

راديو
كان يوجد راديو واحد عند شيخ الرماضين. انا كنت اسمع اخبار فيه.

حلاقين
لا يوجد حلاق في القرية. ابوي كان يحلق إلنا، كنا خمس اخوة.

افران
لا يوجد أفران، كانوا يخبزوا على الصاج ويطبخون على النار. كنا نذبح ذبايح بالاساس. في ناس كانت تستعمل طحين قمح وفي ناس تستعمل طحين ذرة.

خياطة
كنا نخييط ونشتري القماش من بير السبع

اوقات الفراغ
كنا نعمل طابة ونعلب فيها. الكبار كانوا يزورو بعض باوقات الفراغ، وكانوا يلعبوا سيجة والصنية والخاتم في الربيع. كانوا يجيبو 6-7 فناجين ويخبوا الخاتم فيها، هاي بسموها الصينية. هناك شخص كان يعزف على الربابة يدعى عبدالله أبو زُغلة، كان ييجي من الجنوب وكل العالم تتجمع حواليه.

معالم تاريخية
كنا وإحنا صغار نلاقي حجار بالخرب قديمه ومنحوت عليها. الحجارة كانت كبيرة ومكتوب عليها. مره اجو اليهود علينا وصاروا يوخدو من نفس المنطقة حجار.

الارض والزراعة
أهم منتجات قرية الباطل هي: الذرة البيضاء والقمح والشعير، أما العدس فكان قليل ويُزرع للمونة فقط، أما الشعير فكان للبيع والتجارة لغزة. ابوي كان يبيع قسم من منتوج الارض ببلدة الشجاعية بغزة. كان يحمّل على الجمال للشجاعية التي تبعد عن غزة (6-7 ) ساعات مشياً ومعنا ثلاثة-اربع جمال. الطحين يُنقل إلى السبع على الجمال عشان نطحنه. وكان التجاره مقابل المال، فكان قنطار الشعير حوالي 15 كغم  يتم شراء الشوالات من غزة والسبع وكانت ممتلكاتهم عبارة عن كروم عنب وتين وتزرع بين منطقة الجريناوية وبين قرية الباطل. كل عائلة كان الها بيادر وكانت تملكها اكثر من عائلة. مساحة البيادر حوالي 4 دونم وهي ملك ل 3-4 أشخاص. البيادر كانت بأطراف البلد، أطراف الوديان. أما البساتين فهي ملك لشخص واحد يدعى محمد سليمان المنشد من الباطل وأيضاً لشخص اسمه مسلّم وعلي ابو محيسن من البواطلة، هدول كانوا مسؤولين عن البساتين. اشتهرت البساتين بأشجار صيفية كالكروم والتين والصبر والجميز وطريقة الريّ لمحاصيلهم كانت بعلية أي تعتمد على مياه الأمطار وكانوا يزرعون البندورة والفقوس والبامية بشكل قليل على أطراف البساتين بسبب تجمّع مياه الأمطار في سد قربها.

كنا نستعمل الجمال والخيل لحراثة الأرض وخلال موسم الحصاد كان يأتي أشخاص من الجنوب يحصدون الأرض وكان أجارهم حسب مساحة الأرض المحصودة، فمثلاً إذا حصدوا 4 دونم يأخذون دونماً واحداً لهم كأجار. لم تتواجد أي معاصر للزيتون في القرية ولا وجود لأشجار الزيتون لكن كان يوجد مطحنة في بئر السبع لشخص من غزة وكانوا اهل الباطل ينقلون القمح على الجمال والبعير وكانوا يدفعون مقابل الطحن المال او الطحين لصاحب المطحنة. كنا نطحن 100 رطل مره واحدة.
كان جزء من الأراضي الزراعية نضمنها لسنة او سنتين، وندفع مقابلها مبلغ بسيط، يعني كل 30-40 دونم كنا ندفع، خمسين او ستين ليرة.

كانت علاقاتنا الاجتماعية جيدة ، يسودها التعاون ويعين بعضنا الآخر في الحصاد والحراثة وغيرها من الأمور.
كنت أعمل حرّاثاً مع والدي وازرع ذرة قبل النكبة.

