زهرة قاسم عابدي - خمرة

بهديك الليله ما عرفناش نام...ظلينا كل الليل لتاني يوم المغرب لحتى وصلنا بيروت. فُتنا هُناك عَلى المينا، إمي فرشت الفراش ونِمنا هناك كان برد وسقعه. 06/12/2006
حيفا

الاسم: زهرة قاسم عابدي
تاريخ الولادة: 1934/12
مكان الولادة: حارة  الكنائس  - حيفا 
 تاريخ المقابلة: 2006/12/6
اسم الباحث: يمنى دقاق 
المصدر: حسين اغبارية، يحكون حيفا، حكايات من ذاكرة اهلها، اصدار جمعية التطوير الاجتماعي- حيفا 2010

-------------

أنا زهرة خمرة، أبوي قاسم عابدي، زوجي من دار الخمرة، أنا خلقت سنة  1934 بشهر 12، إمي بعد ما صار عُمري سنتين – ثلاث سكنت بوادي الصليب. بوادي الصليب سكنت بدار رنو،  بتذكر حتى البيت. كُل البيوت في حي وادي الصليب هُدمت ما عدا بيتنا ما زال قائم، أنا وأولادي زُرنا بيتنا هذا قبل فترة وأحضرنا معنا منهُ بلاطة، وصورنا كُل غُرف البيت. ودَليتهن وين كُنا ساكنين وخرفِتهن وين كُنت أوقف على الدرج واغني لصاحب البيت وأدُق على الدُربكة. سكنا بهذا البيت بوادي الصليب 3 سنين بعدين إمي نقلت على شارع ستانتون وين حارة الكنائس، فوق قعدنا يعني في درج بنزل لحارة الكنائس قعدنا هناك. لما صارت المناوشات العرب الاغنياء طلعوا من حيفا والفقراء بقيوا. إحنا ما فش مصاري معنا، كنا 5 أولاد مع أمي وأبوي. أبوي كان عندو خان وخيل إذا بتعرفي شارع العراق وين إسا بيحوطوا الخردوات، هناك كان لأبوي خان. ولما صار الحرب ضله بالخان، كان ينام يقوم بالخان ما يسترجيش ييجي عالبيت.

سوق الشوام
بسوف الشوام كان في حمام هماك وكانت امي توخودنا أيام الجمعه على الحمام نتغسل. تحمّلنا هالبُقجة وتكون مطرزة ومزخرفة وأختي تحمل الجُنطاس نحاس مع المُشُط والليفي والبُرتقال والزعتر عشان نوكلوا بالحمام. نقعد بالحمام من الصُبح للظهر. بالحمام كل ما دفعتي اكثر كل ما بتوخدي اكثر. كنا ندفع لوحده عشان تحمملنا شعرنا وتليّيف الظهر. وفي هناك مكان للمي السُخنة والبارده، وفي بيت النار بقعدوا عليها واللي ما بتحبل كانوا ينيموها عليها عشان تحمل. بالحمام إمي كانت توخد أوضة ونقعد فيها. بس نخلص ندفع لوحده عشان تجبلنا المناشف وبعدها نطلع نقعد برّا ونشتري تُرمُس وفول ونوكل برتقال وزعتر.

في سوق الشوام البضائع كانت للعرائس أكتر إشي.
في سوق الشوام البضائع كانت للعرائس أكتر إشي، تطريز أبيض، جُنطاس للحمامات - العروس ممنوع تتجوز غير ما يكون عندها جُنطاس، وليفي ومُشُط عظم والقُبقاب فضة مش هيك قُبقاب حيالله كله صدف وإشي حلو حلو ثقيل كله ثقالة. كل إشي بلزم يعني تاخدوا هذا كله من عند الشوام. أواعي كانوا يبيعوا كمان وقماش بالمتر. كانوا يبيعوا قماش مقصَّب، عبايات عرائس كل إشي عرايسي عندن تلاقي.

سوق الشوام كان زي سوق الناصرة مسقوف بزينكو. وكان كتير كبير، كان يوصل لساحة الحناطير ولفوق لستانتون وكمان لشارع الكنائس.

