لماذا لا تأتون على ذكر الجرائم التي ارتكبت بحق اليهود، وحقوق يهود الدول العربية والإسلامية؟


 

لقد تأسست ذاكرات للتذكير بتاريخ نزع ملكية الشعب الفلسطيني- وهو تاريخ تمّ قمعه وإسكاته في أوساط الجمهور اليهودي في إسرائيل. ليس التركيز على جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين نابعا من تجاهل الجرائم المرتكبة ضد اليهود، بل لأن الجرائم المشار إليها، أولا، معروفة في أوساط الجمهور اليهودي، وصوت ضحاياها اليهود حاضر في الخطاب الإسرائيلي، وثانيا لأننا نشجّع عملية الاعتراف في أوساط الجمهور اليهودي في إسرائيل بشأن الجرائم التي ضمن نطاق مسؤولية هذا الجمهور.

وبالنسبة لأولئك الذين عانوا من صدمة التهجير والفقدان الشديدة، فلا داعي للتنافس في الألم والظلم. ومع ذلك، فإن التفاوت بين عدم ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين بحق العودة الممنوح لليهود هو تناقض صارخ. فغالبا ما تمت مقارنة طرد الفلسطينيين في أحيان كثيرة بعمليات طرد كثيرة على مر التاريخ، هذا الطرد يتم تبريره نتيجة لها. لا توجد عملية طرد مبررة. إن تهجير وطرد اليهود بوحشية هو واحد من الأسباب التي دعت العالم إلى الاعتراف بحقهم في دولة ذات سيادة. وفي غالبية الحالات (بما فيها حالة إسبانيا الكاثوليكية وألمانيا النازية)، اعتذر المجرمون، وتمّ دفع التعويضات، وتمّت إقامة النصب التذكارية وإقامة أنصاب تذكارية، وتمت بلورة مضامين تربوية، وصار بإمكان أحفاد الضحايا الحصول على جنسيات وحقوق. ينبغي أن ينطبق نفس القانون أيضا على يهود الدول العربية والإسلامية، إذا ما رغبوا بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. لم يتم تنفيذ أي من هذه الخطوات في السياق الفلسطيني، ناهيك عن استمرار السيطرة والقمع بحقهم. وفي الوقت ذاته، فليس اللاجئون الفلسطينيون مسؤولين، أبدا، عن مصير هؤلاء اليهود، وبالتالي لا يجب أن يكون تصحيح أوضاعهم مشترطا بتصحيح أوضاع اليهود من الدول العربية.

إن محاولة إدامة أو إسكات النكبة الفلسطينية، في الواقع، تقف خلف الفجوات العرقية - الطبقية داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل أيضا. لقد استحوذ "جيل المؤسسين" الأشكنازي، الذي استند إلى تصورات استعمارية عنصرية، على التحكم بغالبية الأملاك التي أُخذت من الفلسطينيين، بدلا من الاهتمام بتعويض أو مساعدة المجتمع اليهودي الشرقي، بل قام باستغلاله، ووضع اليهود الشرقيين كفاصل وبديل للفلسطينيين، وقد مارس جيل المؤسسين في الوقت ذاته تطبيعا لعلاقات القوة، ولتوزيع الموارد داخل حدود 1948. بهذا المفهوم، فإن الحل العادل للمظالم التي تنطوي عليها النكبة، سيضع حدا أيضا للامتيازات الأشكنازية، وسيتيح عدالة في توزيع الموارد، حتى لو لم تكن هذه العدالة تامّة، بحيث يحصل عليها أيضا الفلسطينيون واليهودي الشرقي.