والدي ما كان يملك أرض لكن كنا نضمن الاراضي ونزرعها سنين. كنا نملك بيت شَعِر من اربع غرف وكل غرفة حوالي ثلاثة متر او ثلاثة ونصف. بخربة الباطل كان هنالك بيتاً واحداً مبنياً من الحجر لشخص يدعى علي أبو محيسب.
كنا نملك أغنام ويقدر عددها بحوالي (30 – 40) رأس غنم أبيض وأسود وكانوا ينامون معنا في بيوت الشعر شتاءً أما بالصيف فينامون بالخلاء، كنا نملك حوالي جمل او جملين ولا نملك الأبقار .
كنا ندفع قمح ضريبه للحكومة البريطانية. كنا اروح مع ابوي ونعطيهم اربع اوخمس شوالات ونرجع. بالمقابل ما كنا نشوف خدمات من الحكومة.

كان لدينا أوراق ثبوتية، لكن امي حرقتهم لما طلعنا على نابلس بسبب حصول مشكلة مع مصر. كان معنا اوراق واثباتات وجواز بريطاني وكواشين. احرقناهم بسبب مشاكل بين الحكومة الاردنية والحكومة المصرية. لكن وجدنا مع والدي فاتورة بيع جمل وأخرجنا بناءً عليها جوازات في الاردن لنثبت وجودنا قبل ال 48

مراكز الشرطه والسجون
لا يوجد سجون في المنطقة  وكانوا يذهبون لمركز شرطة في الهزيّل الذي يتكون من طابق واحد مبني من الطين والحجارة وكان عدد أفراد المركز حوالي 6-7 أشخاص والمسؤول عنهم أشخاص من العرب يدعون العقيلي وموسى أبو عبيّد والإنجليز أيضاً. بهذا المركز ما كان سجن، ومن هناك يسلموا الشخص للسجن ببير السبع.

الأعراس والأعياد
كنا نعتمد في معرفة موعد الإفطار في رمضان على سماع صوت المؤذن فوق مركز البوليس في الهزيل الذي يعتمد على الساعة وقليل من يملك الساعات في ذلك الوقت. لا يوجد لدينا مسحراتي فكنّا نصحو على صوت الديوك للتسحّر والإفطار. كان في ناس تفتح بيوتها ويروحو عائلات يفطروا مع بعض. احنا اهلي كنا نروح عند علي ابو محيسن وكلنا نتجمع في بيته ونفطر عنده.
ما كان في جوامع للصلاه، بس كان في مناطق معينه نصلي فيها. والحلوايات كانت الناس تروح تشتري من الدكاكين.
بعيد الفطر ما كنا نذبح وبعيد الاضحى الكل كان يذبح.

كانت العروس تُطلب بجاهة ويطلب من أهل العريس المهر فقط ومدة العرس او ما يسمى التعليلة، كانت 4-5، أيام وكانت الذبيحة نقوط العريس. أم العريس هي اللي كانت تشوف العروس وتجوز ابنها. المهر كان بسيط. اغلى مهر كان 60 ليرة. الجاهة كانت تكون حوالي خمسة او عشرة اشخاص.

بالتعاليل كانت تتجمع الناس وتسهر وكانت الناس تضوي بلوكس الكاز بالليل. وكانوا يزفوا العريس على الجمل او الفرس والبنات تغني وراه.
العروس كانوا يغطوها بعباه واخوها او خالها كانوا يطلعوها من البيت على فرس او جمل والقريبة من الحارة كانت تمشي. وكانوا يزينوا الفرس ويحطو برقبة الجمل صوفية حمراء.

الطقول الدينية
احنا كنا ندفن الموتى بخربة ابو منصور. بالهزيّل كان في مقبرة. المقبرة كانت بعيده عن الباطل حوالي 2 كيلو. كل الناس كانت تشارك بالجنازة. بيت العزا كان يومين، ثلاثة او اربعة.
بالنسبة للحج، الناس كانت تروح على الجمال تحج. والناس تودعهم قبل ما يروحو.

فترة الإنتداب
عرب البواطي ما شاركوا في ثورة ال 36، احنا ما بدنا مشاكل. بفترة الثورة ما شفنا ثوار، بس بفترة النكبة كنا نشوف المحاربين. عقوبة الشخص اللي كانوا يمسكوه مع سلاح او سكينه كان البريطان يسجنوه خمس اشهر.

