مقدمة

لقد اتخذت حكومة إسرائيل قراراً رسمياً، في إحدى جلساتها الأولى، في شهر حزيران من عام 1948، بعدم السماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بيوتهم. بذلك أصبحت السياسة الإسرائيلية لإرغام المدنيين الفلسطينيين بالنزوح عن مدنهم وقراهم، ومن ثم عدم السماح لهم بالرجوع إليها بعد انتهاء الحرب، أصبحت سياسة رسمية وجليـّة. وقد وصف يوسف فايتس، بمذكرة بعثها إلى بن جوريون في 4 حزيران 1948، هذه السياسة بـ" ترانسفير بعد حدوثه". وتصرف الإسرائيليون بإصرار كبير لتطهير القرى والمدن التي احتلوها خلال عملية "خطة د" وعمليات الاحتلال في الجنوب، من أهلها الفلسطينيين، وسدّ الطريق أمام من يحاول العودة إلى بيته. وقد أصبح الفلسطيني بين يوم وليلة، إذا أراد دخول بيته، "متسللاً" غير قانوني يجب منعه بكل وسيلة، وقد استشهد الكثير من الفلسطينيين من نيران الجنود الإسرائيليين خلال محاولتهم الوصول إلى بيوتهم، وإن كانوا أحياناً يريدون فقط إخراج بعض المواد الغذائية والملابس من منازلهم لأبناء عائلاتهم التي تنام في العراء.

 تم احتلال قرية صمـّيل، ومعها عشرات القرى الأخرى في الجنوب، في منتصف تموز من عام 1948. حينها كانت سياسة التطهير العرقي أكثر وضوحاً من ذي قبل.
 
ومن صميل أيضاً استشهد "متسللان"، هما أحمد محمود صبح وعبد القادر النجار، عندما حاولا الوصول إلى بيتيهما ليأخذا بعض العسل لإطعام لاجئي قريتهم المتواجدين في منطقة الخليل. يجدر التنويه، أن الاحتلال لم يبقِ على بلدة فلسطينية واحدة في منطقة الجنوب، فقد احتل وهجّر ودمر كل القرى والمدن الفلسطينية هناك ومنع أهلها من الرجوع إليها.

أرفقنا مع هذا الكتيب خريطة فلسطين وخرائط لمنطقة الجنوب تبين العدد الكبير للبلدات الفلسطينية التي تم تدميرها مما يعكس حجم المأساة ومدى "نجاح" التطهير ومسح البلدات عن الوجود. يمكن التعرف على صمـّيل من خلال شهادة الحاجة سارة الدرباشي، التي أجرينا معها مقابلة خصيصاً لهذا الكتيب، كما يمكن قراءة معلومات عن القرية جمعناها من مصادر تاريخية متنوعة، وتمثل الصور التي على الغلاف والتي بداخل الكتيب شاهداً على وضع القرية اليوم بعد أن قامت إسرائيل بتدميرها عن بكرة أبيها.

هذا الكتيب هو جزء من فعالية متكاملة تنظمها زوخروت وتشمل أيضاً زيارة مفتوحة للجمهور في موقع القرية، ولقاء مع لاجئين منها، وسماع شهاداتهم وإرشادهم، ووضع لافتات لإحياء اسمها الذي طمسته إسرائيل بشكل متعمد، وتوثيق الجولة والمعلومات عنها ونشرها في موقعنا الإلكتروني وفي مواقع أخرى.

تصبو زوخروت من وراء هذا النشاط إلى تعريف الجمهور، وخاصة الجمهور الإسرائيلي، على النكبة الفلسطينية، من أجل زيادة الوعي تجاهها. تؤمن زوخروت أن الاعتراف بالنكبة الفلسطينية والاعتراف بحق العودة وتطبيق العودة هي أساس كل طرح يرغب بصياغة مستقبل العدالة والمساواة على هذه الأرض.

نود أن نتقدم بالشكر إلى الصديق رفعت حجاج وللعائلات من صميل التي تسكن في الرملة، على مبادرتها لتنظيم هذا النشاط ومساعدتها في التحضير للكتيب.        

