مقدمة

يصبو هذا الكتيب إلى سرد التاريخ، وتصوير الواقع والدعوة إلى التفكير بالمستقبل في معلول.
لم ينزح لاجئو معلول بعيداً عن قريتهم، حيث يسكن غالبيتهم في يافة الناصرة، على بعد 3 كيلومتر منها، ويستطيع بعضهم رؤية قريته المدمرة من شرفة بيته في يافة الناصرة.
كذلك، لم يذهب شباب معلول بعيداً عن قريتهم، حيث يلتحم الكثير منهم بمعلول عملياً وعاطفياً، يلتحم مع البيت والكنائس والمسجد والمقابر والبساتين وعين الماء والزيتون.
شباب من معلول أرادوا أن يلتحموا مع مستقبل بلدهم أيضاً، وذلك من خلال مشروع مشترك مع زوخروت للتفكير بإمكانيات العودة إلى معلول، وتخطيط الحياة فيها بعد العودة.
وقد شاركت مجموعة من شباب معلول بإعداد هذا الكتيب وجمع المواد له ومقابلة اللاجئين المسنّين من أهلهم وتحضير جولة مفتوحة للجمهور إلى معلول، بالتعاون مع زوخروت، وذلك من أجل بناء قاعدة واضحة لفهم الماضي والحاضر ليتسنى لهم تخطيط المستقبل.
   
تهدف جمعية "زوخروت"، من خلال هذا التوثيق ومن خلال فعالياتها الأخرى، إلى تعليم النكبة الفلسطينية للجمهور العام وخاصة للجمهور الإسرائيلي، وكذلك إلى دفع النقاش حول عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.  
ترى "زوخروت" أن الاعتراف الإسرائيلي بمسؤولياته عن نكبة فلسطين والاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين هما أمران أساسيان لأي حل عادل على هذه البلاد.

"ذاكرات معلول" هو الكتيب رقم 48 في سلسلة الكتيبات التي تصدرها "زوخروت" عن القرى والبلدات المنكوبة في هذه البلاد، وقد صدر قبله كتيبات عن المواقع التالية:  طبرية، عاقر، البروة، خبيزة، كفر سبت، القبو، عيلبون، إقرث، كفر بـِرعِم، المنشية – يافا، الغبـَيـَات، سبلان، العراقيب، كفر عنان، الدامون، مسكة، السُّميرية، سمسم، الراس الأحمر، عين كارم، عجور، كويكات، أم برج، خربة اللوز، الشيخ مونـّس، المالحة، العجمي في يافا، عمواس يالو وبيت نوبا، حطين، الكفرين، الشجرة، ترشيحا، بئر السبع، جليل، اللجون، سحماتا، الجولان، اسدود والمجدل، خربة جلمة، الرملة، اللد، عكا، حيفا، عين المنسي، الحرم (سيدنا علي)، عين غزال، لفتا ودير ياسين.

زوخروت (ذاكرات)
ديسمبر (كانون أول)2011

"لا عذر لمن أدرك الفكرة وتخلّى عنها"

لأن معلول كانت وستظل حلمنا الأجمل, ولأن الحلم يتخطى الحدود الفاصلة بين المنفى والوطن, جاء هذا الكراّس.
جاء ليثبت أن الهوية كلما نأت تقترب أكثر, وأن الألم كلمّا احتد كلّما أنجب أجيالاً ترفض أكثر أن تصفق لزوالها وأن تمشي يداً بيدٍ مع جلّادها.
وهكذا بدأ بعض شباب معلول ببلورة إطار يسعى لضم أكبر فئة ممكنة من مهجري معلول بغية الحفاظ على الذاكرة الجماعية وخلق حلقة وصل بين الأجيال المختلفة للنكبة. فاختلطت أحلام مهجري معلول بأعمال جمعية "ذاكرات" وجاءت العودة حلماً ممكناً لا واقعاً خيالياً.
وكانت الفكرة أن ننتقل من الحديث عن حقنا في سرد روايتنا التاريخية فحسب إلى تطوير آليات تعبير جديدة عن وجودنا المهمش, وأن ينتقل النقاش إلى ما بعد العودة وإلى أسئلة قلّما طرحت بعد. فجاء هذا الكرّاس بتوثيق مهني ساعياً إلى أن يحافظ على أحلامنا ولو مجازاً, متشبثاً بقوة العمل ورافضاً ترويض الذاكرة, ف"لا عذر لمن أدرك الفكرة وتخلى عنها"!
 
نغم محمود علي الصالح
شباب معلول

معلـول

قرية فلسطينية تقع على بعد 12 كلم غربي الناصرة وحوالي 30 كلم جنوب غرب حيفا، وكيلومترين شمال قرية المجيدل حيث يفصل بينهما شارع رئيسي يصل بين حيفا والناصرة، وكانت طريق فرعية تربط معلول بالطريق العام. معلول لفظة كنعانية معناها المدخل أو البوابة ومن المعتقد أنها أقيمت فوق المكان الذي كانت تقوم عليها أهالول أو مهلول الرومانية، وكانت تابعة في حينه لصفورية، وقد عرفها الصليبيون باسم ماعولا.  

