ولدت سنة 1948 في بيت في حي الجبلية خلف السفارة الفرنسية
هاجرنا سنة 48، رحنا على الضفة على رام الله، كنت صغير، شهر وعشرين يوم مثل ما بتحكيلي جدتي الله يرحمها. مرينا عن قرية جمزو، كان الناس متجمعين هناك عند بير حتى يشربوا مي، حكوا لي عن واحد كان معه بغلة ويصيح مين ياخذ البغلة ويعطيني شرية مي المرة بدها تموت، كانت الناس عطشانة. كان في ناس ميتة على الطرق. أهل يافا سمعوا عن مجزرة دير ياسين، الناس قالت نهرب أحسن، ننفد بحياتنا، بعرف القصة من جدتي، في ناس رمت أولادها.
جدتك حكت انه الناس هربت من يافا قبل ما ييجو اليهود؟
نعم، وصل الخبر عن دير ياسين والناس قالت اهربوا وكان يهود يعرفوا عربي كانوا يقولوا يللا على عبد الله يعني الملك عبد الله. هذه كانت قصة تهجير، مش حرب يعني، بدهم أرض من غير شعب. والسياسة لليوم هيك بدهم أرض من غير شعب.
مين هجر من عائلتك؟
أبوي كان متزوج جديد، هجر. اعمامي الاثنين ظلوا هون، أحمد ومجمود سلطان، عندهم فرن سلطان. توفوا الاثنين الله يرحمهم. هم ظلوا بيافا ومعهم سيدي أبو أبوي. أبوي هاجر مع امي وأهل أمي. ما شفناش اعمامي حتى ستة ال- 67 لما صارت الحرب وكان عمري 19 سنة.
ليش قسم هاجر وقسم ظل؟ كيف الناس كانت تقرر؟
خافوا، الواحد بهرب بعرضه أهم إشي. اللي ظلوا هون مثل جدتي ختيارة فش عليها خوف. واعمامي شباب وسيدي زلمة وختيار. أما أمي صبية. وأختها بنت 17 سنة، فكان الناس يهربوا بعرضهم. في ناس حتى فلتوا مالهم وهربوا بعرضهم.
شو سبب الخوف على العرض؟ سمعوا عن قصص تعدي على العرض؟
سمعوا عن دير ياسين. ولما وصلوا اللد عرفوا عن مجزرة جامع دهمش. كل اللي تخبوا فيه اتقتلوا، رغم انه بيت الله اللي المفروض الواحد يكون فيه آمن.
كان في جيش على الطريق يقشطوا الناس الذهب والمصاري. وقسم من الناس ماتت على الطريق. ستي أم أمي كانت تحكي انها أخذت معاها بقجة فيها فساتين وغيارات أواعي وبس. سيدي طلع مع ثلاث قروش ونص. وخبـّوا ذهباتها بالبيت أحسن لا حدا يقشطها اياهم. وهاجروا. الدار تهجرت وسكن فيها ناس ثانيين. أنا رجعت بعد ال- 67. عمي أخذني على المنطقة وقال لي انه هذي الدار اللي انت انولدت فيها. كان فيها يهود. ما حكيناش معاهم. في الدار كان سيدي واعمامي الاثنين. وضع البيت ما كانش كل هالقد منيح. أبو داود صاحب سيدي قال له تعال اسكن معي، أنا ساكن لحالي، مرتي راحت على غزة مع الاولاد وأنا ظليت احرس الدار. فانتقل سيدي يسكن معاه. وظل هناك. أنا في ال67 رجعت لحالي. أبوي ما قدرش يعيش بالقدس ورام الله. أملاكه هون. عنده بيت هون وبيت باللد وعنده مخبز هون. لما وصلنا القدس سنة الخمسين يمكن، كانوا يحكوا انه الوضع في غزة أحسن. كانت الناس تسافر زي الغنم في الترك عشان تروح على غزة. أبوي وأمي وستي راحوا على غزة. بس أبوي ما قدرش يعيش هناك. طلب من أمي يرجع على القدس. أمي رفضت لأتها حامل. أبوي كان يشتغل في فرن بمخيم النصيرات. أبوي أخذني وراح مع ثلاثة لدادوة بعرفوا الطريق بده يتسلل للقدس. أخذني معاه للقدس. كنا نخاف نمشي بالنهار ونمشي بالليل. خوف من "مشمار هجفول" (حرس الحدود). وصلنا القدس، سكنا فترة داخل الحرم وبعدين سكنا في حارة المغاربة، اليوم الحارة عملوها ساحة كبيرة. كان هناك شجرة توت كبيرة، هاي كانت باب دارنا. أبوي ، بعد كم يوم من رجوعنا للقدس حاول يرجع على يافا حتى يجيب مصاري، راح وما رجع وما وصل يافا. ما بنعرف عنه إشي. أنا عشت عند ستي. سنة ال- 66 الوكالة أعطتنا بيت وسكنونا في مخيم شعفاط. فرغوا القدس من عرب كثير. سكنت بالمخيم حوالي سنة. بعد الحرب رجعت للبيت اللي كان في القدس. النا اوراق هناك. كنا مستأجرين البيت من متصرف لواء القدس. أنا بدي أشتري البيت اللي ساكن فيه هون ومش راضيين، بدهم يعرضوه في مناقصة، ومن حقي أشتريه.
