يكشف المشروع الأرشيفي-المرئي للفنان كمال الجعفري عن آثار مدينة يافا الممحوّة. آثار وردت في عشرات الأفلام الإسرائيلية والأمريكية الشعبية التي تم تصويرها في المدينة بين سنوات ال-60 حتى سنوات ال-90. اختار الجعفري أن يمحو ويزيل الشخصيات التي تظهر في الأفلام بدقة تشريحيّة متناهية، وأن يستخلص من الصور لمسات بارثيانية، تلك البقايا الزئبقية المراوغة التي دخلت الصورة، تلك التي ما بعد المشهد الذي أراد المصوّرون تصويره، والتي كانت "تجرح" المُشاهد وتهزّه. ما هي تلك الآثار المتبقية إذًا؟ إنها شوارع الأشباح التي فرغت من البشر، الخربات، الإهمال، الأرصفة المتصدعة والبنايات الآيلة للسقوط، علامات الخراب المستديمة في المدينة منذ 1948. إنها الشخصيات البشرية أيضًا، التي ظلّت في الأفلام غائبة ووهميّة، هي الفلسطينيون الذين نجحوا في البقاء في يافا على الرغم من الترحيل أو أولئك الذين نجحوا في العودة إليها. إن هذا الصورة غير المتجانسة-المتناسقة، ظاهريًّا، للمدينة التي كانت مجرّد منظر استشراقيّ في الأفلام قد تزعزعت وتصدّعت، وأصبحت تلك "البقايا" تخلق إطارًا بديلًا للزمن، يقاوم إخراج الفلسطينيين من التاريخ.