المُلاك الأصليّون: غير معروفين

معلومات عامة:
بعد الاطّلاع على ملفّ المبنى في أرشيف بلدية تل أبيب، عرفنا أن المنزل يقع في بلوك/حوض 7024، قسيمة 4.
حتى عام 1948، سميّ هذه الشارع بالملك غازي. الجزء الجنوبي من شارع شِڤطي يسرائل (من جادة إرليخ باتجاه شارع يافت) سميَ بعبد الرؤوف البيطار، على اسم رئيس بلدية يافا.

شيّد المبنى في بداية الثلاثينات، ويمكننا رؤيته بوضوح في الصور الجويّة التي التقطت عام 1935 على يد مصورّي الأمريكان كولوني في القدس. في الصور الجوية التي التقطت ابتداء من منتصف العشرينات وحتى الثلاثينات، يمكننا رؤية منازل الحي، مسجد النزهة والجادة المزدهرة.

تاريخ المبنى والمنطقة قبل عام 1948: حوار مع إسماعيل أبو شحادة، من مواليد يافا
يحد شارع الملك غازي من الغرب حيّ النزهة. وهو يربط بين شارع فيصل (حاليًا شارع يهوده هيميت) وشارع الدجاني (حاليًا شارع إرليخ). مع توسيع جادة الملك جورج (أو جمال باشا سابقًا) نحو الجنوب، اتسع أيضًا حيّ النزهة من كلا الجانبين.  خلال العشرينات ازدهر الحي ووصل الازدهار أوجه في الثلاثينات، حيث أقيمت فيه عدة مدارس: "أقيمت مدرسة العامرية الثانوية عام 1937، وقد شملت مكتبة احتوت على 4700 كتاب. افتتحت مدرسة الزهراء عام 1938، وسمّيت على اسم مدينة الزهراء في الأندلس، إسبانيا. تحولت حاليًا إلى المدرسة العربية "لِڤ يافو" ومدرسة ڤايتسمان. كما ونشطت في حي النزهة قبل عام 1948 مدرسة الإيوان."
في الحوار الذي أجريناه مع إسماعيل أبو شحادة، أبو صبحي، من مواليد مدينة يافا عام 1926، يسترجع أبو صبحي ذكرياته من المدارس التي تعلم فيها، حيث درس في العامريّة ومن ثم تابع دراسته في الزهراء، والتي كانت حسب أقواله بعثة لجامعة الأزهر المصرية. كان يطمح إلى متابعة الدراسة ولكن الحرب العالمية الثانية حالت دون ذلك.

عام 1933 أقيم جامع النزهة الذي لا يزال قائمًا وفعّالًا حتى يومنا هذا، حيث أصبح رمزًا للحي. أقيم المسجد على يد الحاج علي خميس. في حوار أجريناه مع وائل قبطان أخبرنا بأنّ عمته مريم قبطان كانت من ضمن المتبرعين الرئيسيين لشراء الأرض وبناء المسجد.
أخبرنا أبو صبحي أنّ مريم أبو خضرا هي التي قامت بشراء الأرض التي يقع عليها المسجد وساهمت في بنائه. يضيف أبو صبحي أنّ المسجد سمّيَ في السابق مسجد أبو خضرا. كانت أبو خضرا عائلة كبيرة وغنيّة، حتى أنّ الشارع سميّ على اسمها. يخرج شارع أبو خضرا من مسجد سكسك في سوق العتق.

ويسهب حديثه عن حي النزهة قائلا إنّه أقيم في العشرينات على بيارات واسعة. كل من أراد بناء منزل كان يقدم طلبًا بسيطًا للبلدية، يدفع رسومًا بسيطة، وإذا كانت الأرض خالية، يمكنه بناء منزله عليها. ويضيف أنّ تسمية الحي نبعت عن الرغبة في إقامة حي حدائقي للتنزّه (على غرار مدينة تل أبيب الحدائقية).