"ذاكرات صمـّيل الخليل" هو الكتيب رقم 51 في سلسلة الكتيبات التي تصدرها "زوخروت" عن القرى والبلدات المنكوبة في هذه البلاد، وقد صدر قبله كتيبات عن المواقع التالية: المنشية / عكا، معلول، طبرية، عاقر، البروة، خبيزة، كفر سبت، القبو، عيلبون، إقرث، كفر بـِرعِم، المنشية – يافا، الغبـَيـَات، سبلان، العراقيب، كفر عنان، الدامون، مسكة، السُّميرية، سمسم، الراس الأحمر، عين كارم، عجور، كويكات، أم برج، خربة اللوز، الشيخ مونـّس، المالحة، العجمي في يافا، عمواس يالو وبيت نوبا، حطين، الكفرين، الشجرة، ترشيحا، بئر السبع، جليل، اللجون، سحماتا، الجولان، اسدود والمجدل، خربة جلمة، الرملة، اللد، عكا، حيفا، عين المنسي، الحرم (سيدنا علي)، عين غزال، لفتا ودير ياسين.

زوخروت (ذاكرات)
أيار 2012


صُمـّيل

قرية عربية في فلسطين تقع في أقصى الشمال الشرقي من قضاء غزة، تبعاً للتقسيم الإداري قبل النكبة، تبعد حوالي 36 كيلومتراً عن مدينة غزة، وحوالي 40 كيلومتراً جنوبي الرملة، وتبعد حوالي 20 كيلومتراً عن البحر من جهة اسدود.  

يعتقد أن صميل أنشأها فرسان الهسبتارية Hospitellers في سنة 1168 م، خلال الفترة الصليبية بغية الدفاع عن قلعة بيت جبرين، التي أنشأها ملك القدس الصليبي فولك أُف أنجو Folk of Anjou عام 1137م. وكان سكانها يعتقدون أن القرية سميت باسم صموئيل أحد الصليبيين الذين أسسوها، وهو ابن حاكم بيت جبرين. وكان اسمها أيضاً بَرَكة الخليل، لأن السلطان المملوكي برقوق (توفي سنة 1399م)، أوقفها للحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل. لكن سرعان ما عاد إليها اسمها صميل، وعرفت بصميل الخليل تمييزاً لها عن صميل يافا.

كانت القرية تنهض على تل رملي يقع في السهل الساحلي، ويرتفع 125م عن سطح البحر، وتحيط به الأودية. كانت طرق فرعية تربط صميل بالطريق العام بين المجدل وبيت جبرين، عند ملتقى الطرق قرب قرية عراق المنشية. كما كانت طرق أخرى، بعضها معبد وبعضها الآخر ترابي، تربطها بالقرى المجاورة.

عندما مر الباحث الأمير كي إدوارد روبنسون، وهو رجل دين مسيحي عاش بين 1863 -1794 وأحد أهم باحثي البلاد في القرن التاسع عشر، بصميل في أواسط القرن التاسع عشر، أشار إلى أنها قرية كبيرة الحجم، تقع على مرتفع في السهل، ولاحظ وجود بئر كبيرة عامة، قطر دائرتها 11 قدما وعمقها 100 قدم. وقال أيضا إنه كان في القرية ذاتها قطعة من سور قديم يبدو أنه كان في الماضي جزءاً من حصن.

في أواخر القرن التاسع عشر كان لقرية صميل شكل نصف دائري وخلال فترة الانتداب بدأت القرية التوسع في اتجاه الجنوب الغربي. وكانت تعتمد على الفالوجة الواقعة على بعد 6 كيلومترات إلى الجنوب الغربي، للحصول على الخدمات التجارية والطبية والإدارية. وكان سكانها من المسلمين ولهم فيها مسجد بني على أنقاض كنيسة صليبية.

التعليم

وفي سنة 1936، أنشئت مدرسة في القرية بلغ عدد تلامذتها 88 تلميذاً في أواسط الأربعينات، وكان بها أربعة صفوف. وأنشئ الصف الخامس عام 1946. كان بإمكان طلاب صميل مواصلة الدراسة بعد الصف الخامس في مدرسة الفالوجة، إلا أن غالبيتهم كانوا يتركون الدراسة.

الزراعة

في سنة 1569م كانت صميل قرية في ناحية غزة وفيها 363 نسمة. كانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة، بالإضافة إلى الماعز وخلايا النحل.

وكان سكان القرية يتزودون بمياه الاستعمال المنزلي من بئر عمقها 48 متراً، يدعونها بئر الخليل، تبعد 2 كيلومتر عن القرية باتجاه الجنوب على طريق الفالوجة. وكانت في القرية بئر شتوية هي بير الجامع. وكان في محيط القرية عدة أودية منها وادي الصحرا على طرفها الشمالي، ووادي قشطة على طرفها الجنوبي، ووادي البير، ووادي الغار جنوبي صميل.

بلغت مساحة أراضي صميل عام النكبة 19304 دونمات، منها 2620 دونماً تملكها اليهود. كانت الزراعة البعلية وتربية الغنم عماد أنشطة القرية الاقتصادية. وكانت محاصيلهم الأساسية من الحبوب والعنب والتين. في 1944\1945، كان ما مجموعه 16093 دونما مخصصا للحبوب و54 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكانت أراضيها محاطة بأراضي جسير والجلدية من الغرب، ومن الجنوب عراق المنشية، ومن الجنوب الشرقي زيتا، ومن الشرق ذكرين، ومن الشمال والشمال الشرقي أراضي بركوسيا وبعلين، ومن الشمال الغربي تل الترمس.  

يذكر عبد المعطي الدرباشي، وهو لاجيء من صميل يسكن في الأردن، في كتابه " صميل الخليل قريتي"، (ص 18) أن اليهود امتلكوا قبل النكبة حوالي 6 آلاف دونم باعها لهم إقطاعيون من غزة كانوا قد ملكوا أرضاً في صميل بالفترة العثمانية. حيث باع آل أبي رمضان في سنوات الثلاثينات أرضاً إلى مهاجر يهودي بريطاني فقام هذا ببيعها إلى الصندوق القومي اليهودي "قيرن قييمت"، وفي الأعوام 1945 – 1946 باع آل العلمي للقيرن قييمت قطعة الشاميات، وأبو حليوز وبير الجارية وجرفان الخليل. وقد نشرت مجلة "روز اليوسف" المصرية هذا الخبر آنذاك.

السكان

تقسم القرية إلى حارتين، الحارة الغربية وسكنت فيها الحمائل التالية: الدرباشي، سلمي، سالم (ومنها سالم ومسلم وسريوة)، عيسى، عادي، النجار، أبو حميدان، خالد، الخطيب، البيروتي، الراعي، الشلالفة، عبد الواحد (حجاج فيما بعد)، الخدر . والحارة الشرقية وسكنتها الحمائل التالية: عوض (البشايرة)، صبح، رمضان، طه، العقدة، أبو علي، حماد، أبو زيد، نوفل، معمر، شلاش، ياسين، عوض الله، وأبو زاكية. وكان في صميل مختاران، مختار أول وهو الحاج أحمد سلمي من الحارة الغربية وكان ذا شان عند الحكومة البريطانية وبين الناس، وكان ذا مكانة في القضاء العشائري. أما المختار الثاني فكان من الحارة الشرقية، وقد تولّى يوسف أحمد عوض المخترة قبل النزوح بعدة سنوات، بعد أن سجن الانجليز المختار محمد محمود عوض الله رمضان ونفيه إلى عكا لمدة 6 أشهر. وكانت كل حمولة من الحمائل الست الكبيرة في القرية تعين ممثلاً لها في مجلس القرية لمعاونة المختارين في حل مشاكل القرية.  

بلغ عدد سكان القرية عام 1945م إلى 950 نسمة. وفي إحصائيات 1931 كان عدد السكان 692 نسمة منهم 339 من الذكور و353 من الإناث، سكنوا في 178 منزلاً. أما عدد السكان يوم احتلال القرية فيقدر بحوالي 970 نسمة وكان لهم حوالي 190 منزلاً.
وكانت بيوت القرية مبنية من طين سوى عدد قليل منها بني من الحجر والأسمنت مثل بيت المختار الحاج أحمد سلمي، وبيت اسماعيل ابراهيم الدرباشي وبيت المختار الثاني يوسف أحمد حسن، والمسجد والمدرسة. وقد دمرت السلطات الإسرائيلية كل منازل القرية.
ويذكر الباحث الفلسطيني سلمان أبو ستة أن عدد سكان صميل عشية النكبة كان 1102.  

