أريك آدر، دبلوماسي هولندي سابق أنقذ والده يهودًا خلال الحرب العالمية الثانية وزرعت "الكيرن كييت" (الصندوق القومي اليهودي) 1100 شجرة على اسمه على أرض بيت نتيف. شارك أريك في جولة زوخروت الى قرية بيت نتيف وعبّر عن استيائه ومعارضته لاستغلال اسم والده من قبل "ككال" في عملية انتهاك وظلم ضد اللاجئين الفلسطينيين، وقد التقى عددا من لاجئي بيت نتيف في مخيم عايدة في بيت لحم قبل عدة سنوات. 

لمشاهدة الجولة الكاملة

-----------------

ترجمه الخطاب الى اللغة العربية:

السيدات والسادة
أنا الابن الفخور للرجل الذي ترونه مخلدًا في هذه اللوحة. فخور لأن هذا الرجل نجح- مع مساعدة آخرين- أن ينقذ حياة 200- 300 من يهود بلادنا خلال المحرقة، كما هو مسجل في يد ڤـَشِم. تمت خيانته ثم اعتقاله وتم تعذيبه عدة مرات لاعتصار معلومات منه- محاولة قد فشلت تمامًا- وفي نهاية الأمر تم اعدامه في 20 تشرين الثاني 1944. لو أنه لم يتعرض للخيانة وعاش من أجل تنفيذ خطته الجريئة لاقتحام مخيم الاعتقال الانتقالي لليهود على الاراضي الهولندية، لكان عدد الناس الذين أنقذهم قد بلغ أكثر من ألف.  إنه لمن السخافة أن أكون فخورا بشجاعة وأفعال شخص آخر، حتى لو كان هذا الشخص هو والدي. أنا حتى لم أعرفه.  ولكني لا أتمالك نفسي من الفخر بأعماله.

ولكن، ما لست فخورا به هو موقع هذه اللافتة. هذه اللافتة تشير إلى موقعٍ زرع فيه ناجون من المحرقة امتنانًا له  1100 شجرة على اسم والدي. أشجار صنوبر. "حتى تجعل الصحراء مزهرة" كما كان يؤمن هؤلاء المتبرعون. لم تكن هنا صحراء. كان مجتمع فلسطيني مزدهر. مجتمع تمّ تهجيره قسرًا. طُهر عرقيًّا. هذه الأشجار التي زرعت باسم والدي، الرجل الذي وقف للدفاع عن حقوق الانسان الاساسية، قد زرعت للتغطية على عملية تطهير عرقيّ. لم تكن لدينا فرصة لنسأله ماذا كان سيفعل ازاء كل هذا. ولا حاجة بذلك أصلًا: لأنه بناء على ما ناضل من أجله فكان سينزعج أمام هذا الاستخفاف بالحقيقة والعدالة.
 
أمي دشنت هذا النصب في 22.11.1967. لقد تحلّت بالايمان والثقة بالبشر حتى يثبت عكس ذلك. لم تكن على دراية بعملية الابتزاز التي تشارك بها. ولكن ما يزعجنى كمواطن هولندي هو الحقيقة أن القائم بأعمال السفارة الهولندية في تلك الأيام قد شارك أيضا في الاحتفال. لا بدّ أنه كان يعرف ما الذي يجري. فالدبلوماسيون ليسوا كلهم أغبياء كما تظنون. السفارة الهولندية كان، بلا شكّ، تعلم ما الذي يحصل، في هذا المكان وفي كل المواقع الأخرى، التي  يقوم بها الصندوق القومي اليهودي بتغطية ومحو المدرجات الزراعية من الفترة الفلسطينية السابقة. لا شك أن تقريرًا عن ذلك قد قدّم الى الحكومة في هاچ. ولا شك أنه تمّ - وبشكل منهجي- تجاهل هذه المعلومات غير المرغوب فيها: فهي لم تتلاءم مع ما أراد الرأي العام الهولندي أن يسمع في تلك الأيام. فقد فضّلت أن تستمر في نومها على تجاهل الإجحاف الذي مورس ضدّ الشعب الفلسطيني.

هذا الاجحاف ما زال مستمرًّا حتى اليوم. أنا أشعر بالحرج بسبب دولتي، التي ما زالت تمنح إعفاء من الضريبة للصندوق القومي اليهودي، والذي تشهد ممارساته على كونه مؤسسة تمييزية. لقد مارست التمييز في النكبة عام 1948، وفعلت ذلك بعد احتلال الضفة الغربية، وما زالت تفعل ذلك كل يوم من خلال زرع غابات على أراض صودرت من البدو في النقب ومن خلال دعم جمعيّات مستوطنين في الأراضي المحتلة. الصندوق القومي اليهودي متهم بمشاركته في تطهير عرقيّ وأنا أخجل أن أرى اسم والدي مربوطا بذلك. 