النكبة
بال 48 كان عمري 14-15 سنه.
اول ما صارت الحرب قام اليهود بثورة على العرب وصارت تجينا عصابات الهجناة. قبل الهجناة كانت القبائل مسيطرة على القرية. عندما اتت الهجناه صار في قتل العرب وذبحهم. بحينا كان سلاح العرب يتكون من السيف والخرطوش والبارودة والشبرية والسيف، اما سلاح الهجناه كان يتكون من الدبابات والسيارات. قاموا اليهود بحرق البيادر، الجرون، القمح والشعير. احنا انتقلنا لمطرح تاني، وصرنا نطلع بالليل عشان نوخد رزقنا من اليهود. دبابة بحاربها رجل بشبرية او سيف ؟!! طبعا لا. وهذا اللي صار معنا.
احنا ما اشترينا سلاح، واجتمعت العشائر حتى نبني خطه ونشتري سلاح، بس ما نجحنا نعمل هذا الاشي.

من الاحداث التي حصلت قبل الخروج من القرية، صاروا اليهود يهجموا علينا بالليل ويطخوا علينا واحنا كنا نتخبى بالوديان، في منهم كانوا يحرقوا البيوت، وقسم ياخدوا الغنم وقسم ياخدوا الخيل. حرقوا بيادر كل العشيرة. وبعدين بيوت الشَعر اشي انحرق واشي نجحنا نطفيه بالمي. همي كانوا يحرقوا ويهربوا.

اليهود كان يهجموا بالغارات بالليل، واحنا ضلينا بأرضنا حوالي شهرين ما بدنا نترك. بس بعدين لما شفنا انه ما معنا سلاح وما منقدر نقاوم تركنا البلد. بذكر هذا كان بفترة الصيف، كانت البيادر موجوده.

في الهجوم في ناس استشهدت، منهم شاب اسمه تَرزَق من الزبيدات، وواحد اسمه سلامة من قبيلة التياها، وعواده من الشجيبات.
محمد واخوة من التياهات انقتلوا كمان. ثلاث يهود قتلوا حوالي 14 شخص.
القصة هي انه اليهود حصدوا كل قمحنا وشعيرنا والذره وحطوهم في بايكة كبيرة على طريق بئر السبع - الفالوجة، هاي البايكة كانت لمحمد ابو العسل من الجريناوية، وكانت تبعد حوالي 1 كيلو متر عن قرية الباطل (البايكة هي مخازن للحبوب) وهي غرب كوبانية ابو العسل. اجو كل البدو في المنطقه وقرروا يهجموا على البايكه ويوخدوا المحصول.
اليهود كانوا حاطين كلب يحرس المحصول، واجو الشباب وحطوا اشي للكلب حتى يبطل ينبح.
الصبح اجو اليهود ما لاقوا بالبايكة ولا اشي. احنا استرجعنا حقنا. وتاني يوم الصبح لما شافوا اليهود انه البايكة فاضي ما ضل معهم عقل. صاروا اللي يلاقوه بالطريق يحطوه معهم بالسيارة. حطّوا بالسيارة حوالي 12 شخص. الشاب تَرزَق من الزبيدات كان يفهم عبراني لانه كان يتشغل ببير يعقوب مع البريطانيين. تَرزَق قال: يا جماعه بدهن يقتلونا.
اليهود اللي كانوا بالسيارة كانوا بنت وشابين ومعهم سلاح رشاشات. حطوا 14 طلقة في الرشاش. كل واحده طلقة. كل واحد كانوا يمسكوه الشابين والبنت هي اللي كانت تضرب النار. الطلقة كانت تضربها براسهم. قتلوهم كلهم وضل تَرزَق. تَرزق عمل نفسه مييت وحط على حاله دم ونام بين الجثث. الجنود شافوا انه بعد طلقة واحده وعرفوا انه بين الجثث في واحد طيّب. وصلت الجندية لتَرزق وشافته عايش وحطت الرشاش براسه وقتلته. الجنود هربوا وانا بهداك الوقت كنت على البهيمه وشفت الطخ واللي صار وفزعت للعرب ورجعت مع اللي فزعوا عند الجثث. اشي ركبوه على الجمال واشي على الخيل ودفناهم بمقبرة خربة ابو منصور. بين الجثث لاقينا واحده من الجقيمات بعده عايش وهو اللي حكالنا لاحقا كل القصة وشو صار.
من الشهداء كان شابين اولاد علي القصيّر وشابين اولاد حسن ابو شبيث، تَرزق، عواد. عواد هو اللي ضل عايش لانه اصابته اخطأت المخ واجت عند الرقبة، بعد ما حكالنا القصة مات من الاصابة.
بعدها صاروا اليهود يطخوا وينهبو الفرس والغنم والبقر، وبعد اللي صار احنا تركنا ورحنا على الظاهرية، كل العُربان تركوا مع بعض. احنا شفنا حياه ما مرّت علينا بالمرّه. من الظاهرية اجينا على الاردن

