لمشاهدة لجولة الكاملة

على سفح جبل، جنوبي شارع يافا- القدس، الذي أصبح الشارع السريع رقم 1 بين تل أبيب والقدس، مقابل قرية أبو غوش، تتناثر أطلال خربة العمور. أمّا الطريق إلى عين العمور فيمرّ عبر قرية عين رافة.

تبلورت المبادرة للتعلّم عن خربة العمور وتنظيم جولة عن النكبة فيها بفضل عين ماء معروفة في منطقة القرية يؤمّها العديد من الزوار أسبوعيًّا، خاصة من الإسرائيليين. هذه العين التي كانت تابعةً لقرية خربة العمور قبل النكبة تقع حاليًّا ضمن حدود قرية عين رافة. اسمها عين العُمور، وباللفظ المحكي المحليّ "عين لِعْمور". مع مرور الوقت قام الإسرائيليون بتحريف الاسم – وفي هذه الحالة، كما يبدو، تمّ التحريف على صعيد شعبيّ وغير مدروس- وتحويله إلى عين ليمور ( اسم عبريّ مؤنث شائع) أحيانًا، وأحيانًا أخرى إلى عين لِيمون (ومعناها لَيْمون). وعند فحص اسم المكان في الخرائط الإسرائيلية، وكذلك في خريطة چو چل، تبيّن أنّ كلا الاسمين مسجّلان على الخرائط بشكل رسمي. أمّا الاسم العربيّ عين العمور فقد اختفى من الخرائط، ثم من اللغة ومن اللافتات تمهيدًا لمحوه من الوعي، ليس فقط الإسرائيلي بل أيضًا الفلسطينيّ.

عملت دولة إسرائيل، والحركة الصهيونية من قبلها، بشكل ممنهج ودؤوب على محو الأسماء العربية من الحيّز وتبديلها بأسماء عبرية- يهودية. ألقيت هذه المهة على "لجنة الأسماء الحكومية" التي أقيمت عام 1950 بدلًا عن "لجنة أسماء البلدان من قبل كيرن كييمت" التي بدأت عملها في هذا الشأن منذ عام 1925. من ضمن وظيفتها كان على اللجنة منح أسماء للبلدان والمستعمرات، تقاطعات الطرق، المتنزهات، عيون الماء، الأودية وغيرها. منذ تأسيسها أقرّت اللجنة آلاف الأسماء الجديدة. أدخِلت هذه الأسماء في الخرائط الإسرائيلية وطُبِعت على اللافتات المنصوبة على حواشي الطرقات ومداخل البلدات والمواقع المختلفة. لا توجد طريقة واحدة لاختيار الأسماء ولكن الهدف واحد، عبرنة وتهويد الأسماء ومحو الهويّة العربية من الحيّز ومن الوعي. أحيانًا اعتمدت اللجنة على أسماء توراتيّة تاريخية مثل يروشلايم، موديعين، چيزر، دور وغيرها; وأحيانًا قامت بتبديل الاسم العربي بآخر عبريّ توراتيّ حتى لو كان الفرق باللفط بسيطًا مثل عكو بدل عكّا ويافو بدل يافا وتسورعة بدل القرية الفلسطينية المهجرة صرعة; وأحيانًا قامت بترجمة الاسم العربيّ إلى العبرية كحالة الاسم أييلت هشاحَر المترجم حرفيًّا عن الاسم العربي نجمة الصبح;  وفي بعض الحالات حرّفت الاسم العربي إلى كلمة عبرية شبيهة شكلًا أو صوتًا مثل عچور بدل عجور، وعين ليمور بدل عين العمور; كما ومنحت بعض المواقع أسماء صهيونية حديثة بناءً على أحداث معاصرة أو موضعيّة، تشبه أحيانًا الاسم العربي، كما فعلت في حالة مستعمرة كفار دانيئل حيث سمّيت كذلك على اسم رئيس "منظمة صهيونيّي أمريكا" دانيئل فْريش، بينما أقيمت المستعمرة على موقع القرية الفلسطينية دانيال المهجرة منذ عام 1948. ولم تتوقف عملية تهويد وعبرنة الأسماء عند البلدان الفلسطينية المهجرة بل تواصلت وطالت القرى والمدن القائمة، فقرية الجِشّ أصبحت چوش حلا ڤ، وقبل عدة سنوات تحوّل مفرق عبلّين إلى مفرق إڤلايِم، كما و"تحظى" مجالس محلية جديدة تضمّ عدة قرى عربية باسم رسميّ عبريّ مثل مجلس معاليه عيرون. في بعض الحالات النادرة أعطيت المستعمرات اليهودية، خاصة تلك التي أقيمت قبل قيام الدولة، نفس اسم القرية الفلسطينية التي أقيمت المستعمرة بجوارها أو مكانها مثل جعارة، سجرة، كركور وغيرها. 

وعودة إلى الجولة- فقد جاءت فكرة إجرائها حين نظمت لجنة عين رافة نشاطًا مع شبيبة القرية لترميم وتنظيف عين العمور ومحيطها، إذ كان من الطبيعيّ ربط تاريخ العين مع تاريخ قرية العمور. وفعلًا تم التخطيط للجولة بالتعاون مع زوخروت-ذاكرات.

في يوم الجمعة 9.10.2015 تمّت الجولة وشارك فيها أكثر من 60 شخصًا; فلسطينين ويهود وناشطين من خارج البلاد. حوالي نصف المشاركين/ات جاؤوا من عين رافة. تتبّعنا خلال الجولة ذكريات وقصص السيد محمود عليّان، من الجيل الثاني للنكبة، حيث ولد وعاش ولداه في خربة العمور بينما ولد هو في أبو غوش المجاورة التي نزحت إليها عائلته. ورغم أن محمود عليّان (أبو رائد) يحمل الجنسية الإسرائيلية ويسكن على بعد بضع كليومترات فقط عن قريته الأصلية إلا أنه ممنوع من العودة إليها أو استرداد أرضه التي يملكها هناك، والتي قامت أسرائيل بمصادرتها. شأن أبو رائد في الوضع كشأن حوالي 300 ألف مهجّر "داخليّ" فلسطيني يعيشون داخل دولة إسرائيل كلاجئين في وطنهم. بدأنا الجولة من عين العمور ثم مشينا بمحاذاة وادي العمور\وادي كسلا الذي أسماه الإسرائيليون وادي كِسالون، وتسلقنا الطريق الترابيّ المؤدّي إلى التلّ الذي كانت عليه القرية. سمعنا خلال الجولة شرحًا عن حيثيّات احتلال خربة العمور وتهجير أهلها، ووضعنا لافتات لإحياء الأسماء المنساة عند العين وفي مدخل القرية وفي المقبرة المهملة وعلى حائط المسجد المدمّر. ثم أنهينا المسار الدائريّ عند عين العمور مرة أخرى، حيث استقبلَـنا هناك شبيبة وعائلات من عين رافة مع ضيافة كريمة.    

-----------------

جـولة في القـريـة الفلسطينيـّة المهجّرة خربة العمور (قضاء القدس) - الجولة الكاملة 
لغة الجولة: العربية والعبرية
تصوير: رنين جريس - ذاكرات

لصور من الجولة

قرية/مدينة: