مقدمة الكتيب
رغم اسمها، كانت خربة اللوز حتى عام 1948 قرية عامرة تحفها أشجار مثمرة وكروم عنب وأرض مزروعة بكد واهتمام. عاش أهلها كمجتمع تقليدي له انتماء إلى أمة عريضة وإلى تاريخ طويل. لم تخرب هذه البلد منذ أسست قبل مئات السنين، إلاّ مع الاحتلال الصهبوني لها قبل ستين عاماً. هدمت الصهيونية بطرق شتى وعلى فترات مختلفة وحسب قرارات متنوعة كل بيوت خربة اللوز. كانت بيوت القرية مبنية من حجر وكان كل بيت محاطاً بقطعة أرض يعتاش منها أهل المنزل فاستغلت لزراعة الخضروات والفواكه وحفر بئر لتخزين المياه. أما الأراضي الواسعة والتي أتت بمحصول تجاري فكانت بعيدة عن المنطقة السكنية. عندما تقف على قمة الجبل ينكشف أمامك منظر خلاب، جبال مليئة بالأحراش، ولكنها منطقة فارغة من السكان. هكذا ترى المكان اليوم. لكنه منظر خدّاع. يخفي في طياته أسراراً. هكذا يريد من يريد أن نراه. إن نمعن النظر نرَ أن الحقيقة موجودة بين الأشجار وبين الأحجار. تقول الحقيقة أن هذه المنطقة أفرغت بشكل متعمـّد. عاش فيها آلاف الفلسطينيين بعدة قرى حتى 1948 وطردوا منها، كانت عامرة بمئات المنازل وهدم المحتل أغلبها، شملت دور عبادة ومدارس محى المحتل قسماً منها واستولى على قسم آخر. إذن فالمنظر الذي نراه من قمة الجبل ليس منظراً طبيعياً، في الواقع.

أصدرت "زوخروت – ذاكرات" هذا الكتيب عن خربة اللوز والتقت مع لاجئيها وتعلّمت من باحثين في الموضوع ونظمت زيارة لموقع القرية ووضعت لافتات باسمها الذي يقاوم الاندثار، لتبين ما تخفيه أشجار الصنوبر وتميز حجر البيت المهدوم عن الحجر الطبيعي ولتحفظ استمرارية وجود القرية في الذاكرة والوعي – على الأقل – ولتوفر تواصلاً متواضعاً بين اللاجيء وقريته ولتدعو إلى إنصاف اللاجيء وعودته إلى مكانه ليبني حياته وحضارته من جديد. "زوخروت – ذاكرات" تقوم عملياً – من خلال فعالياتها – بتحضير الرأي العام لعودة فعلية للاجئين الفلسطينيين من خلال مصالحة تاريخية لن تتم إلاّ باعتراف الصهيونية بما اقترفته تجاه الشعب الفلسطيني وتحمل المسؤولية حيال النكبة ونتائجها وعلى رأسها عودة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة مجتمع مدني يستند على العدل والحرية والمساواة للجميع.

هذا هو الكتيب رقم 24 من سلسلة الكتيبات التي توثق تاريخ القرى الفلسطينية المنكوبة التي تصدرها جمعية "زوخروت – ذاكرات". صدر قبله كتيبات عن المواقع التالية: : الشيخ مونـّس، المالحة، العجمي في يافا، حطين، الكفرين، الشجرة، ترشيحا، بئر السبع، إجليل، اللجون، سحماتا، الجولان، اسدود والمجدل، خربة جلمة، الرملة، اللد، عكا، حيفا، عين المنسي، الحرم (سيدنا علي)، عين غزال، لفتا ودير ياسين.

جاءت الفكرة لزيارة هذه القرية الصغيرة والمخفية عن الأنظار، عندما قامت طالبة جامعية إسرائيلية بزيارة مكتب "زوخروت" في تل ـ أبيب وعرضت – مشكورة -  بحثاً جامعياً قامت به حول القرية واقترحت أن تقوم "زوخروت" بإحياء خربة اللوز من خلال جولة على أسلوب "زوخروت". هذا الكتيب يجيء بملخص هذا البحث الذي قامت به إيلانه قتسبمان، وكذلك المقابلة التي أجرتها مع غازي اللوزي قبل حوالي سنة، لاجيء من الجيل الثاني للنكبة. أما المقابلة الثانية التي استندت عليها إيلانه في بحثها فلم يشملها هذا الكتيب ولكن يمكن الاطّلاع عليها على "موقع فلسطين في الذاكرة".