أم حاملة مخدة كانت عابطيتها مفكريتها إبنها
يوم يا حبيبتي بهالليل صحينا الصُبح ولا بقولوا  إنُ اليهود صارت هون بوادي الصليب، وهالعالم عم  تُهرُب وإحنا وين بدنا نروح! رُحنا على بيت دار خال إمي،  قعدنا فيها هناك للظهر وبعدها سمعنا أنُ اليهود صاروا بالواد. إحنا كُنا بنتين أنا وأختي. أنا كان عُمري 12 وأختي كان عُمرها 10 والعبد كان 5 سنين صغير. وشو بدي أساوي... رُحنا مع إمي على البيت ضبضبنا شوية أغراض وكان معنا مُفتاح بيت خالتي اللي بعكا، خالتي دائمًا كانت ساكنة في عكا طول عمرها وخالتي جوزها لبناني من صيدا. قُلنا ما دام مفتاح خالتي معنا حملنا حالنا ومشينا عالميناء بحيفا عشان نروح على عكا. بالميناء لاقينا الإنجليز هناك مع زحافة. طلعنا وقفنا عند الزحافة والا مرأة يا حرام هيك جاي وحاملة مخدة كانت عابطيتها مفكريتها إبنها. ولما عرفت إنُ هذا مش إبنها هاي مخدة ودبَت الأصاويت 2 وهاي المرأة من وادي الصليب ووين بدها ترجع!

والولد بقولوا حكوا عنوا إنو بعدو، صار يهودي الولد، الولد صار يهودي ولا بدن يتعرفوا عليه أهله ولا بدو يعرفهن... الحاصلو هاي المرأة زتت المخدة وصارت إدب الأصاويت، وإحنا مشينا  بالزحافة الثانية ومعرِفناش شو صار فيها...أنا بعرفهاش. بس سمعت من ناس انه الولد بعده عايش وربَتُ وحدة  يهودية وصار يهودي وتعرفوا عليه أهله، هيك سمعت... وصلنا على المينا في عكا وصّلونا على بيت خالتي. وصلنا وقعدنا هناك وكَيفنا عند دار خالتي، بيتها كثير حلو وعلى البحر، كان معنا سيدي الختيار 75 سنة وستي الختيارة، وخالتي كانت حبلى، جوزها تركها مع ولدين وحبلى وهرب على لبنان، راح على صيدا. قعدنا 4 أيام وقالت إمي بدي أروح أجيب أواعي من حيفا، أنا خفت أروح قلت بديش أروح. راحت أختي هاي اللي من إم الفحم وخالتي وإمي وأنا  ظليتني مع سيدي وستي. إمي بتوصل الميناء وخالتي بصيبها طلق بقوموا وبخدوها على مُستشفى حُكومي، بتقولك بالمُستشفى فش ولا حدا إلا هي. أجت يمكن الداي وجيّبتها والصبح قاموا حمّلوها الولد وأجت ماشي من رمبام لتحت شارع البور. كان ناشف دمها والولد لافينو بشراطيط وكان الطقس سقعة برد، كان شهر 4 . لفت الولد بشراطيط وقعدت يومين بحيفا وعاودت أجت على عكا مع الولد. أبوي قال لأمي:  "إصحك تروحي محل، خليكي بعكا وبس تروق باجي بخودكوا على حيفا". إمي ما ردتش على أبوي. أنا قلتلها خلينا نبقى بس هي ما قبلت. أجا البابور قامت إمي حملتنا وجبنا عتالة وحمّلنا فراش صوف ثقيلة مش زي اليوم فراش رقيق. إمي تحط هالحبال وتحزم وسيدي حزين ختيار يساعدها. أجا البابور وكانت الدنيا شتى شتى والمي تفيض علينا  والبابور قديم.

