سعد الدين ابو سويرح

2007
عرب صقرير (ابو سويرح)

اروي هذه القصة كما تناقلت بيننا نحن ابناء عائلة ابو سويرح عن كبار وشيوخ العائلة (استمعت اليهم منذ طفولتي وفي كبري واختزنتها في ذاكرتي وربما اكون قد نسيت بعضها) وهي احداث ما حصل للعائلة قبل الهجرة النهائية.

دارت الاحداث في شهر يناير 1948. قبلها بعام عرض اليهود على العائلة انشاء خط حديدي يمر بارضهم ليصل الى ميناء سكرير عند مصب نهر سكرير (هو وادي ولكن اخر 2 كم منه تصب فيه بعض العيون لذلك تكون المياه فيه طوال السنة). رفض شيوخ العائلة العرض والمغريات التي عرضتها الحركة الصهيونية واثبت ال ابو سويرح وطنيتهم العالية. بهذا الرفض تسلط عليهم بعض الخارجين ممن اووهم بديارهم واكرموهم من الناس واتفقوا مع محامي يهودي اسمه مويال لرفع قضيه عليهم لكسب بعض الارض ثم بيعها لليهود بحجة وضع اليد على الارض من قبلهم، فوقف شيوخنا والعائلات الوطنية القلسطينية والحركة القومية جميعا صفا واحدا وكسبوا القضية وكلفت هذه القضية العائلة المال الكثير واقول هنا العائلة لان العشيرة تضم معنا عدة عائلات واخوة اخرين ارتبطنا بهم باواصر المصاهرة و النسب.

في شهر 9/1/1948 دخلت اراضي القرية مجموعة من المتدربين من لواء جبعاتي خرجوا من معسكر جان يبنه جنوب شرق سكرير ونزلوا في طريقهم الى البحر بمحاذاة الوادي وكانهم لا يهتمون باصحابها ومن فيها، ربما ليدرسوا مرة ثانية امر السكة والميناء، فتنبه لهم ابناء ابو سويرح منهم عبد المالك ابو سويرح ومعه عدة ابطال من العائلة والعشيرة هم عبد الحميد ابو سويرح وحمد ابو سويرح وعبد الحميد ابو سويرح و سياح ابو سويرح و عبد الحميد ابو حزين وشخص من الرميلات من عائلة الصياح واخرين لا اعلمهم وتصدى هؤلاء للفرقة وقتلوا منهم 16 شخصا كما ذكر منهم شخص من عائلة رئيس اسرائيل الاسبق عزرا وايزمان ولم يصب من العشيرة اي شخص رغم انهم قذفوا عبد المالك بقنبلة فقتلت الفرس ونجا هو ولا اعلم هل قتل احد من المشاركين من خارج العائلة (هذه القصة معروفة في كتب التاريخ بمعركة سكرير). في هذا الوقت كان مختار العشيرة الشيخ محمد سلامه ابو سويرح الملقب بابي الشيخ في يافا يتابع اعماله حيث كان له عدة سيارات لنقل وتوزيع الزفزف (اصداف البحر وتجمع من مياه البحر في سلال ثم تنقل على البهائم الى المكب الرئيسي) على المدن و القرى، فقابله مختار قطره على الطريق الرئيسي واخبره بما حصل واوصاه الا يعود للقرية ولكنه اصر على الذهاب واللحاق باهله فترك سيارته عنده واعطاه مختار قطره فرسه وارسل معه ابنه ليوصله لاقرب مكان، فقابلتهم مفرزه من الجيش الانجليزي وكان ابالشيخ يعرف الضابط فنصحه الضابط بالعوده والابتعاد لخطورة المنطقة وتبادل اطلاق النار بين الانجليز والعشيرة بالاضافة الى فرق المقاومة والنجادة الذين اتوا من القرى المجاورة الامر الذي ادى واجبر الانجليز للانسحاب.

علم المختار ان العشيرة اتجهت الى منطقة عين الزبده وهي المصيف السنوي لهم لوجود الماء وكروم العنب فباتوا هناك وعرف منهم القصة.

بعد يومين في 11/1/1948 قام لواء قبعاتي بتدمير منازل القرية وهي بعض دور اللبن والعليات والبوايك لتخزين الغلال والباقي بيوت شعر واكواخ محيطة بها ونهبوا كل شيئ من دواب بقيت وغلال  ممتلكات ثم قامت مجموعة خيالة بعدها بايام بمحاصرة رعاة البقر في وادي سكرير ونهبوا ما يقرب من الف راس بقر هي اغلب ثروة العائلة من الابقار وابقار لرعاة اخرين من عائلات سكرير واغراب كانوا متواجدين في حوض الوادي للرعي ولم ينج منها الا القليل.

ومن يومها لم يعد الاهل الى ديارهم الى يومنا هذا حيث بدات هجرتهم وجلائهم منذ شهر 1/1948 لانهم اتجهوا الى التلال غرب سكرير ثم الى قرية اسدود حيث ان لهم انسباء في اسدود واخرين اتجهوا الى المجدل وهاجروا من هناك الهجرة النهائية مع الناس في مايو 1948. واستقروا في قطاع غزه، اما باقي سكان سكرير الذين يسكنون ارض البرص الرملية جوار روبين و تدعى الهيش ومنهم القرم وابو فرده وابو مويس وابو عطا وابو حجاج والرجيلاوي وابو ربيع وابو درويش واخرين كثر لا اتذكرهم واتجه كثير منهم الى الضفة والاردن ومنهم من هاجر معنا الى غزة.

