أليس حق العودة مجرد اسم رمزي من أجل القضاء على دولة إسرائيل؟ أليست عودة اللاجئين، مليا، إنهاء للوجود اليهودي في أرض إسرائيل؟


إن حقّ العودة هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ولا ينبغي أن يكون تنفيذه مشترطا بحل سياسي مهما كان. ما من شك بأن إسرائيل ستغير طبيعتها الاستعمارية لدى تطبيق حق العودة، أيّا كانت التسوية المتفق عليها. إن طبيعة التغيير وحجمه يعتمدان على عدة أمور من ضمنها الاتفاقات التي يتم تحديدها عبر المفاوضات بين سكان البلاد ولاجئيها.

نحن نؤمن، في ذاكرات، بأن مثل هذا التغيير هو شرط أساسي من أجل تأسيس مجتمع قائم على المساواة المشتركة في البلاد، وبأنه يحمل في طياته فرصة حقيقية لمداواة الجرح العميق الذي بين الشعبين، كما يحمل في طياته دمجا مستداما ليهود إسرائيل في الشرق الأوسط، باعتبارهم أنداد، لا محتلّين. إلى جانب ذلك، فإننا نؤمن أن عملية متدرجة ومتواصلة من التخلي عن الامتيازات الفائضة، وإنهاء استعمار البلاد والثقافة السياسية الإسرائيلية، سيكون في مصلحة الجمهور اليهودي. على العكس من الأثمان المتمثلة في مواصلة الحياة في دولة يهودية محتلة: ثم العيش في دولة عسكرتارية، شوفينية، وعنصرية، لا يتم توجيه ميزانياتها إلى الرفاه الاجتماعي والتربية، بل لتمويل القوات القتالية، والتسليح، ومعارك الاستخبار، وجهود الدعاية السياسية "الهسبراة"، إلى جانب تمويل التربية على الجهل والقلق.

نحن لا نؤمن بحل الظل من خلال خلق ظلم جديد. هنالك عدد لا نهائي من الإمكانيات لتطبيق عودة اللاجئين من دون المساس بمزيد من البشر، ولكن وعلى أي حال، ينبغي أن تناقش الحلول العملانية على الأرض عبر مفاوضات يشارك فيها سكان البلاد ولاجئيها. تظهر استطلاعات رأي مختلفة عقدت ابتداء من سنة 1949 وحتى اليوم بأنه نحو خمس إلى ربع المواطنين اليهود يؤيدون عودة اللاجئين، إن لم تكن هذه العودة مشترطة بتهجير الإسرائيليين اليهود من منازلهم. هذا توافق واسع بما يكفي، مقارنة بقضايا أخرى قيد المناقشة في المجتمع الإسرائيلي. إن الأغلب الأعم من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني يعارض المساس باليهود في إطار ممارسة حق العودة. كل ما يطلبونه هو العدل والمساواة في الحقوق، وهم يذكّرون بأن اليهود قد عاشوا إلى جانب العرب والفلسطينيين على مدار مئات السنوات، وبأن نضالهم هو ضد الاستعمار الصهيوني، لا ضد الشعب اليهودي.

تشير التقديرات حتى اليوم بأن نحو 80% من أراضي اللاجئين الفلسطينيين غير مأهولة، حيث تم تحويلها إلى منتزهات وطنية، أو مناطق إطلاق نار، أو تخصيصها لاستخدامات أخرى. وعلى أي حال، فإن العودة ليست عودة إلى الماضي، بل اشتراط لتأسيس مستقبل علاقات فلسطينية ويهودية ترتكز على العدالة والمساواة.