زهرة فضيل حجو

الطريق اللي مشيناها كانت صعبة، كانت طريق وعره وطلوع، كنا نمشي بين الشجر، وكان اخوي كتير صغير يومها وأنا كنت اساعد امي وأحمله، وعلى الطريق امي كانت تدهن للأولاد شوية زيت مع الخبزة عشان يوكلوا. تغلبنا كتير. 26/04/2015
لوبيا

- اسمي زهرة الفضيل حجو، أبوي اسمه فضيل وأمي اسمها منيفة حجو. كان عندي سبع أخوة، مش من ثلاث أمهات. اخوتي توفوا وما بقي غير انا وأختي هون بدير حنا. انا عمري 80 سنه واختي عمرها 77. ثلاثة من اخوتي توفو بلبنان، واخوي الكبير توفى هون بدير حنا.

لوبية
لوبية. متذكرة دورنا وأرضنا وزيتونا.
ابوي كان متجوز ثلاثة، احنا كنا قاعدين بغرفة بتطلعي عليها بأربع درجات، وخالتي مرت ابوي كان عندها بيت بنفس الحارة ومش كتير بعيدة عننا. أبوي كان عنده دكانة. كنا عايشين ببيت واحد. كنا نروح على البقل وعلى الزراعة. اكبر عيلة بلوبية كانت العطوات، مختارها كان حسن ابو دهيس. بعدين في عائلة الشهايبة ومختارها يحيى السعيد، عائلة الفقرا، عائلة حجو ومختارها خالي احمد سليمان، عائلة العجاينة ومختارها محمود حسين والشناشرة بس مش متذكرة مختارها… هدول اللي متذكرتهم.

كل بيت كان اله مضافة. دار جدّي كان عنا مضافة بالحارة وجنبها كان رواقات للجمال والخيل والبقر والحمير. بذكر لما كنت أفوت على المضافة كانوا يبحشوا بالارض بشكل دائرة للقهوة المّرة، ويحطوا فيها كوانين وأباريق القهوة.

أراضي لوبية
في قصة سمعتها من أهلي صارت من زمان. أجا اليهود بدهن يشتروا أرض من لوبية. أهل لوبية اجتمعوا وحطّوا بكنادرهم تراب من أرض لوبية وحلفوا انه التراب اللي داعسين عليه هو لأهل لوبية ومش راح يبيعوها أو يعطوها لأي شخص.

لوبية كانت عندها رزق وأراضي كتيرة. كانت الناس عندها موارس. حدود البلد كانت من طبرية وين قرن حطين، هذا القرن كان لأخوالي. بتدوري للشرق هناك في وادي الشومر، ابو خيط، الشبابة، المعترضة، كل الأرض هناك كانت موارس. المارس بكون شرحات تنتين وفي كل مارس في بير ميّ.

بكل محل يبحشوا بير عشان الناس تقعد شهر كامل بالحصيدة قد ما الارض كبيرة. كانوا يجيبوا حصّادين من دير حنا وطرعان والمشهد وكل البلاد. لوبية كانت بلد فلاحين ويملكوا كتير أراضي.

اكثر اشي كانوا يزرعوه القمح، وكمان كانوا يزرعوا شعير، كرسنه، عدس، حمص، فول، حلبة.. كل إشي. أرضنا كانت جنب طبرية وكنا نكيف واحنا صغار لما نروح لهناك نتفرج على البحر. بتعرفي مستشفى بوريّه؟ هاي الأرض كانت لخوالي، كنا ننزل ننام هناك بالوعر ونحصد القمح بالمنجل، وكل شقفة ارض يبحشوا فيها بير مي. كنا نروح على الحمير.

كنا كمان نروح على حطين مشي واحنا صغار، وكان هناك النبي شعيب، وكان دايمًا مليان ناس هناك وتلاقي دسوتة والناس كانت تيجي تطبخ وتعمل حفلات. كان هناك كمان قسطل حطين، كان فيه جرانه (جرن) والحنفيّات تظلها نازلة على الجرانة.
كان عنا كمان كروم. كان كرمنا اسمه الكرم الشمالي على الشارع، كنا نروح هناك. النا زيتون وتينتين كبار.

كانت الناس تبني تحت الدور عقوده كواير من طين، هذا يكون تراب ابيض يجبلوه، ويعملوا كل كواره عالية وبتسع تقريبا عشرين كيل قمح. يعبوا من فوق، تكون مفتوحه، ويخلولها من تحت طاقه عشان ينزل القمح والشعير. ويغطوها بشريطه ولما بدهم يطولوا قمح وشعير، يفتحوها وينزل منها القمح والشعير. الناس ما كانت تبيع لبرّة وكان اللي ما عنده من أهل البلد إشي نعطيه.