الأمر المثير الذي يوفره الكتيب هو مقابلة مع والديّ غازي اللوزي الساكنين في مخيم قلندية أجراها طاقم "زوخروت" قبل ثلاثة أشهر بمساعدة الزميل وجيه عطا الله ابن المخيم وأمين سر لاتحاد مراكز شبيبة المخيمات في الضفة المحتلة.

لم يكن بالإمكان تجهيز هذا الكتيب أو التحضير لزيارة القرية دون الاستعانة ب"دان جولان" المهتم بتاريخ المنطقة على مرّ العصور والذي لم يستطع القفز عن حياة الفلسطينيين في هذا المكان كما فعلت "كيرن كييمت" والمؤسسات الصهيونية الأخرى. بفضله عملياً، تتوفر صور ووثائق ومعلومات غير قليلة عن القرية جمعها من مصادر مختلفة مثل الأرشيف الصهيوني والمحكمة الشرعية في القدس المحتلة ويمكن رؤيتها على موقعه الإلكتروني.     

"زوخروت – ذاكرات"
حزيران 2008
60 للنكبة

--------------------

خربة اللوز

قرية فلسطينية مهجـّرة منذ 13 تموز 1948 ، تبعد 15 كيلو متراً عن مدينة القدس من جهة الغرب و5 كلم عن قرية عين كارم. كان مدخلها الرئيسي من طريق القدس – يافا وتربطها طرق فرعية بالقرى المجاورة: القسطل والشيخ سلامة وسطاف وصوبا وعقـّور والجورة والولجة ودير عمرو. نشأت خربة اللوز فوق السفح الجنوبي لأحد جبال القدس الذي ترتفع قمته 788 م  عن سطح البحر، وتشرف على وادي الصرار الذي يجري في أراضيها ويفصل بينها وبين جبل طيسيم من الغرب.

تبلغ مساحة أراضي القرية نحو 4500 دونم كانت مستثمرة بزراعة العنب والزيتون واللوز بالإضافة إلى الخضروات والحبوب.
كان عدد سكان خربة اللوز عام 1948 نحو 520 نسمة. ويعود معظم سكان القرية بأصولهم إلى قبيلة بني حسن.

في يوليو – تموز 1948 وكجزء من عملية داني الاحتلالية الإسرائيلية أوكل إلى لواء "هرئل" مهمة احتلال بعض القرى الواقعة حول الطريق إلى القدس والتي لم يحتلها الجيش الإسرائيلي بعد. حاولت قرية صوبا القريبة مقاومة الهجوم الإسرائيلي إلاُ أنها سقطت بأيدي القوات الصهيونية يوم 13 تموز. فنزح سكان خربة اللوز وبعض القرى المجاورة في اليوم ذاته خوفاً من هجوم عسكري إسرائيلي . حاول أهالي القرية العودة إليها إلاّ أنّ القوات الصهيونية منعتهم وأجبرتهم – كما أجبرت لاجئي المنطقة كلها – على الرحيل بعيداً. مكث قسم منهم لمدة عدة أسابيع على التلال المجاورة والمشرفة على قريتهم حتى أمرتهم قوة هرئل "بالخروج من المنطقة الواقعة ضمن السيطرة الإسرائيلية".

أقدم وثيقة تتعلق بقرية خربة اللوز وجدت في أرشيف المحكمة الشرعية في القدس وتعود لعام 1668م. تتعلق الوثيقة بحالة قتل جابي ضرائب عثماني على أيدي اثنين من سكان خربة اللوز ومحاكمتهما. في فترات متأخرة يظهر اسم القرية في التعداد السكاني الذي أجرته الدولة العثمانية وبعد ذلك طبعاً في المستندات التابعة لفترة الاحتلال البريطاني.

المصادر:
- الموسوعة الفلسطينية، دمشق، 1984
- http://www.palestineremembered.com
- http://har-eitan.blogspot.com




لتحميل الملف