انا وابوي صار علينا اطلاق نار واحنا بالبواطي. يومها زرعنا ذرة بيضا بالارض ورحنا نقطفها. ابوي طلب مني اجبله دخان من السده. والله واليهود اجوا علينا من كبانيّة أبو العسل، 12 واحد مسلحين. احنا ما كان معنا سلاح، لو كانت معنا سلاح ما كانوا بقدروا علينا.
لما شافوني قالوا: زيه عرافي جناف (هذا عربي حرامي). جناف معناها حرامي. ركبوا سلاح ال 500 عشان يطخوا علي وانا هربت تحت عند الوادي وتخبيت هناك. هاي الحادثة صارت قبل ما عملوا المجزرة وقتلوا 14 شخص.

خلال فترة الحرب ما اجتنا اي مساعدنا او فزعات من الثوار. جاء الجيش المصري على بير السبع لكن ما وصل العُربان. الجيش ما عمل اشي وما دافع عن الناس. ابوي قالنا انه لازم نطلع وانه ممنوع يبقى ولا اي شخص من العشيرة في اسرائيل. العائلات ما طلعت كلها مع بعض، وقسم طلع على اساس انه راح يرجع. بتذكر اللحظة اللي ابوي قرر فيها نهدّ بيت الشَعِر ونحمله، بوقتها لا ضل حَب ولا جرون وولا اي حدا من العشيرة. الكل رحل. احنا رحنا على اللقية ووضعنا كل المونة والحَب اللي بقي معنا هناك وقعدنا كام يوم وبعدها رحلنا على الظاهرية. لما رجعنا عشان ناخد المونه لاقينا كل شي صار منهوب. العرب نهبوه. لما طلعنا من البواطل الكبار مشيت على الاقدام والصغار على الجمال.

اللقية كانت خربة، مُغر، ما كان فيها ولا دار. لما طلعنا من اللقية رحنا على منطقة الرماضين زرعنا هناك وما حصدناه. ومن هناك رحلنا على الظاهرية، طلعنا بساعات المغرب، مشينا حوالي اربع ساعات. احنا خرجنا مجموعة عائلات. الدنيا كانت مطر، شتاء. قعدنا بوادي عند الظاهرية بمنطقة زانوته، وادي الخليل. وبعدها انتقلنا نعيش بزانوته بسبب الطقس البارد. بزانوته حاولنا نحصد القمح اللي زرعناه بالرماضين وما قدرنا، صار اليهود يحطوا الغام ببيوت الرماضين ويهدوهم وينهبوا المحصول.
من زانوته رحلنا مباشرة للاردن. هذا كان بأول الخمسينات. 

الشتات
وكالة الغوث أجرت عملية احصاء في الظاهرية. سألوا المشايخ عن العُربان وتم اعطائهم بطاقات تموين. ما بنوا لنا خيم وفقط اعطونا مؤن. في الظاهرية ما اشتغل ابوي. كان بدهن يحطوه ناطور على الاراضي هناك، بس بعدها رحنا على الاردن. كنا ستة عائلات. خمس عائلات ضلت بالظاهرية واحنا رحلنا على الاردن.
اول منطقة اردنية وصلناها هي منطقة ابو عبيدة. هناك قعدنا شوي والحشرات كانت كتير. ابوي قال انه ما بده يقعد بهاي المنطقة. انتقلنا من منطقة لمنطقة وبالاخر استقرينا بإربد. 

سأعود لأرضي وأنا متمسك بحق العودة. بدي اعود لفلسطين واعيش عيشة حرّه. 

--------------------------
اسم الراوي: سليمان محمد حسن علي محمد زبيدات
مكان الولادة: خربة الباطل قضاء بئر السبع
تاريخ الولادة: سنة الجراد عام 1929
مكان الإقامة الحالي: إربد - الأردن
مكان التسجيل: بيت الراوي في إربد
اسم الباحث الميداني: سيد حجاوي
تاريخ التسجيل: الثلاثاء، 13/3/2007
قام بتفريغ جزء من المقابلة: رنين جريس واحمد عليان
تاريخ تفريغ المقابلة: أيار، 2015