أنشئت معلول في القسم الجنوبي من جبال الجليل الأسفل وترتفع 270 مترا عن سطح البحر. ويفصل وادي الحلبي أو الصفصاف الواقع في جنوبها الغربي بين أراضيها وأراضي قرية المجيدل.  وتقع عين البص في شمالها الشرقي وعين البلد في شمالها الغربي.   

في عام 1596، كانت معلول قرية في ناحية طبرية (لواء صفد), وعدد سكانها 77 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير, بالإضافة الى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل. 
في أواخر القرن التاسع عشر كان بالقرب من القرية ضريح روماني فخم سمي قصر الدير. وكانت معلول نفسها قرية مبنية بالطوب وقائمة على تل. وكان سكانها حوالي 280 نسمة. 

في عام 1931 كان فيها نحو 90 مسكناً بنيت من الحجارة والطين أو الحجارة والأسمنت أو الأسمنت المسلح. وكانت بيوت القرية شديدة الاكتظاظ. 

بلغ عدد سكان معلول 436 شخصاً عام 1912 ، وانخفض إلى 390 شخصاً عام 1931. وفي عام 1945 ارتفع عددهم إلى 690 شخصاً ( 490 مسلماً و 200 مسيحي) وبلغ عددهم عام 1948 حوالي 800 نسمة. 

كانت معلول من بين القرى الأولى التي كانت فيها مدرسة منذ سنة 1905. وقد أغلقت هذه المدرسة سنة 1930 وقد كان يديرها خلف الصباغ عندما اشتكاه كبار الملاكين إلى المسؤولين مدّعين أنه كان يحرض تحريضا ً طائفيا ً, والحقيقة أنهم شعروا بأنه أصبح مصدر إزعاج لهم بسبب توعيته للجيل الناشئ. مع احتلال القرية كان فيها غرفة تدريس تابعة للكنيسة الكاثوليكية.  

كان في القرية كنيستان ومسجد. وعمل أهالي معلول أساساً بالزراعة وتزودوا بالماء من الينابيع والآبار. زرع أهالي معلول عام 1945 حوالي 784 دونماً بالحبوب وكان لديهم 650 دونماً مروياً أومستخدماً للبساتين. وكانوا أيضاً يهتمون بتربية المواشي. 

الأرض

شهدت معلول نزاعا ً مريرا ً على الأراضي, بين السكان من جهة والحكومة التركية ونقولا سرقس والكيرن كيميت من جهة أخرى. في سنة 1869 باعت الحكومة التركية أراضي معلول مع عدّة قرى أخرى في مرج ابن عامر لتجار من بيروت كان أشهرهم نقولا سرسق. فلم يكن أهالي معلول يملكون الأرض التي يزرعونها، وإنما كانوا يستأجرونها من عائلة سرسق البيروتية. في سنة 1921، باع آل سرسق أرض القرية، سوى 2000  دونم، إلى شركة صهيونية هي "شركة تطوير أراضي فلسطين". ولم تكن مساحة الألفي دونم الباقية كافية لمعيشة سكان القرية. تدخلت الحكومة البريطانية واتفقت مع الشركة الصهيونية على أن تؤجر 3000 دونم إضافية لسكان القرية حتى سنة 1927. وكان لسكان القرية الخيار في أن يشتروا هذه الدونمات الثلاثة الآلاف قبل نهاية عقد الإيجار. في عام 1927 تقدم المحامي وديع البستاني باسم سكان القرية بدعوى لشراء الأرض، إلا أن الشركة أدعت أن ملكية الأرض انتقلت إلى الصندوق القومي اليهودي لأن أهل معلول قصروا في استعمال حقهم في الشراء. لكنها سمحت لهم بالاستمرار باستخدام الأرض. ولم يكن واضحاً لسكان القرية من هو مالك الأرض حقا.
في سنة 1931, طالب الصندوق القومي اليهودي ببدل الإيجار،  وساق سكان القرية الى المحكمة الذين ادعوا بأنهم ما زالوا يملكون الحق في شراء الأرض. كما قالوا إن لهم حقا في رعي مواشيهم في بقعة أخرى من الأرض، غربي القرية كان الصندوق القومي اليهودي اشتراها. وقد تطاول زمن القضية الى أن اقترحت الحكومة البريطانية حلاً وسطاً عام  1937 وذلك بان تمتلك الحكومة البريطانية أراضي من الصندوق القومي اليهودي وتؤجرها لأهل معلول، وبالمقابل يحصل الصندوق القومي اليهودي على أرض بديلة قرب بيسان. إلا أن الصفقة لم تتم. مع أن الصندوق القومي اليهودي لم يحاول أن يزرع الأرض (التي ظل سكان معلول يستعملونها) فقد استمر في المطالبة ببدل الإيجار، إلى أن طلب في سنة 1945 طرد سكان القرية. وتحاشيا لسفك الدماء، عمدت الحكومة الى إحياء المفاوضات في سنة 1946. وقد تكللت هذه المفاوضات الجديدة بالنجاح إذا وافق الصندوق القومي اليهودي على التنازل عن 3700 دونم من الأرض القريبة من معلول، لقاء 5433 دونما من الأرض في جوار بيسان.  ولكن هذه الاتفاقية أيضاً لم تنفذ بسبب صراع على تلك الارض المجاورة لبيسان. 

