عبد العزيز أبو حميدة

بعد ما احتلوا البلد حاولنا نرجع ونتسلل ع البلد ولكن كانوا اللي يمسكوه يقتلوه. انقتل من بلدنا حوالي 15 لأنهم تسللوا للبلد. منهم كان بدهم يجيبوا اغراض من البلد ومن أرضهم. 09/11/2016
بيت نتّيف

أنا عبد العزيز عبد الهادي عليّان أبو حميدة. من مواليد بيت نتيف سنة 1927. بلدنا تقع جنوب بيت جمال ودير ابان وجراش. أما علار ووادي فوكين فمن شرقها. ومن الجنوب تحدنا الجبعة وصوريف وام برج. ومن الغرب عجور وزكريا. مستعمرات يهودية بالمنطقة كانت عصيون جنوبنا وكانت عرتوف شمالنا، وانا حاربت فيهن. إشوَع وعسلين وصرعة ودير رفات هذول كمان من شمالنا. البريج شمال غرب. كانت بيت نتيف زمان من قضا الرملة ولكن الانجليز عملوها من قضا الخليل. أنا كنت أعرف هذي المدن. كنت أسافر عليها كلها حتى حيفا وعكا وام الفحم. كان في سيارات، بالأخص تراكّات (شاحنات). كنا ندفع عشر قروش. وصلت من يافا لحيفا للرملة واللد. الهدف كان عادة شغل وتجارة. كنا نبيع هناك حلال (غنم). كان سوق بالرملة وسوق باللد. سوق اللد كان أبو البرّين، لأنه كانوا ييجوه ناس من عمان، كانوا تجّار ييجوا ويبيعوا جمال. احنا كنا نوخذ عدد بسيط من الغنم أو البقر ونبيعها. بعدين صار عندنا سوق بالبلد، تأسس حوالي سنة الأربعين، وكان على طرف البلد من الشرق. ع القدس كنا نروح ولكن قليل. يافا كانت أقرب وأسهل. كان ناس يروحوا للأقصى ولكن قليل. مش مثل اليوم. الناس ما كانت ملتزمة كثير، لا بالصلاة ولا بالحج. بكل بلدنا كان ثلاث أربع ختيارية وثلاث أربع ختياريات حاجّين وبس. ولا عمرة ولا غيرها. كنت أسافر بالقطار، كنت أروح لمحطة عرتوف مشي أطلع بالقطار للقدس وأرجع من القدس لعرتوف ومن عرتوف للبلد مشي. 3 كيلو. تمرق عن دير أبان وعن جراش.

البيت والمدرسة
البلد فيها حارتين حارة الكفرية وحارة الجمارنة، واحنا كفرية، العدد النص بالنص. الكفرية بشرق البلد ع التلة والجمارنة غربها. كمان بالأرض كنا النص بالنص. أرض واسعة. زراعية وحرش ومراعي. بالحرش زرعوا الانجليز صنوبر ولكن كان فيه أشجار طبيعية تطلع لحالها، بلوط وملّول وسوّيد وعدك وغيرها. البلد كبرت لما هذول الحمولتين سكنوا فيها. قبل هيك كانت بلد صغيرة. زرعنا وفلحنا واشترينا بآخر المدة سيارات. وعندنا كواشين. في ناس كانت تخاف تسجل اسمها في كوشان خوف من الضرايب فكانوا ناس ثانيين يسجلوا بدالهم.

بيتنا بناه أبوي من حجر والسقف من بوص (قصب) وعليه طينة. ومن الداخل السطح على شكل أقواس من الأربع زوايا. فش بالبلد تقريبًا بيوت من اسمنت وحديد. كلهن من حجر وطين.

كان بالبلد مدرسة للصف الرابع، كانت مدرسة صغيرة وبعدين بنوا مدرسة أكبر، كان عمري خمس سنين، يعني بنوها حوالي سنة 1932. كانت من حجر وكان حواليها اثنين دونم. أنا ما تعلمت. أبوي مات وعمري 12 سنة وصرت أفلح الأرض. وأمي كانت متوفية قبله بخمس سنين. كان لي أخ من أم ثانية لكنه كان كبير واولاده أكبر مني. ومن أمي كنا خمسة ثلاث بنات أكبر مني واولاد اثنين، أنا وأخوي الصغير. كانوا الولاد يتعلموا للصف الرابع، وبعدين كانوا لازم يروحوا يكملوا بالخليل، ولكن كانت بعيدة ولازم تنام هناك، ع شان هيك ما حدا راح تعلم. كان عندنا معلم من بيت جبرين، وكان مدير المدرسة واحد اسمه أبو رشاد، من منطقة رام الله، كان ساكن بالبلد هو وعياله. المدرسة كانت بطرف البلد من الجنوب، يمكن ثلاث اربع بيوت بعدها وبس.

