محمد قاسم طه

03/11/2010
المنشيـّة (عكا)

تذكّر العذابات التي كان يُلاقيها ذويه وأهل قريته من جنود الإنتداب البريطاني للسنوات التي سبقت نكبة فلسطين في العام 1948، قائلاً: كانوا يطوّقون البلدة بحثاً عن الثوار والسلاح خلال ثورة العام 1936، التي قادها الشيخ عز الدين القسام، وكانوا يطلبون من الأهالي الحضور الى ساحة البلدة، ويجبرون النساء والأطفال على الجلوس أرضاً، فيما يأخذون الرجال والشبان ويحفرون لهم خندقاً طويلاً يضعونهم داخلها ويطمروهم بالتراب حتى صدورهم. كما كانوا يقومون برمي الشباب فوق أشجار الصبير - ذات الأشواك الكثيفة والصلبة جداً، في محاولة للضغط عليهم،

فضلاً عن محاولة الإنكليز إحداث فتن وقلاقل بين الفلسطينيين، حيث قاموا بقتل الدكتور أنور الشقيري (نجل أسعد الشقيري حاكم منطقة الجليل)، والذي كان طبيباً يساعد الثوار ويداويهم في الجبال حيث يتمركزون، فقتله الإنكليز ودسوا الدسائس والشائعات، أن الثوار قد قتلوه.

وأضاف: كان الإنكليز يدعمون العصابات الصهيونية ويسهّلون لها الحصول الهجرة من خارج فلسطين الى داخلها، وهكذا كنت أسمع والدي وأصدقائه ورجال البلدة يتحدّثون عن الإنكليز ودعمهم ومدهم للعصابات اليهودية بالسلاح وتسهيل الإستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات عليها، وهم الذين أعطوا وعداً لليهود بإعطائهم فلسطين وطناً لهم.

وأشار الى «أن العصابات الصهيونية بدأت في العام 1948 بمهاجمة القرى الفلسطينية في الجليل الشمالي، وحينها قام أهالي المنشية وعكا بإغلاق الطريق على المستعمرات الصهيونية في نهاريا وماروتا، وكانوا يطلقون النار على سكانها، ثم بدأت المعارك واشتدت بين الثوار الفلسطينيين والعصابات اليهودية، أما جيش الإنقاذ فقد وضع مدافعه على تلة عالية اسمها «تلة نابليون - شرق مدينة عكا»، وفي إحدى الليالي فوجئنا بأن جيش الإنقاذ قد انسحب من تلك التلة، وعسكر مكانه مسلّحين يهود، وبدأت معركة كبيرة استمرت لمدة أسبوع، سقطت بعدها عكا ودخل الصهاينة إليها، ثم تابعوا سيرهم بإتجاه بلدة الناقورة اللبنانية، محتلّين القرى التي مروا بها، ومرتكبين المجازر بحق المدنيين من الأهالي. وخلال القصف الصهيوني على البلدة تم تدميرها تدميراً كلّياً، فيما تابعت النساء والأطفال سيرهم الى كفر ياسيف، ثم الى بلدة جولس ثم الى لبنان، حيث نقلتنا حافلات اللاجئين الى بلدة عدلون في الجنوب اللبناني، ومكثنا هناك حوالى عام، الى أن تم نقلنا في العام 1949 الى مخيم عين الحلوة، وكان «الصليب الأحمر الدولي» يُقدّم لنا مواد غذائية، فيما قامت منظمة «الأونيسكو» بنصب خيمة كبيرة وتدريس الطلاب فيها، وبعد ذلك افتتحت مدرسة متوسطة هي تكميلية حطين.

وختم طه بالقول: لقد عملت في البناء والزراعة وثم حفر الآبار، الى أن إنخرطت في العام 1970 في العمل الفدائي. ونحن لا يُمكن أن يفرض علينا أي حل لا يحقق لنا العودة الى أرضنا فلسطين، فحق العودة هو فردي وجماعي، ولا يُمكن التخلّي عنه، ومعروف عن شعبنا الفلسطيني أنه لا أحد فيه يفرّط بذرة تراب من تراب فلسطين.