نشطت في الحي الحياة الثقافية، حيث أقيمت في أنحائه دور السينما- أولها سينما أپولو التي أقيمت في ركن شارع العجمي (يافت) والدجاني (إرليخ)، أي مباشرة فوق الحيّ.  بالإضافة إلى عروض الأفلام، أقيمت في سينما أپولو أيضًا عروض موسيقية ومؤتمرات. عندما أقيمت سينما الحمرا في جادة الملك جورج، بجوار مبنى البلدية الجديد، احتلت مكان سينما أپولو. كما ونشطت هناك سينما أوريينت وسينما فاروق. يتذكر أبو صبحي مجدّدًا مشاهدته للأفلام الصامتة في سينما أپولو والسقف المفتوح في سينما فاروق. 
بعد أن كان حي النزهة مركزًا للحياة الحضرية العصرية خلال العشرينات، الثلاثينات والأربعينات، تم محو تاريخه كاملا بعد عام 1948. كل محاولاتنا لإيجاد معلومات عن المنزل الواقع في شارع شِڤطي يسرائل 23 باءت بالفشل. وجدنا في ملف المبنى في أرشيف البلدية وثائق تعود إلى الخمسينات. إحدى الرسائل التي تعود إلى عام 1953 والموجّهة إلى "القيّم العام"، المالك الحالي للمبنى، تفشي بالماضي ولكنها لا تكشف عن التفاصيل. يدلّ ملف المبنى على أنّ ملكيته بقيت بيد شركة التطوير-عميدار حتى عام 1992 على الأقل. 
مسار البحث عن الدلائل أدّى بنا إلى فحص ملفات بناء المنازل المجاورة، وقد التقطنا طرف الخيط في المبنى المجاور.

خرائط بيت رقم 21 التي تعود إلى العام 1938 تشير إلى أنّ صاحب المنزل المجاور هو الحاج إبراهيم أبو سيف والمهندس المعماري هو أ.ر.عبده. يقع المنزل على القسيمة 38 (حسب خطّة القسائم والأحواض الانتدابية)، الحوض 24. محاولاتنا للتواصل مع عائلة أبو سيف باءت بالفشل. أخبرنا أبو صبحي أنّها عائلة كبيرة ولا تزال مقيمة في يافا حتى أيامنا هذه، في حي يافا د. كما ويدّعي أنّ أصول العائلة تعود إلى جبليّة في الجنوب.

كما ولم نجد أي معلومة عن المنزل رقم 25، ولكن المنزل 27 القائم في نفس الشارع يبيّن هو الآخر شرخًا في جدار المحو. هناك خرائط تعود إلى العام 1929 وهي مسجلة على اسم خليلي سكسك، وهو على ما يبدو فرع آخر لعائلة سكسك الكبيرة. 

تاريخ موجز للمنزل منذ عام 1948:
جميع المنازل القائمة في نفس الجهة من الشارع انتقلت إلى يد القيّم العام بعد عام 1948 حسب قانون أملاك الغائبين. حافظ المنزل على واجهته الأصلية. حسب الوثائق التي وجدناها في ملف المبنى في الأرشيف، أعيدَ ترميم الواجهة حسب مواصفات المبنى الأصلية.
منزل رقم 27 حوّل منذ الخمسينات إلى بقالة. يوجد في الشارع فرعان لحمّص أبو حسن الأسطوري. توجد في المنزل رقم 23 حاليًا 3 شقق سكنية. يقطن في هذا الشارع سكان عرب ويهود. البعض منهم يملكون شققًا والبعض الآخر يستأجرونها من شركة عميدار. 
اختتم أبو صبحي الحوار متسائلا: "ما الذي حصل بالناس وجعلهم يميّزون طوال الوقت بين اليهودي، المسيحي والمسلم. كنّا في الماضي نعيش سوية، يافا كانت مدينة جميلة ووفرت لنا جميعًا إمكانية العيش بكرامة."




لتحميل الملف