يوسف نحماني
اليهود وقت عيد الفحص كانوا يعملوا خبز الماتساه، كانوا يهود طبرية أصحاب مع اخوالي، وكان واحد منهم اسمه النحماني. النحماني كان صحاب كتير مع خالي أبو زكي المختار. كان النحماني وقت عيد الفصح اليهودي البيساح يجيب لخالي حصيرة، والمياجن لدق القمح عشان يعملوا منه قمح للبيساح. بتذكر يجيبوا الحُصر يفرشوها ويحطو عليها المياجن الجديدة عشان يدقوا القمح ويذروه ويطحنوه. خالي كان يختار نسوان تنتين او ثلاثة اللي يعملوا هذا الشغل للنحماني، منهم كانت خالتي ومراة امي كانت تعمل هذا الشغل.

خيل الاصايل
حوالين لوبية كان في كتير بلدات. كانت حطين، طبرية، كفرسبت، كفركما، السجرة، نمرين، طرعان، المشهد، كفركنا، الحدثة. خوالي كان عندهم خيل أصايل، وكانوا ييجوا من القرى اللي حوالينا يستأجروا الخيل عشان يلقحوا منهم او عشان يركبوا عليها المشايخ والمخاتير وكمان للاعراس والسحجة.

الاعراس
وقت الاعراس، كل ثلاث نسوان يغطوا حالهم بعباية كبيرة ويروحوا يلمّوا من البيوت حطب عشان يطبخوا للعرس. كان أهل العرس يعزموا كل نسوان الحارة عشان يفتلوا شعيرية. لما بدهن يطبخوا للعرس سميدة، تقعد النسوان على الطواحين تسمد وتنشّف السميدة، لما ييجي العرس كانت النسوان تطبخ سميدة وشعيرية وتفلفل رز وتسلق اللحمة وتحطها على الاكل. كانوا يجيبوا لبن من البدو. بالليل يعملوا كوام حطب عشان يعملوا تعاليل العرس.

كانوا أهل البلد يجيبوا حدّاية من برة البلد على العرس.

الخروبة
كنا نشتري اواعي بالعيد، نعمل زرد. كانوا يطحنوا الطحين. كانت النسوان تشتري منخل ونسميه منخل العيد. نسوان الحاره تستعمل من بعضها المنخل عشان تنخّل فيه. على البابور كانوا يروحو يطحنوا. والزرد كنا نعمل منه اساور واحنا بنات صغار ونحطه على ايدينا.
على البيادر كان في مراجيح، كنا ننصب حبل بالشجر وبالزيتون وتعمل منها مرجيحة. أولاد عمي كان عندهم بيوت بمنطقه اسمها المدّان، كان هناك خروبة كبيرة كبيرة وعليها كنا نعمل مرجيحة. سمعت انه قلعوها. هاي الخروبة بتيجي قد دارنا كلها. كانت الناس تقعد تحتها وكانت بنص السهل. بذكر واحد من بلدنا من لوبية ابن مختار العطوات، قتل واحد من جيرانهم من عيلة الفقرا. القتيل صار يركض بالارض والدم على راسه، مرق من حارتنا وانا شفته. لما مات، اجت البلاد عشان تصلح بين العيلتين، ونصبوا الخيم تحت الخروبة، وكان كتير ناس. النسوان عملت الاكل ومرقوا من جنب حارتنا بالطريق للخروبة.
تصالحوا، وربطوا منديل احمر برقبة القاتل، ودخل قدام الناس يمشي. انا كنت هناك ورحت اتفرج.

العاب
واحنا صغار كنا نجيب الحصى ونلعب زقلة، نلعب غميمة ونحكي حكايا بالسهرة بالليل. الختياريات كانوا يحكولنا حكايا. كنا نلعب على البيادر، ونجمع قش ونجيب صبغة ونصبغ القش ونعمل منه صواني وكل شي. الاولاد كانوا يلعبوا بالسهل ويلعبوا زي البنات كمان.

وسائل النقل
الناس كانت تتنقل على الحمير وعلى الخيل. بذكر واحنا صغار ننزل على شارع طبرية جنب البابور عشان نتفرج على السيارات اللي تشرق على طبرية وتغرب على الناصرة وحيفا. نقعد جنب البابور الشمالي ونستنى السيارة تمرق، ولما تمرق كنا نكييف كتير.