أمي ظلت في غزة وخلفت بنت وبعدين تجوزت. في كثير ناس من يافا ساكنين في غزة. كل السنين هاي عشت من غير أب. بعدين عرفت انه صار عليه طخ وهو يحاول يرجع ليافا.
بعد ال- 67 ، رجعت ليافا، ما سألناش عن أغراضنا وما دخلنا بيوتنا. كان في معنا أوراق لحد قبل أربع خمس سنين، كان فيهن كواشين الأرض ولكن مش مسجلة في الطابو. مكتوب فيها من مين اشتروها ومين شاهد عليها. بنت خالي مزعتهم قبل أكم سنة. . الفرن راح كمان.
كنت متعلم دهان ونجارة في مدرسة دار الأيتام في القدس. بعد الحرب مباشرة حاولت أشتغل في القدس وكن ما أعجبني الوضع. جيت على يافا. عشان معي هوية قدس كان مسموح اوصل هون. شفت الوضع هون أحسن. عمي قال لي انزل على الشغل معنا بالفرن. اشتغلت ثلاث سنين ونص. اشتريت (خلو) من شركة عميدار غرفة ونص. تجوزت وسكنت فيها. كانت هذي شقة مقسومة الى قسمين. كان ساكنة فيها معانا عيلة يهودية، عائلة بيرتس اسمها، كانوا يعطوا اليهود شقة سكنية في مشاريع اسكان مثل بات يام، أما للعرب ما كانوا يبنولهم. حالياً القسم اللي طلعت منه عائلة بيرتس في الشقة تبعتنا، وكان ثلاث غرف، أجت شركة عميدار وهدمت قسم من السقف وأخرجت البلاط وتركتها. بس البيتين مشبوكات ببعض وشو بصير هناك بأثر على بيتي. كل المطر بالشتاء دخل على بيتي. أنا كنت بالقسم اللي بالواجهة. كنا مع جيرانّا اليهود عايشين منيح. ثلاث سنين كنا جيران ومبسوطين. بس لمّا الحكام بعملوا تفرقة بخربوا العلاقة.
أنا ساكن بالبيت من سنة ال-70 – 71. أجو ناس من الأردن من دار أبو حجر وقالوا هاي دارنا. كانوا بزيارة. استقبلتهم وضيفتهم. بعد ما تركت عائلة بيرتس توجهت لعميدار حتى أشتري القسم الثاني. قالوا انه هذا القسم للهدم وهدموا قسم من الغرف هناك ووضعوا حاجز بيني وبينهم. لكن الوضع اللي عملوه جاب ضرر عليّ. طلبت منهم يصلحوا الوضع لكن ما استجابوا. اضطريت اني اصلّح بنفسي وأوسع على عيلتي. وصلّحت الغرف الثلاث الإضافية. عميدار اتهموني بخرق العقد معاهم وأصدروا أمر محكمة بإخلائي.
يعني حسب عميدار انت "غاز ومستول" على أملاكها؟
صحيح. ولأني هيك طلبوا أخلي كل البيت وأدفع 123 ألف شيكل أجار القسم اللي توسعت فيه. فطلبت يبيعوني فرفضوا وقالوا انه البيت راح يعرض في مناقصة للبيع. مع انهم – تبين لي بعدين- قدّروا ثمن البيت ولكن ما وصلني هذا التقدير. تقصير من المحامي تبعي. وأنا مستعد أدفع حسب التقدير تبعهم. رحت على عميدار وسألتهم عن سبب المحكمة ضدي مع اني مستعد أشتري. ادعوا انهم بعثوا لي التقدير واني رفضت. وبالمحكمة كان التقدير 800 ألف شيكل والحاكم طلب يخصوا تكاليف شغلك في البيت ونزل التخمين لمبلغ 373 ألف شيكل. أنا قلت انه هذا الإشي ما وصلني. اللي وصلني هو حكم بالإخلاء لأني ما وافقت على قرار المحكمة. لو فرضنا إنه المحامي تلاعب بالموضوع أو اني ما أجيت للمحكمة أو كان سوء تفاهم، طيب اليوم الموضوع واصح وأنا مستعد أدفع المبلغ. عميدار بقولوا انه صار متأخر. وقّـفت محامي جديد. وطلبت من عميدار إنه نبدأ المعاملة من جديد لكنهم رفضوا واقترحوا إخلائي وإنه يعطوني سكن بديل في محل ثاني. أنا مش موافق أطلع من البيت. واضح إنهم بدهم يطلعوني من البيت ويربحوا عليه ملايين. والقضية لا زالت مفتوحة. أنا واحد من 495 شخص في يافا اللي أجاهم أمر هدم أو إخلاء. أو بدهم يماطلوا ويضغطوا حتى أطلع أو اتفق معهم بطرق ثانية. ما بعرف كيف راح تخلص القضية.
شو حسيت لما أجو اصحاب البيت الأصليين وزاروا بيتهم وأنت ساكن فيه؟
والله حسيت إني لازم أحافظلهم عليه. انجرحت عشانهم ، كيف يطلعوا منه. لو بقدر أرجعهم برجعهم مع انه كلفني البيت كثير. تذكرت مرارة ستي لما مرت جنب بيتها وما دخلت تسأل مين ساكن فيه.
--------------------------------
اجرى المقابلة وكتبها: عمر الغباري
تاريخ المقابلة: آب 2007
مكان المقابلة: بيت الراوي، حيّ العجمي - يافا