 وكان أحد الملاكين في القرية، نعمة عواد، قد اتصل بنقولا سرسق في بيروت وحصل منه على تنازل سرسق للفلاحين عن 2000 دونم التي ما زالت بملكيته. وقام نعمة عواد بامتلاك حوالي ثلثي الأرض بينما تبقى لكل أهل معلول الآخرين حوالي ثلث الأرض. وقد قسمت أراضي معلول إلى قسمين بين السكان ونعمة العواد، وكانت أرض الوعر الجبلية والعين والحواكير قسماً، والأراضي السهلية في المرج قسما ً آخر. واختار السكان العين والأرض الجبلية لوجود العين فيها.

احتلال القرية

رغم أن معلول، حسب قرار التقسيم، كالناصرة والمنطقة المجاورة لها، كانت ضمن الدولة العربية، إلا أن نوايا الحركة الصهيونية تجاه هذه المنطقة كانت قد اتضحت. فقد صرح بن جوريون في نيسان 1948 : " لن نصمد في المعركة إن لم نستوطن، خلال الحرب، في الجليل الأعلى والأسفل، الشرقي والغربي، في النقب وحول القدس، ولو بشكل مصطنع – بشكل عسكري .... سيحصل في أعقاب هذه الحرب تغير كبير في توزيع السكان العرب". وفي اجتماع عقدوه يوم 22 نيسان مع يوسف فايتس، المسؤول في الكيرن كييمت عن شراء الأراضي من العرب، أعلن قادة الهجناه عن استعدادهم لتوفير قوى عاملة ومعدّات لإنشاء ست مستعمرات جديدة على أرض بملكية يهودية أو ليست بملكية عربية، وبينها أراض متاخمة لمعلول. في 21.6.1948 أقيمت على أرض معلول مستعمرة تيموريم، التي نقلت عام 1954 لمنطقة بئر طوبية بالجنوب، وأقيمت مكانها عام 1981 مستعمرة تمرات القائمة اليوم. 

في 15 تموز 1948، قبل احتلال المجيدل بساعات، احتلت القوات الإسرائيلية معلول. وكانت معلول من جملة قرى الجليل الأسفل التي احتلت في المرحلة الثانية من عملية ديكل. وسبق احتلالها فترة من المناوشات حول القرية وكانت قوات يهودية تطلق النار على القرية من مستعمرة تيموريم المجاورة وقتلوا عدداً من أهالي القرية وعدداً من جنود جيش الإنقاذ. نزح غالبية أهالي معلول تحت جو من الرعب والخوف إلى القرى العربية المجاورة لا سيّما قرية يافة الناصرة، وهربت 12 عائلة إلى سوريا ولبنان.

وفي الهجوم على القرية يوم 15.7.1948 طردت القوات الإسرائيلية كل من وجدوه في القرية ثم هدموا المنازل وسوّوها بالأرض سوى المسجد والكنيستين.  

القرية اليوم 

موقع القرية مغطى بغابة صنوبر غرسها الصندوق القومي اليهودي. وثمة قاعدة عسكرية في الموقع أيضا. ولا تزال الكنيستان قائمتين وقد تم ترميمها في السنوات الأخيرة. وما زال كذلك المسجد قائماً إلا أن جزءاً منه قد تهدم ويطالب أهالي معلول بترميمه، ولم توافق السلطات الإسرائيلية على طلبهم بعد. وما زالت المقبرة الإسلامية موجودة في الموقع إلا أنها غير محمية. أما المقبرة المسيحية فتقع داخل المعسكر الإسرائيلي ولا سبيل للوصول إليها. وتتواجد في موقع القرية أكوام حجارة المنازل المهدمة. تستعمل موقع القرية بما فيه من دور العبادة الثلاث كمرعى للأبقار وحرش مفتوح للمتنزهين. 

تقع تمرات على بعد 1,5 كلم الى الغرب من موقع القرية، ويقع جزء منها على أراضي القرية. 

المصادر 

الموسوعة الفلسطينية، دمشق، 1984. (האנצקלופדיה הפלסטינית, דמשק, 1948)

وليد الخالدي، كي لا ننسى، بيروت، 1997. (וליד אלח'אלדי, All that remains, מהדורה ערבית, בירות, 197)

جميل عرفات، من ذاكرة الوطن- من قرانا المهجرة في الجليل. ג'מיל ערפאת, מזכרון המולדת, כפרינו ההרוסים בגליל (ערבית)

شهادات أهالي معلول. עדויות פליטי מעלול.

זוכרות, סדק סיורים, סיור למעלול ואלמג'ידל/תמר אברהם, טרם יצא לאור.

בני מוריס, לידתה של בעיית הפליטים הפלסטינים 1947-1949, תל אביב 1991

 




لتحميل الملف