القرية الان اطلال وقد ذهبت الى القرية عام 1978 فوجدتها خرابا وقد اقام اليهود فوق انقاضها محطة تحويل كهرباء غرب الجسر العلوي الذي يتجه الى تل ابيب . فاخذت بعض بواقي الحجارة من منزل اهلي و ان معي قريب لي عاش في القرية وكان عمره 16 سنه عند الهجرة و انت شجرة تين سماري ولا زالت موجوده وشجره كافور ورايت مكان مقلب الزفزف الذي كانت الشاحنات التي يملكها المختار تنقل منه للتوزيع، وكم سعدت بالحجارة وبالتين الاخضر الذي لم ينضج ولكني اخذت بعضه للذكرى وضاعت الحجارة وضاع التين عندما ذهبت للجامعة في مصر وفي عام 1986 ذهبت مرة اخرى فوجدت اليهود قد اقاموا سياجا على المكان كله مع بوابة عليها حراسة.

اخيرا نبذة عن القرية فهي تقع غرب مفترق اشدود او (رمزون اشدود كما يسميه الناس الان في غزه ) بحوالي 800 متر غرب الجسر العلوي المتجه لتل ابيب وحتى يمسح الصهاينة القرية انشاوا عليها محطة تحويل كهرباء كما ذكرت ومصانع كيماويات كثيرة واصبحت هي المنطقة الصناعية لاشدود وعلى فكرة مدينة اشدود اليهودية غير اسدود العربيه حيث تقع الاولى على البحر عند مصب نهر سكرير و 65 % منها في اراضي كروم ارض سكرير تسمى بارة الذهب وابو القردان واراضي اخرى اما الثانية فتقع على الخط الرئيسي الرابط بين غزة ويافا و المسافة بين مركز الاولى وانقاض الثانية لا تقل عن 6 كم.

اما المستوطنات القائمة فهي كما ذكرت نسبة كبيرة من مدينة اشدود بل اهم اجزاء المدينة وهي المنطقة الصناعية بالكامل وجنوبا على ارض الخربة الاساسية على بعد 1 كم كيبوتس بني داروم اي ابناء الجنوب وبه الباقي من اثار خربة سكرير القديمة قوس حجر اثري وتلة مردومة يمكن ان يكون تحتها اثار وشرقه بير عرفه المذكور وهذه في طرف الكيبوتس الشرقي وكذلك كيبوتس نير جاليم على ضفاف وادي سكرير الى الغرب من بني داروم على الطريق المتجهة الى مدينة اشدود غربا.

لا يملك اليهود في سكرير اي متر ولم يبع ال ابو سويرح اي احد من اليهود حتى بعد الهجرة للان.

ملكية اراضي القاع كلها لال ابو سويرح وسجلوا بعضها بكميات قليلة لاصهارهم وانسبائهم من عائلات ابو حزين والخطيب والحطيبي وابو حلوة وابو صقر وابو خالد وابو ربيع وابو مبارك وال ابو خوصة اما اراضي البرص والسوافي والرمال فهي غير مطوبة وفيها كروم عنب وهي لال ابو سويرح ايضا ويستفيد منها بعض العائلات الاخرى لكن السيطرة عليها كانت لشيخ السوارحة وايرادها يحصل لصالحه .

من اسماء قطع الاراضي: العرقوبية وقد اوقفها اهل البلد لصالح مقام الولي ابو عرقوب في قرية حمامه والسلاق شرق المنازل والمراح التي كانت لمبيت ورعي البقر وتل الاخيضر وهو تل وجد اليهود فيه كنز من الذهب كما علمنا وقطعة بارة الذهب سابقة الذكر وابو القردان وعين الزبدة والجنينة وهي جزيرة يحيط بها وادي سكرير وقطع اخرى.

في كتب المؤرخين لتاريخ فلسطين الحديث يخلطون بين عرب سكرير وابو سويرح كعشيرة فعرب سكرير كل البدو المتواجدين على ارض سكرير سواء الرمال او القاع اما ابو سويرح فهي عشيرة تضم عائلة ابو سويرح وبعض العائلات الاخرى وهم ابو حزين والخطيب والحطيبي وابو حلوة وابو صقر وابو خالد و ابو ربيع والعبيد، وكانت سكرير قديما ارض مشاع ياتي اليها بعض الناس للمصيف وخاصة الملالحة (بني عامر) من سيناء صيفا ولكن كانوا يتركونها احيانا لوجود مرض (الوخم ) وهو الملاريا بسبب المياه والبرك،  والبلهارسيا نقلت اليها من الجيش المصري قديما.

ابو سويرح كان يعيش مع الملالحة ولم يكن منهم كما ذكر الخالدي وغيره ولكن نسيب لهم وصهر وعندما سيطر على سكرير ايام الوالي محمد ابو نبوت اصبحت سكرير تعرف بارض ابو سويرح لشهرته وبطولته ورحل كثير من روادها القدامى وذهبوا الى بصة الفالق.

وسكرير اشتهرت باسم ابو سويرح منذ بداية القرن التاسع عشر والطابو يثبت ذلك وقد علمت ان الكتاب المؤرخين الذين جلسوا في محكمة غزة عند تسجيل القبائل ولم يحضر شيخ ابو سويرح الجلسة فقام بعضهم وقالوا سجل ابو سويرح من الملالحة لانها كانت في السابق ينزل اليها الملالحة صيفا حيث يحضرون من مواطنهم في سيناء حيث كانت معروفه بانها ارض ونزل الملالحة بني عامر منذ مئات السنين، وابو سويرح معهم.

---------------

منقول عن موقع فلسطين في الذاكرة