المدرسة
كان في مدرسة بلوبية، كان يجي معلم مش من البلد. مدرسة بسيطه، اول وثاني. بذكرها للمدرسة، وانت نازلة من لوبية كنت اشوف المدرسة وساحة المدرسة. البنات ما كانت تروح تتعلم وبس الاولاد. اولاد خالي طلعوا متعلمين من لوبية، واللي يخلص من مدرسة لوبية يكمل تعليمه بالناصرة وبحيفا وطبرية. بالبلد كان عنا حوالي ١٠ او ١٢ ولد اللي كملوا تعليمهم برة لوبية. خالتي جوزها كان معلم مدرسة، كان اسمه محمد الجوهر.

دكاكين
ابوي كان عنده دكانه بلوبية بحارتنا. كان يبيع كل شي للمونه، سكر ورز وقهوة وشاي وملبس. كان يتشرّي البضاعه من طبرية ويبيعها بلوبية. كان بلوبية كمان ملحمة. كل حارة تقريبا فيها دكانة.

على بلدنا كان ييجي واحد من عرابة من عائلة ابو سمنه، كان يجي على الحمار ويبيع قماش للنسوان وفساتين. كنا نشتري منه شقف القماش ونخيطها ونشتري منه غيارات كمان. النسوان الكبار كانوا متعلمات خياطة. انا بعدني بلبس اليوم مثل أهل لوبية. كانت نسوان لوبية تعصّب راسها بحطه وتلبس فستان ومن تحت شلحة وغيار. انا تعلمت خياطة بدير حنا، امي علمتني. كان في لباس فلاحي، فستان اسود وعليه تطريز ونساء البدو كانوا يلبسوا هيك كمان.

المياه والانارة
بلوبية ما كان في عين بس كان بيارة (آبار). كل بيت يبحش بير، يحفرو البير ويعملوله باب ونجيب سطل ونربط فيه حبل ونصير ندلل السطل ونطلع مي من البير. هاي المي كانت للغسيل والطبيخ والشرب والدواب وكل شي. ما كان في كهرباء بلوبية، كنا نضوي البيت بقزازة وكل يوم ننظف القزازة ونحط فيها كاز وفتيل. الزيت كانوا يحطّوه بسراج. بعدين كل بيت صار يشتري لوكس صغير. بس الشوارع كانت عتمه مثل الحكل.

احتلال القرية ومجزرة الشهايبة
اول مرة طلعنا من لوبية، رحنا على كفركنا ولاقينا الناس طالعة، وبعدين رحنا على طرعان، وبعدين رحنا على الناصرة ونمنا ليلة. اخوي وقتها كان ساكن بالناصرة وييشغل مع البوليس. بعدين قالوا للناس ترجع على لوبية واحنا رجعنا. لما رجعنا كان موسم الحصيدة، وأهل البلد رجعت لشغلها وصارت تحصد وتزرع قمح وتدرسه على الخيل ويذرّوا القمح.

اخوي ذيب كان بجيش الانقاذ، كان عمره 20 سنه وفات مع ابن عمي حسين على جيش الانقاذ كان معهم سلاح. اهل لوبية قاوموا، وحفروا استحكامات حوالين البلد للقِبل من جهة السجرة، وكانوا حاطّين شوالات رمل، يقعدوا بالاستحكامات ويطخّوا وهم بالاستحكامات.

بعدين اجوا اليهود وهجموا على لوبية من القِبل وقتلوا 17 شخص من عائلة الشهايبة، كانوا حَرس بالليل وقاعدين بالاستحكامات، بالليل هجموا اليهود عليهم بالاستحكامات وقتلوهم. اهل البلد انتقموا من اليهود وقتلوا منهم 7. اليهود يومها طلبوا من الصليب الأحمر انه يجيب الجثث، بس اهل البلد بعد كام يوم اعطوهم للصليب الاحمر.

بعد هاي الحادثة الناس خافت وصاروا ينادوا بالبلد انه صفورية والناصرة وطبرية وكل هاي البلاد طلعت ولوبية ظلت اخر اشي. صار اليهود يهاجموا لوبية بالطيارات، كانت الطيارة تيجي تضرب بالليل وتروح. الناس خافت وهجّت من البلد.

رحنا على قرية نمرين، جنب مسكنه، البلد كانت فاضية من اهلها وبيوتها كانوا زي خُشش من طين. فتنا على بيت وقعدنا فيه ولما قررنا نطلع على دير حنا، أمي قررت ترجع على لوبية عشان تجيب ذهباتها من الدار وشوية أكل. طلبت مني اروح معها، بس انا قلتلها اني بخاف وما بدي آجي. ويومها راحت اختي اللي اصغر مني منوة.