احتلال القرية

سقطت صميل خلال إحدى الهجمات التي كان لواء جبعاتي يشنها جنوباً، وذلك خلال الفترة المعروفة بـ " الأيام العشرة"، أي ما بين هدنتي 8-18 تموز\ يوليو 1948. ولا يعرف على وجه التحديد متى احتلت القرية، لكن من المرجح أن تكون سقطت في المراحل المبكرة من العملية، بين 9- 14 تموز. وخلال هذا الهجوم نجحت القوات الإسرائيلية في احتلال رقعة واسعة من الأراضي الواقعة جنوبي طريق الرملة- القدس وهجرت أكثر من 20000 شخص. وكان قد سبق هذا الهجوم هجمات متكررة من قبل المنظمات الصهيونية. وقد قاوم سكان صميل قدر استطاعتهم رغم قلة السلاح والذخيرة، وقد سقط منهم 17 عشر شخصاً (الدرباشي، صميل قريتي،ص 65)، خلال الأشهر الأخيرة قبل سقوط قريتهم في تموز 1948. قسم منهم في مواجهات خارج القرية وقسم منهم خلال الدفاع عنها ومنهم من سقط في كمائن نصبها اليهود على الطرقات وفي الحقول المحيطة بالقرية. وذكر كتاب "تاريخ حرب الاستقلال" تنفيذ "عدة عمليات تطهير" في المنطقة من قبل المنظمات الصهيونية تجاه المواطنين الفلسطينيين، وصميل هي إحدى القرى المذكورة في هذا الصدد، وقد طرد سكانها شرقا نحو منطقة الخليل. ويعيش أهالي صميل اليوم في مخيمات اللجوء في غزة، خاصة مخيم النصيرات، والأردن في مخيم البقعة، والضفة الغربية في مخيم الفوار، وفي عدة مدن أخرى في فلسطين والشتات، كالخليل وبيت لحم ونابلس وأريحا والرملة وعمّان. ويعيش اليوم داخل دولة إسرائيل عائلتان فقط من صميل، إحداهما من دار الدرباشي والثانية من دار حجاج أو عبد الواحد، وتسكنان في الرملة.

القرية اليوم

هدمت إسرائيل كل بيوت القرية ومدرستها ومسجدها. لا تزال تشاهد بقايا سور ترتبط به أسس بعض الغرف لعلها بقايا حصن قديم، وهناك قوس مبنية تبدو كبقايا بيت. ولا توجد آثار للمقبرة. أما ما عدا ذلك فإن النبات البرية كالخبيزة والخرفيش والشومر والحشائش البرية تغطي موقع القرية. وثمة أيضا بعض شجيرات شوك المسيح والجميز وسياجات كثيفة من نبات الصبار، ولا تزال تشاهد طريق قروية قديمة وإلى جانبها صف من نبات الصبار. أما الأراضي المجاورة فيستغلها المزارعون الإسرائيليون. يقع موقع القرية اليوم في منطقة طبيعية تابعة للصندوق القومي اليهودي، ويستعمل كمرعى للمواشي.

بعد النكبة، أقيمت أربع مستعمرات على أراضي صميل هي: سْجولَه ومنوحه ونَحََله في سنة 1953، وفردون في سنة 1968. أما كيبوتس قِدمَه، فأقيم عام 1946على أراضي تل الترمس المتاخمة لقرية صمّيل، وقد ترك المستوطنون هذا الكيبوتس عام 1962 لأسباب اقتصادية، وتم إنشاء مدرسة داخلية إسرائيلية تحمل نفس الاسم في بيوت الكيبوتس عام 1979 وما زالت المدرسة قائمة حتى اليوم.

-------------------

المصادر - מקורות

     - عبد المعطي الدرباشي، صميل الخليل قريتي، عمّان، 2000
     - עבד אלמעטי אלדרבאשי, סמיל אלח'ליל הכפר שלי, עמאן, 2000
-     الموسوعة الفلسطينية، دمشق، 1984. (האנצקלופדיה הפלסטינית, דמשק, 1948)
-    وليد الخالدي، كي لا ننسى، بيروت، 1997. (וליד אלח'אלדי, (ערבית) כדי שלא נשכח, בירות, 1997)
-    زيارة القرية (ביקור באתר הכפר)
-    Salman Abu Sitta, The Palestinian Nakba 1948, 2000.
-    Walid Khalidi, All that Remains, 1990
-    www. wikipedia.org
-    www.zochrot.org
-    www.palestineremembered.com

 




لتحميل الملف