هل تطرحون الرواية الفلسطينية؟ لماذا على هذا الموضوع أصلا أن يهمّ اليهود؟


في حين أن الكثير من اليهود لا يعرفون بالمطلق مصطلح نكبة، وخلفيتها التاريخية ومغازيها، فإن النكبة بالنسبة للفلسطينيين تعني أساسا مركزيا في الهويتين الفردية والجمعية. ورغم ذلك، فإن النكبة أيضا تقوم ببناء هوية المجتمع الإسرائيلي، والواقع الذي نعيش فيه. نحن لا نسعى إلى طرح "رواية فلسطينية" قبالة "رواية صهيونية" بل توفير المجال أمام الجمهور للوصول إلى معلومات تاريخية، ووقائع ومعطيات، غير معروفة للجمهور اليهودي في إسرائيل، وهي معلومات ومواد مخفية ويتم نفيها بصورة رسمية وممؤسسة، من جانب دولة إسرائيل.

نحن، فلسطينيون ويهودا، نشعر بالانتماء إلى هذه الأرض: إلى أهلها الذين هنا، وأولئك الذين لم يعودوا موجودين فيها، إلى اللغة والثقافة، إلى المنازل، إلى الأودية وأشجار الزيتون، إلى التاريخ القريب والبعيد، ونعم: إلى النكبة أيضا. إن النكبة، الكارثة التي حلّت بالشعب الفلسطيني تعدّ جزءا لا يتجزّأ من قصتنا وقصص عائلاتنا وشعبنا. إن معرفة النكبة هي أيضا تعرّف أفضل بالمجتمع اليهودي في إسرائيل. لا شجاعة، بالمطلق، في دفن الرأس في الرمل. إن إخفاء الماضي الفلسطيني هو بالمقدار ذاته إخفاء لماضي وحاضر دولة إسرائيل أيضا. إن النكبة، عمليا، قائمة في المشهد، قائمة في القضاء، وفي السياسة، وفي الذكريات والآمال ومجمل الحياة اليومية في هذه البلد.

إن وجود دولة مقتصرة بشكل حصري على اليهود، لا الفلسطينيين، هو، لربما، حلم بعض من يسكنون هنا، لكن هذا الحلم غير أخلاقي، وقد آن الأوان للاعتراف،  رغما عن جهود النهب المستمرة منذ سنوات طويلة، بأنّ هذا الحلم غير ممكن التحقق أصلا. إن العلاقات المستندة إلى انعدام المساواة البنيوية هي أمر سيئ لجميع الأطراف، بعد قرابة المائة عام من أيدلوجيا الفصل والحصرية، العنصرية والعسكريتارية، بات من السهل رؤية أن الكارثة الفلسطينية هي بنفس المقدار كارثة لليهود.

إن تاريخ العلاقة اليهودية بأرض إسرائيل وبالحياة المشتركة بين اليهود والعرب وغيرهم، أطول من تاريخ الأيدلوجية الصهيونية الأوروبية. لقد شهدت الأيدلوجية الصهيونية، منذ بداياتها، معارضة يهودية. إن هذا التاريخ هو، أيضا، جزء من تاريخنا: تاريخ اليهود السفارديم، والشرقيين، والأشكناز، العلمانيين والمتدينين، النساء والرجال، الذين عارضوا نظرة التفوق اليهودية، وعارضوا ممارسات الفصل والنهب، واختاروا العدالة والمساواة.