الجامع
كان بالبلد جامع قديم ولكن موجود قبل ما نيجي ع البلد. مثل "الحارات" يعني الساحات، يعني ديوان عام للعائلة، هذي كانت بنايات قديمة وأهل البلد عملوها حارات. الحارة الفوقى إلنا وحارة للجمارنة اسمها الشيخ ابراهيم. الحارة هي مبنى من طابق ونص. الجامع قديم واسمه جامع الأربعين وفيه محراب، ويصلوا فيه صلاة الجمعة، هو قرب المقبرة، مبنى قديم من حجر. الشيخ ابراهيم، ستة متر ع ستة متر، ما كان فيه محراب، عملوه أهل البلد "حارة" وكانوا كمان يصلوا فيه. لما أهالينا أجو على البلد كانت هذي البنايات موجودة وكان بالبلد مغر وبيار ميّ. اللبير اللي يجمع ميّ استعملوه واللي كان خربان صلحوه.

المياه
المقبرة قريبة من جامع الأربعين، باتجاه شامة. فيها بير كفري عمقه حوالي سبعين متر. اسمه بير الطويل. دايمًا عامر. كانت النسوان تروح تنشل منه مي. هذا بير عِدّ ودائمًا فيه ميّ (مياه ارتوازية وليست مياه شتويّة). كان كمان بيرين كبار مبنيات من حجر، عمق 6 متر، واحد بطرف البلد من شامة وواحد بطرف البلد من قبلي. هذي كمان بيار عدّ مليانة ميّ صيف وشتا. أحيانًا كانت الميّ تفيض برّة البير. البير القبلي اسمه بير الصفصاف موقعه جنوب الشارع الرئيسي مش بعيد اليوم عن الأقمار الصناعية، غربها شوي. البير الشمالي اسمه بير الزاغ. وكان كمان بيرين صغار، بعمق حوالي مترين، بير هُقُّش والبير الشرقي بير الكُرّامة، وهي كمان دايمًا فيها ميّ.

الوديان: واد بولس وفيه خربة ومقام من طابقين. قريب من بير الزاغ. الطابق الثاني فيه مكان للصلاة لأنه فيه محراب ومقام. الخربة اسمها خربة النبي بولس. وقبالها في مغارة اسمها الأربعين. يقال انه انقتل فيها اربعين واحد وع شان هيك سموها الأربعين. واد الأشلول من الشرق ووادي النّجيل ومن قبلي خلة الزطّ ومنها وشمال في خربة زانوع، شمالها في خربة أبو فاطمة وفيها مقام. وادي السمط جنوبي البلد. بالشتا كان قوي وبالصيف ينشف.

الأعراس
الأعراس في البلد كانت تستمر 7-8 أيام سمر. الشباب يعملوا دبكة. والختيارية يعملوا صفين قبال بعض ويردّوا على بعض شعر (حداء). ويسهروا كل الليل.

الأول: والله لابكي على الطيب وأقدّ الجيب ..... ع اللي مدى العمر ما يحكي كلام العيب
الثاني: بلادكم عجعجت ما ينسكن فيها ...... عمر الوليف مع وليفه ما اتفق فيها
الأول: من سهل روبين شفت اللي على المنطار ..... يا ناس قُطف العنب حمّل جمل وحمار
الثاني: كذاب كذاب، يا عندي حمل الجمل ذهب مرصود للعيلة ..... برّكي ذلولك وميّلي عندنا ليلة
الأول: كذاب كذاب، ما عندك ولا سحتوت ..... وفراخكم يا ولد من قلة العلف بتموت
الثاني: يا صاحبي لا تواخذني بزلًاتي ...... زلّ القلم بالورق وايش حال زلًاتي
الأول: الدرب دغري على واد العريش صمّد .... واللي صدف صاحبي يصلّي على محمد

كانوا يقعدوا والنار مولعة. ما كان كهربا. كان حطب. كانوا يحمّلوا على الجمال حطب ويجيبوا ع البلد. النار تظل مولعة ويعملوا عليها قهوة وشاي. وكان صاحب العرس يذبج ثلاث اربع ذبايح. يعزم الناس وقرايبه ويغديهم. ما كان نقوط مصاري زيّ اليوم. كل يوم كان واحد من البلد، وكانوا ينظموا دور بينهم الناس، يحضّر طنجرة لحم وعليها ليرة، والمرأة تبعثها لبيت العريس. كانت عادات حلوة. أنا بعرسي ذبحنا ثور وعنزين. أنا تجوزت سنة 1945.

الانجليز
الانجليز في الـ 36 كان معهم حمير. السيارات ما كانت تمشي بالجبال. كل فرقة فيها عدد من الحمير محملات صناديق ذخيرة. يوم ما انقتل أبو الوليد، انقتل في ام الروس، خربة من خرب بلدنا، عند خربة أم برج. هو من بيت عطاب وكان قائد في الثورة. كانت معركة مع انجليز في ام برج. طلعت الطيارات ع شان تضرب الثوار. منطقة صعبة كلها حجار وشجر. راحت الطيارات بالغلط فوق البريج. والبريج من بلدنا وغرب. صارت تلف فوق البريج. رجعت وقالت ما في طخ. قالولهم مش البريج، أم برج. طلعت الطيارات مرة ثانية وقصفتهم وهناك انقتل أبو الوليد. ما كان امكانيات ضد الطيران. وما كان كفاية سلاح لا بالـ 36 ولا بالـ 48.

معارك 1948
كنا لما نسمع انه اليهود هجموا ع بلد كنا نروح نساعد. من بيت نتيف كنا 70 واحد. كل الوقت مع بعض.
أنا متذكر الهجوم على القافلة اليهودية. هاي كانت قافلة تمشي بمنطقة البلد رايحة على عصيون. كان واحد من صوريف جاي على الحمار على بلدنا يطحن قمح. كان الوقت فجر. في الطريق انتبه لمجموعة قاعدة على سفح الجبل. تسمّع لكلامهم وعرف انهم يهود. أجا على بلدنا وصار يصيح يا ناس في يهود بالجبل. اليهود طلعوا بسرعة لظهر الجبل. لو استحكموا وظلوا فوق الجبل كان ما انقتل منهم حدا. لأنه موقعهم أحسن من موقعنا. لكنهم قرروا ينزلوا ويقاتلونا. وهم نازلين كنّا نطخهم بسهولة. انتهت المعركة بعد المغرب. انقتلوا كلهم. أجوا الانجليز وأخذوا الجثث. واحد من بلدنا اسمه حامد انقتل. واحد من جراش تصاوب. واحد من السموع مات موت طبيعي ودفنّاه عندنا بالبلد في نفس القبر مع حامد.

وأنا شاركت بالمعركة في باب الواد. عند هذول الدبابات الخربانة الموجودة ع طريق القدس. أنا كنت بهذيك المعركة. بتنا بالمنطقة حوالي أسبوع. كانوا أهل بيت محسير يجيبولنا أكل. كنّا ننتظر قافلة. القافلة كانت تطلع من عند النعاني، كان لهم مستوطنة اسمها خُلده، كانت تطلع من هناك. في باب الواد كانت هناك كازية لشخص خليلي، بعدها موجودة، وكان صنوبر ع الجهتين للشارع. قسم منا في القاطع القبلي وقسم بين الشجر. أسبوع واحنا نستنّى. لما الطريق انقطعت من السيارات العاديّة عرفنا انه القافلة قرّبت. وفعلا أجت القافلة وفيها يمكن 70 سيارة ودبابة، الأولى دبابة. ودبابة بالآخر. احنا جبنا تنكتين كاز من الكازيّة. وجبنا من بيت محسير 4 اكياس سكن (رماد) على حمار. وعملنا سدّ فوق ع الطريق. خلطنا وجبلنا السكَن بالكاز. وفردناهن على الشارع.  هذا لما نطخّ عليه بيصير نار وما بتقدر الدبابة أو السيارة تقرّب عليها. عملنا واحد قدامهم وواحد من وراهم. لا بيقدروا يقدموا ولا بيقدروا برجعوا. كانت القافلة ممدودة على نص كيلو تقريبا. وبدينا بالهجوم. وصاروا يتخبوا بالدبابات اللي بوسط القافلة. أجوا الانجليز والصليب الأحمر وطلبوا وقف المعركة ع شان ياخذوا المصابين. فأخذوا الكل، الجرحى والقتلى والأحياء. أخذنا سياراتهم وانسحبنا. احنا أخذنا سيارتين ع بيت نتيف.