بهديك الليلة ما عرفناش النوم
بهديك الليله ما عرفناش نام...ظلينا كل الليل لتاني يوم المغرب لحتى وصلنا بيروت. فُتنا هُناك عَلى المينا، إمي فرشت الفراش ونِمنا هناك كان برد وسقعه. جابولنا بالليل أكل... الصبح قالوا يللا وين بدكوا تروحوا. إمي قالت بروح على صيدا عند خالتي،  رُحنا عند دار خالتي وقعدنا جمعة هناك. بعدين رُحنا على الميه ميه قعدنا هناك. شو "الميه ميه" زي تقولي كيف الكرمل  جبل، جبل فيها كلها مسيحية. رحنا هناك وقعدنا بيجي شهر وخالتي والولد معاها... إجا عبالنا ورق دوالي. نزلت إمي واختي ع صيدا وبقينا أنا  وسيدي وستي مع الأولاد. بعد شوي أجا الدرك اللبناني علينا وقالولنا يلا يلا على تُركيا. ضربونا بالعُصي وصُرنا نبكي قُلتلُه إنو إمي وأختي بصيدا مش ممكن أروح. نهرني وقال: "يلا يلا..." والله العظيم يهودي بوليس يهودي بشوف وحدي عم تبكي ممكن يلين قلبو... بتصدقي! هذا الدرك لبناني. جارنا كان معنا وقالهن مش ممكن تطردوا هدول البنات بس تيجي إمهم.  إمي لمّا شافتنا وقف قلبها وقالت للجُندي "مش حرام عليك تعمل هيك بالبنات، تزتهن بالشارع". وبقينا للصُبح لحد ما إمي جابت تاكسي على مرج العيون في الخيام...كانوا جيران دار سيدي مستأجرين هناك ورحنا قعدنا معهم بالاجار. كنا بالبيت انا وسيدي وستي وخالتي وبنت عم إمي وإبن عم إمي... العيلة الكبيرة... قعدنا هُناك شهرين والمصاري مع إمي ومع ستي عم بخلصوا. قام رئيس البلدية تبع الخيام بعت وراء إمي وقالها: "يا خيته إنتِ قاعده هون فترة طويلة وهاي الحالة راح تدوم وقالها إنو في كرنتينا، شبه مُخيم للفلسطينية في بيروت فيها بطعموا وبسقوا الناس الساكنة فيها. إمي وافقت على الفكرة. ثاني يوم الصُبح بعت رئيس البلدية جمل وحملنا أواعينا وأغراضنا على هالجمل وركبنا بالباص.. لمّا وصلنا الكرنتينا أعطونا أوضة وسكنا هناك أنا وإبن عم إمي وأولاده وإمي وخالتي كلنا كنا بأوضة. كان واحد من الناصرة من دار عطالله شاف إمي وعرف إنها من بيت الحاج. هذا الزلمي بعرف دار سيدي، دار الخمرة ودَبَرِلها غُرفة صغيرة قعدنا فيها مدة شهرين. وكُل يوم كانوا يجيبوا الأكل.

العودة الى حيفا
قضينا 4 أشهر في لبنان مِتشَحشَطين. نقلونا على مخيم الميه وميه. بهداك الوقت أبوي بعت مع المُطران مصاري النا. نِزلت إمي وأخدت المصاري وصَرفَتهِن وإشتَرَت أكل وأشياء النا. بعدين رحنا على الشام عند اختي. هاي اختي كانت الكبيرة تجَوَزت بجيل 15 سنة وخَلَفت ولد ولمّا إحتلّت إسرائيل فلسطين راحت مع زوجها على سوريا. بعدها ابوي عمل طلب بدائرة الهجرة انه يرجّعنا، ورجعنا ع حيفا. لما رجعنا الوضع بحيفا كان صعب، فش كيف تشتري خضرة... كل شي عَ الكرتات والكميات قليلة.

اطلعوا لبرة طحوهن
بعد الاحتلال بذكر اجوا ناس من لبنان على وادي الصليب عشان يشوفو بيتهم، قاموا اللي ساكنين بالبيت طحوهم. أبوي بعد الاحتلال بجُمعتين ثلاتة راح على بيتنا بستانتون يجيب أغراض. لما قرّب على البيت شاف واحد يهودي حاخام حامل سكملا من البيت على راسوا وهارب فيها. قاله أبوي هاي إلنا، بقولوا أنو إلك!! إسا بطخك. طال الفرد وصار بدو يطوخ أبوي. مسكين أبوي صار يلملم أوراق النفوس وصور العائلة من الأرض اللي وقعت من السكملا.