أنا أخجل بدولتي التي تعطي إسرائيل وعلى مدى سنوات "شيك" مفتوحًا. كل ما فعلناه عمليًّا كان تقبّلا لانتهاك القانون الدولي من قبل إسرائيل، مقابل تأتأة في تحذيرات عديمة الفاعليّة. لقد كنّا "أغبياء ناجعين" لإسرائيل، "اشترينا" عمليّة السلام التي كانت تخرّبها إسرائيل بشكل منهجيّ، وبذلك شكّلنا لها غطاء لفرض الحقائق على الأرض. في الأوقات التي كان من الممكن تجنّب كل هذا فإن المجتمع الدولي فشل في فرض ضغط كافٍ على إسرائيل. بعد قمة كامب دافيد  1978، بعد مقتل رابين عام 1994، عند طرح خطة السلام من قبل القمة العربية عام 2002، وعرضها ثانيةً في 2007. وما زلنا نفشل. المواطنون الهولنديون ذوو الحق في الضمان الاجتماعي، ويسكنون في الضفة الغربية، يعامَلون من قبل حكومتي كمن يسكن في إسرائيل ذاتها، وهذا خرق للقانون الدولي والقانون الهولندي.
وعودة إلى ذكرى والدي وإلى تعرضه للتعذيب: إنه أمر مؤلم، مؤلم كالجحيم، أن تعلم أن هذا يحصل اليوم أيضًا، مثل الأمس ومثل الغد، الفلسطينيون تعرّضوا وما زالوا يتعرّضون وسوف يتعرّضون للتنكيل من قبل الإسرائيليين. في غالبية الوقت بشكل تعسّفي، وكثيرًا ما ضد قاصرين، لا لشئ إلا لأنهم يناضلون من أجل حقوقهم وكرامتهم.

لماذا نحيي الذكرى؟ ما الفائدة من إحياء ذكرى أهوال الماضي واحترام أبطاله اذا كنا نفشل – على صعيد العالم- في استخلاص العبر منها؟ ما الفائدة اذا كنا ننظر بشكل حصريّ فقط على التجاوزات التي مورست ضدنا فقط، بينما نفشل في فهم الدروس منها تجاه تصرفاتنا نحن؟

الهولنديون ليسوا وحدهم في هذا الفشل. فبدلًا من فضح أفعال اسرائيل، تقوم بعض الدول الاوروبية ودول أخرى بتشويه سمعة حركة المقاطعة وإخراجها عن القانون. ما الخطأ في المطالبة بعقوبات بسبب انتهاك القانون الدولي؟ ما الخطأ في عدم الاستثمار في شركات تجني أرباحًا من احتلال وحشي؟ ما الخطأ في مقاطعة أشخاص يدعمون قولًا وفعلًا قمع شعب آخر؟ بي دي إس كانت طريقة غير عنفيّة لردع الأبرتهايد في جنوب أفريقيا. لماذا هي خطأ هنا والآن؟ فهي تبدو كالطريقة الوحيدة التي يمكن أن توقِف طريق إسرائيل الانتحارية. كما تساءل الأسقف الأسطوري والحائز على جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو: "إذا كنت ترى صديقك يسوق السيارة سكرانًا، ألا تأخذ منه مفاتيح السيارة؟"
     
جنوب أفريقيا أنهت نظام الفصل العنصري ونزع-الإنسانية الذي كان متبعًا فيها. أنشأت "لجنة الحقيقة والمصالحة" حتى تتصالح مع آثام الماضي. فبدلًا من التستر على آثامها بأدوات الصندوق القومي اليهودي، وبدلًا من إنكار ماضيها، سيكون من المفيد لو أن إسرائيل، وأخيرًا، تتخذ موقفًا وتعترف بالآثام التي ارتكبتها خلال إقامتها، وتعبّر عن ندمها حسب أفضل التقاليد اليهودية وتسعى إلى التكفير عن ذنوبها من خلال التراجع عن المظالم الممارسة ضد الفلسطينيين.

أتمنى أن أحيا لأرى "لجنة حقيقة ومصالحة" في إسرائيل- فلسطين. حينها سوف أحضر وأحتفل وأزرع 1100 شجرة أخرى في إسرائيل. 

شكرا لكم على حسن الإصغاء  

حاليًّا، سوف أزرع 1100 شجرة في فرعطة ، في الـ 20 من تشرين الثاني. حيث مساحات واسعة من كروم الزيتون قد تم حرقها، بدون معاقبة أحد، من قبل مستوطنين، ومؤخرًا قبل عشرة أيام قاموا بطرد الأصحاب الحقيقيين بعيدًا عن كرومهم ليمنعوهم من قطف الزيتون، وذلك أمام العيون الساهرة "لـجيش الدفاع الإسرائيلي". إن زرع 1100 شجرة زيتون من أجل الدعم المعنوي والمادي لأناس يعيشون تحت دولة بلا قانون، حقوقهم منتهكة، بدون أي حماية من قبل حكومة الاحتلال. أراضيهم تُصادر، أشجار زيتونهم تحرق، والحكومة التي من المفترض أن تضمن لهم حقوقهم بناء على القانون الدوليّ تتاوطأ مع المستوطنين الذين يهدفون إلى ترسيخ الاحتلال....