جابت امي الذهبات وعقدة خبز وشوية أكل ورجعت على نمرين، وبعدين اجينا جنب دير حنا وقعدنا تحت الزيتون كم ليلة، لحد ما دبّروا لنا بيت بدير حنا ننام فيه.

الطريق اللي مشيناها كانت صعبة، كانت طريق وعره وطلوع، كنا نمشي بين الشجر، وكان اخوي كتير صغير يومها وأنا كنت اساعد امي وأحمله، وعلى الطريق امي كانت تدهن للأولاد شوية زيت مع الخبزة عشان يوكلوا. تغلبنا كتير.

اللجوء في دير حنا
احنا بقينا بس خمس بيوت بدير حنا والباقي تهجر على لبنان. كان معنا كمان لاجئين من حطين ونمرين وكفرسبت وبلاد تانية.
دير حنا يومها كانت صغيرة، البلد كانت جوّا السور وبرا السور ما كان ولا بيت. واحنا بدير حنا صاروا يقولوا انه اليهود بدهم ييجوا وبدها تسلّم البلد. حطّوا حطّات بيضة على العُصي ونزلوا يقابلوا الجيش. صارت اليهود تفوت على البلد وتعتقل ناس وتوخذ اللاجئين وتكبّها على الحدود. ابوي بهديك الفترة كان كبير بالعمر ومريض وأخوي الكبير قال انه بده يطلع على لبنان عشان يحكّم ابوي.، وطلب من أمي واخوتي يحضروا حالهم عشان يطلعوا معهم على لبنان. امي قالت له: بدي ابقى هون، اخوتي هون واولادي صغار وما بدي اروح. قالها: خليكوا هون وبس تقرروا تيجوا على لبنان باجي باخدكم. الطريق على لبنان كانت مفتوحة يومها والناس تروح وتيجي والناس كانت تروح تهرّب من لبنان على الحمير والخيل.

أبوي بعد شهر توفى بلبنان واحنا بقينا بدير حنا. أول بيت سكنا فيه بدير حنا كان عقد دار ابو السعيد، باب الجامع. سكنا هناك انا وامي واخوتي. اولاد عمي كان الهم اقارب من دير حنا وسكنوا عندهم. بعدين امي باعت ذهباتها واشترينا بالاول بيتين صغار خشب، واولاد عمي كمان اشتروا بيت. بعدها امي اشترت ارض لأخوتي وبنوا بيوت عليهم واعطت لكناينها عشرين ليرة ذهب كل واحده. بعد هيك احنا اشترينا بيت مختار دير حنا، عبد المجيد، وقعدنا فيها لليوم.

لما اجينا على دير حنا، صارت الناس تساعد وتجيب لنا اكل وتجمعه بعين النجميّة بالبلد. يعني كانوا يجيبوا شوية زيتون وزيت وفي نسوان كانت تطبخ وتجيب أكل كمان. بعدها صارت الإعاشة وصار الصليب الأحمر يجبلنا مؤن بالساحة والناس تروح، كان يجيب زيت جامد مثل السمنة وحليب ناشف، مرات كانوا يجيبوا أواعي.

بدير حنا صرنا نشتغل احنا وامي نشتغل عشان نعيش. كنا نشتغل بزراعه الدخان، نحلش عدس وكرسنه وحمص وشعير وكنا نروح على المغار نلقط زيتون بالشتا والصقعة، وامي كانت تضمن تين بالسهل ونروح ننام هناك ونشتغل بالتين. بدنا نعيش. كله كنا نشتغله على الايدين. كنا كمان نروح نجيب حطب ونعمله مشاحر (فحم). امي كانت قوية وإدارية وأنشط من اربع شباب. 

العودة الى لوبية
أول مرة رحت على لوبية يوم ما خلفت مرت ابني قبل ثلاثين سنة، بسنوات الثمانين. كنّتي خلفت بمستشفى بورية، رحت انا وابن اخوي نجيبها. واحنا بالطريق قال لي هاي لوبية.

واحنا راجعين فتنا على لوبية، مشيت فيها وعرفت بيت بيت فيها مع انه كل البلد كانت مهدومة. وشفت تينة دار خالي وكروم خوالي.

------------

ولدت عام 1935
مكان الولادة: لوبية
الإقامة الحالية: دير حنا - الجليل
تاريخ المقابلة: 26.4.2015
مكان المقابلة: دير حنا
أجرت المقابلة: رنين جريس