كانت معركة ثانية عند خلدة [31.3.1948] ولكن هذيك كانت صعبة وانقتل منا كثير. أرض سهل ومزروعة قمح. القمح عالي. طلعن دبابتين ورايحات ع القدس. [كانتا من ضمن قافلة كبيرة ضمّت 37 مركبة ومصفحة انسحبت عائدة بسبب الكمين ما عدا هاتين المصفحتين بسبب الأرض الوحلية] بدينا فيهن طخ. حاولوا يدوروا ويرجعوا بس ما قدروا. الدبابة غرّزت بالتراب. خلص ظلوا محلهن. والدبابة ما فيها كثير جنود، عادة اثنين. يمكن ثلاث. صرنا نطخ عليهم وهم علينا. كانوا يطخوا من فتحات الدبابة. هم يصيبونا واحنا ما نصيبهم. قتلوا منا ستة او سبعة. كنا كثار ومن جميع البلدان. في واحد منا سبح وطلع على ظهر الدبابة وصار ينادي على الإسرائيلي ويقول له "سلّم يا خواجة" قال بسلمش. "سلّم يا خواجة" قال بسلمش. بالآخر قال شاب اعطوني سيارة، بدي أروح ع الرملة أجيب لغم.
احنا سلاحنا خفيف ومش نافع. وفعلا راح ع الرملة وجاب لغم. كل هذا صار والدبابيتين محلهن وبعدنا بنطخ على بعض. أجا الشاب مع اللغم وطلع ع الدبابة ورمى اللغم داخل الدبابة وفجرها. وهو نفسه تصاوب. وانتهت المعركة. [التقرير الإسرائيلي يقول أن قائد إحدى المصفحتين قرر تفجير المصفحة على من فيها حتى لا يقع في الأسر، ويقول التقرير أن 22 من أفراد القوة الصهيونية قتلوا].

أما عرتوف رحلت بالليل [16.5.1948].أنا دخلت على عرتوف ثاني يوم بعد ما طلعوا منها. هم مرقوا على صرعة وبعدين على كفرورية. والناس العرب صاروا يوخذوا اغراض من بيوت المستعمرة.

شاركت بالهجوم على عصيون. [13.5.1948] كان معنا الجيش الأردني. كنا حوالي أسبوع. بالأول جينا على دير شعار [مستعمرة رڤاديم وعين تسوريم] وانسحبوا اليهود منها إلى مستعمرة عصيون. كنّا نضرب ونقصف عصيون وفجأة أجانا أمر من چلوب باشا [القائد العام للجيش الأردني وهو بريطاني] بالانسحاب. الدبابة اللي جنبي بدت تلف ع شان تنسحب وفجأة فقع تحتها لغم وطار عجلها. أعطى خبر للقائد وهذا قال طيب كملوا الهجوم. كانوا اليهود ملغمين الجبل حول الكبّانية (المستعمرة) وكان كمان سلك "تيل" حواليها ولكنه بسيط. وعاودنا القصف. تقدمنا باتجاه بيوت المستوطنة ولكن مشينا على الصخر خوف من الألغام. في واحد من البيوت طلعت بنت يهودية مع برن وطخت علينا وأصابت منا حوالي 15. وبعدها استسلمت. أخذها الجيش الأردني. وأعطت معلومات للجيش عن الوضع في عصيون. انقتل منهم عدد والباقيين هربوا لمستعمرة حبيلة [مسوؤوت يتسحاق]. حوّطنا حبيلة. طلع واحد يهودي مع راية بيضا وقال احنا بدنا نسلّم ولكن مش الكم وانما للقيادة في القدس، لانكم انتو فوضوية ويمكن تقتلونا بعد ما نسلم. وفعلا بعثوا خبر والقيادة وافقت وأجت 6 باصات تاخذهم. طلب الجيش الأردني منا نبتعد عن المستعمرة، وطلعوا المستوطنين منها بصف ونشيد بالعبري. كان الاتفاق انهم يطلعوا بدون سلاح. دخلنا المستعمرة بعدهم وما لقينا سلاح.  وشاركت كمان في معركة الدهيشة [28.3.1948]. هناك عملنا كمين لقافلة جابت امدادات لعصيون وهي راجعة ع القدس عملنا كمين عند الدهيشة. وقتلنا منهم وغنمنا سيارات كثيرة. وأجا الصليب الأحمر والانجليز وأنهوا المعركة وأخذوا اليهود للقدس.  
          
النكبة
كنا في الجبل عند محطة القطار في دير ابان. كنا حوالي 50- 60 واحد ثوار من البلد. قبالنا عند زكريا [سقطت في 23.10.1948] كمان حوالي 40-50 واحد. اليهود كانوا عند عرتوف. ويهود كانوا في صرعة [سقطت في 18.7.1948]. من هناك كانوا يضربوا علينا بالمدفعية. وصل الجيش المصري وصار ينظم فينا. عيّن منا مسؤولين. وقال بتوخذوا أوامر منا وبس. احنا بنجيب لكم أكل والقيادة موجودة في دير بيت جمال. وبنعطيكم فشك. أعطوا كل واحد قميص وبنطلون جيش. وقالوا انتو تحت أمر الجيش ولازم تنفذوا أوامره. احنا وافقنا. ظلينا على هذا الحال حوالي أربع شهور. واليهود مش عارفين يتقدموا. هم اليهود أقويا بس بالسلاح مش بالشجاعة. احنا كنّا مستحكمين ومانعينهم يتقدموا. لكن يوم من الأيام وفجأة هجمت علينا دبابات عربية وصارت تخوف فينا وترجعنا لورا. ما قتلوا منا حدا. كانوا يطخوا بالهوا. لكن رجعونا ع البلد. شفناها دبابات عربية. عندها حاصروا الاسرائيليين بيت جمال والمصريين هربوا بدون معركة.

بعد ثلاثة ايام صاروا يقصفوا بلدنا من منطقة بيت جمال وعرتوف. الناس صارت تخاف وتهرب من البلد. في ناس جابت سيارات واخذت اغراض والقمح. وناس ما أخذت. أنا ما أخذت. مشينا لصوريف. صوريف قريبة، حوالي اثنين كيلو. أخذنا معنا الحلال (المواشي) هناك الناس صارت تتفرق. أنا ومرتي ومعي ولدي محمد كان عمره سنة وشهرين رحنا استأجرنا دار في بيت ساحور. سكنا هناك حوالي 4-5 شهور. كان الإيجار غالي، كنّا ندفع خمس ليرات. وتنكة الميّ بقرش. بعدها رحنا لأريحا. سمعنا انهم عملوا مخيمات للاجئين فانتقلنا هناك وسكنا في مخيم عقبة جبر. كان لي ولأخوي في بيت نتيف حوالي 200 دونم. معي كوشان. وبين يوم وليلة صرت بدون ولا شي. سكنّا في عقبة جبر 15 سنة. في يوم كنت بدي أسافر لألمانيا. عن طريق مكتب سياحة من الخليل. فقلت أجيب مرتي وولادي عند أخوي في الدهيشة. ولكن هذاك الشخص غشني وما سافرت. وظليت في الدهيشة. بعدين اشتريت هذي الأرض وبنيت هذا البيت. هذي المنطقة تابعة لبلدية بيت جالا.

كل هذا اللي عملناه وحاولنا ندافع وانتصرنا في عدد من المعارك، ولكن السلاح كان قليل. وكان غالي. وجيوش العرب انسحبت.

العودة
بعد ما احتلوا البلد حاولنا نرجع ونتسلل ع البلد ولكن كانوا اللي يمسكوه يقتلوه. انقتل من بلدنا حوالي 15 لأنهم تسللوا للبلد. منهم كان بدهم يجيبوا اغراض من البلد ومن أرضهم. عمّي أبو مرتي انمسك بالبلد، وانقتل مع واحد ثاني من بيت أمّر وإيديهم مربوطة للورا. أنا جيت من أريحا ورحت أفتش على الجثة. أول مرة ما لاقيته وبعدين رجعت مع اولاد عمي. أنا مشيت قدامهم ومعي بارودة. لفّينا بالبلد ندوّر ع الجثة. ما لاقيناه وظلينا هناك ليلة. ثاني يوم كانوا يهود بالبلد فوقنا ولكن ما شافونا. ظلينا نفتش حتى لاقينا الجثتين. كانوا مطخوخين. دفنّاهم في بير بالبلد. ورجعنا.

أنا زرت بيت نتيف عدة مرات بعد الـ 67. كانت البلد المهدمة. لو يصح لي أرجع مستعد أنام هناك بمغارة. بعرف البلد بالشبر. بعرف وين أرض كل واحد. بعرف وين داري ووين دار أخوي.    

---------------------

عبد العزيز أبو حميدة
سنة الولادة: 1927
مكان الولادة:  بيت نتيف
يسكن حاليًّا في بيت جالا
أجرى المقابلة: عمر الغباري ورنين جريس
تاريخ المقابلة: 9.11.2016